شبان من ريف الرقة الشرقي يروون تجربتهم في الإقلاع عن أدوية مخدرة
الرقة- فواز العكلة- نورث برس
بعد إدمان دام أكثر من عام ونصف على تناول حبوب "الترامادول" ومضاعفات جسدية، عاد ضياء العلي(20عاماً) من سكان قرية حمرة ناصر/16/ كم شرق مدينة الرقة إلى حياته الطبيعية ليمارسها بشكلها الاعتيادي ويعمل في مجال النجارة بقريته.
وكان العلي والذي لم يكن يتصور أبداً أن يصل به الحال إلى الإدمان، يتردد منذ عام 2018 إلى الصيدليات المتواجدة في منطقته، ليشتري حبوب "الترامادول" دون وصفة طبية، "كنت أشتري تلك الحبوب بذريعة حاجتي لمسكن ألم قوي، وكنت أتناولها كلما شعرت بالألم أو الحزن، حتى أصبحت مدمناً عليها".
يقول العلي، إن حاله اليوم أفضل بكثير بعد إقلاعه عن تناول ذلك الدواء الذي تسبب له بمشاكل صحية وخسارة مبالغ مالية، بالإضافة لكونها سبباً لدخوله السجن، "كنت أنفق ما أملك على شراء تلك الحبوب، وسجنت بسببها حوالي /25/ يوماً".
وتستخدم حبوب "الترامادول" عادة لتسكين الآلام من الدرجة المتوسطة حتى الشديدة لبعض المرضى الذين أجروا عمليات جراحية، وتصنّف ضمن الأدوية المخدّرة التي يحظر بيعها في الصيدليات إلّا بوصفة طبيّة.
ومن أبرز أضرار إدمان هؤلاء الشباب على تناول حبوب "الترامادول" الفشل الكلوي والكبدي وقرحة المعدة، إلى جانب أنه يدمر الأعصاب وخلايا المخ والمناعة، بالإضافة للتعب والإرهاق جسدي والالتهابات الفيروسية، بحسب أطباء وصيادلة في ريف الرقة الشرقي.
وتنتشر ظاهرة تناول حبوب "الترامادول" منذ العام 2017 بين فئة من الشباب بريف الرقة الشرقي، ممن تتراوح أعمارهم بين /16/ و/28/ عاماً، بحسب مكتب مكافحة الجريمة المنظمة التابعة لقوى الأمن الداخلي في منطقة الكرامة بريف الرقة الشرقي.
ومنعت لجنة الصحة في مدينة الرقة بيع حبوب "الترامادول" دون وصفة طبية منذ بداية عام 2019.
وقال عدنان الحسن، من قسم مكافحة الجريمة المنظمة التابع لقوى الأمن الداخلي بمنطقة الكرامة، إنهم يقومون بدوريات منتظمة لمراقبة جميع الصيدليات في المنطقة "لمنع انتشار هذه الأدوية بين الشباب".
وأضاف أنه تم مخالفة عدد من الصيادلة، الذين يقومون ببيع حبوب "الترامادول" دون وصفة طبية، وتحويلهم إلى النيابة العامة لمحاكمتهم وتغريمهم بسبب ذلك.
وقال علاء المحمد (19عاماً)، وهو من سكان بلدة الكرامة، /25/ كم شرق مدينة الرقة، إنه بدأ بتناول "الترامادول" أواخر عام 2017 كمسكن ألم لمدة ستة أشهر، ولكن منذ بداية العام 2019 بدأ يتعاطاها بشكل مستمر، "كنت أعلم مدى خطورتها، لكني أصبحت مدمناً عليها".
وذكر "المحمد" أنه اعتُقل عدة مرات من قبل مكتب مكافحة الجريمة المنظمة، " تم اعتقالي حين كنت أقوم بشراء حبوب "الترامادول" من الصيدليات دون وصفة طبية".
وبعد إدمان دام سنة ونصف، أقلع المحمد عن تناول هذه الحبوب بعد خضوعه لجلسات علاجية لدى أحد الأطباء.
وقال صيدلاني من منطقة الحوس، /66/ كم شرق مدينة الرقة، إنه تعرض للاعتقال ودفع غرامة مالية بعد قيامه ببيع حبوب "الترامادول" بدون وصفة طبية لشاب ادعى المرض وأصر على أنه بحاجة ماسة للدواء.
وأضاف: "سجنت لمدة ثلاثة أشهر ودفعت غرامة مالية قدرها /700/ ألف ليرة سورية".
وقال الرئيس المشارك للجنة الصحة التابعة لمجلس الرقة المدني، أحمد اسماعيل، لـ"نورث برس"، إن لجنة الصحة تعمل على إنذار الصيادلة بعدم بيع هذه الأدوية دون وصفة طبية.
وأشار اسماعيل إلى أنه في حال تكرار الأمر لأكثر من ثلاث مرات نقوم بإغلاق الصيدلية وسحب رخصة العمل، "وفي حال عدم الاستجابة تقوم بتحويلهم إلى مكتب الجريمة المنظمة التابعة لقوى الأمن الداخلي".
هذا وتم إغلاق أربع صيدليات في مدينة الرقة وتشميعها بالشمع الأحمر، بالإضافة لإنذار /14/ صيدلية بريف الرقة الشرقي ومعاقبة أصحابها بالحبس والغرامات المالية لبيعهم حبوب "الترامادول" دون وصفة طبية، بحسب اسماعيل.
وقامت لجنة الصحة في مدينة الرقة بفرض جدول بيع أسبوعي على الصيادلة لإيضاح كميات حبوب "الترامادول" التي تم بيعها مع ذكر اسم الطبيب واسم المريض، "وذلك للحد من انتشار هذه الحبوب بين الشباب، ومراقبتهم في حال تعاطيها أكثر من مرة دون وجود وصفات طبية".