استمرار الركود الاقتصادي في الحسكة وخبير اقتصادي يقول "لا حلول في المدى القريب"

الحسكة – دلسوز يوسف – نورث برس

 

أمام بسطة مفروشة بالألبسة الأوربية المستعملة (البالة) في سوق بلدة تل تمر، /40/ كم شمال مدينة الحسكة، تساوم سيدة عشرينية صاحب المحل لخفض ثمن قميصين قامت بانتقائهما من بين أكوام الألبسة لطفلها الذي كان يرافقها، لينتهي النقاش بينهما بتوافق على مبلغ يرضي الطرفين.

 

ركود حركة الأسواق

 

وبالدخول إلى شارع "فلسطين" بالسوق الرئيسي في البلدة وعصبها الاقتصادي، يلاحظ المرء قلة المتسوقين فيه بعد تأثر السكان المحليين بانهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار مقارنة بما يشهده من اكتظاظ عادة.

 

ورغم رخص الألبسة المستعملة (البالة) مقارنة مع الألبسة الجديدة ضمن المحلات، إلا أنها تشهد تراجع الإقبال عليها بسبب تركيز السكان على تأمين لقمة العيش في ظل عدم توفر فرص عمل للكثيرين، وفق ما يقوله إسماعيل محمد، صاحب محل ألبسة بالة في بلدة تل تمر(40 كلم شمال غرب الحسكة).

 

وقال "محمد" الذي يعمل في هذه المهنة منذ ثلاث سنوات إن "الحركة الشرائية ضعيفة جداً مقارنة مع السابق، فمنذ ارتفاع سعر الدولار بات تركيز السكان ينصب على كيفية تأمين لقمة العيش".

 وأضاف أن كثيراً من الباعة كانوا سيوقفون أعمالهم في ظل ضعف حركة البيع، لولا التدهور المعيشي الذي طال معظمهم، "ماذا نفعل نحن مجبرون على العمل".

 

وقال محمد إبراهيم (45 عاماً) وهو صاحب محل للمواد الغذائية في مدينة الحسكة، إن ارتفاع الدولار أجبره على إغلاق محله لأيام خشية التعرض لخسائر كبيرة، "قمت بإغلاق محلي عندما ارتفع الدولار قبل فترة كي لا يلحق الضرر بي وبالمواطنين، فجميع السلع تضاعفت أسعارها وهو أمر لا يقبله العقل والوجدان".

 

وأضاف "إبراهيم" أن استقرار سعر صرف الدولار خلال الأسبوعين الفائتين، "حسّن الوضع قليلاً"، ولكن الخوف من ارتفاع جديد لا يزال موجوداً وهو ما سيؤدي إلى كارثة اقتصادية إن حدث، وفق تعبيره.

 

"وضعية المزهرية"

 

ويتهم أصحاب محلات الصرافة البنك المركزي في دمشق بعدم التحرك تجاه التلاعب الذي يجري في سعر الدولار دون الاكتراث للوضع المعيشي المتدهور في المناطق السورية عموماً.

 

وقال محمود سليمان، وهو صاحب محل صرافة في سوق بلدة تل تمر، إن "البنك المركزي في دمشق أخذ وضعية المزهرية، فهو يقوم بالترويج لهبوط سعر الدولار ويصدر القرارات، لكن لا تأثير له على أرض الواقع، بل إنه يحاول الاستفادة من الارتفاع عبر سحب الدولار من الأسواق عن طريق تجاره".

 

وأردف: "الأوضاع الاقتصادية بالبلد متدهورة، والشعب هو المتضرر الأكبر لأنه لم يعد بمقدوره تأمين احتياجاته المعيشية".

 

ووصل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي إلى حاجز الـ/4000/ ليرة سورية، بحسب أصحاب محلات صرافة بالحسكة، ثم انخفض إلى أن استقر خلال الأسبوعين الفائتين عند حوالي /2500/ ليرة.

 

الطلب على الدولار رفع سعره

 

ورغم التأكيدات من التحالف الدولي ومساعي الإدارة الذاتية في شمال شرق لاستثناء مناطقها من تداعيات عقوبات "قيصر" المفروض على سوريا منذ الـ /17/ من حزيران/ يونيو الفائت، إلا أن مراقبين يرون أن تأثيرات العقوبات ستشمل مناطق الإدارة الذاتية ما دامت تتعامل بالليرة السورية.

 

بينما رأى أيمن كلش، وهو خبير اقتصادي من الحسكة، أن "الترويج الاعلامي والإشاعات الزائفة" لقانون قيصر أدت إلى إقبال كبير على شراء الدولار ما تسبب في ارتفاعه بشكل كبير.

 

وأضاف أن أحد أهم أسباب نسب الارتفاع المفاجئ في سعر الدولار هو الإقبال الشديد على طلبه وتحويل الليرة السورية إلى الدولار الأمريكي، الأمر الذي سبب عدم توازن في العرض والطلب وأدى إلى ارتفاع كبير في سعره خلال فترة زمنية قصيرة.

 

ويضيف كلش أن "الفجوة الكبيرة التي خلقتها القفزة في ارتفاع الدولار تسببت بانخفاض القدرة الشرائية لدى السكان وركود في حركة الأسواق".

 

وأشار إلى أن الأزمة الشرائية والاقتصادية لا تزال مستمرة ومؤثرة على معيشة المواطنين بشكل كبير، ولا حلول تلوح في المدى القريب لحلها، وفق رأيه.