رغم الاختلاف في توقيت استذكارها.. قوى سريانية في القامشلي تطالب باعتراف دولي بمجازر “السيفو”

القامشلي – ريم شمعون – نورث برس

 

في ذكراها الخامسة بعد المئة، طالبت أحزاب سريانية ومنظمات آشورية والكنيسة السريانية في القامشلي، شمال شرقي سوريا، باعتراف دولي بمجازر "السيفو" التي تتهم فيها السلطنة العثمانية وتركيا في بداية إعلانها بارتكاب مجازر ضد الأرمن والسريان المسيحيين والتي راح ضحيتها ما يقارب المليون ونصف المليون أرمني وأكثر من/750/ ألف ضحية من السريان الآشوريين واليونانيين، بحسب مصادر تاريخية مسيحية.

 

ورغم اختلاف توقيت إحياء ذكرى المجازر بين كنيسة السريان الأرثوذكس وبعض القوى السياسية السريانية، لكن المطالبات هي نفسها والتي تتمحور حول الضغط باتجاه انتزاع اعتراف من المجتمع الدولي.

 

وتحيي كنيسة السريان الأرثوذكس ذكرى مجازر "السيفو" في /15/ من شهر حزيران/ يوينو منذ العام 2014، بينما تحيي المنظمة الآثورية وبعض الأحزاب السريانية ذكراها في /24/ نيسان/ أبريل وهو التاريخ الذي بدأت فيه المجازر.

 

وشهدت ليلة أمس الاثنين، تجمعاً للسريان المسيحيين أمام النصب التذكاري لمجازر "السيفو" في مدينة القامشلي، لإحياء الذكرى الخامسة بعد المئة.

 

وقال زكريا مسعود، وهو كاهن في كنيسة السريان الأرثوذكس في المدينة، لـ"نورث برس": "منذ تنصيب قداسة البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني كريم كرئيس أعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، وبقرار من المجمع المقدس تقرر تغيير موعد إحياء المجازر من منتصف الصوم الخمسيني لتاريخ /15/ حزيران".

 

وتم تغيير الموعد بسبب الأحداث الكثيرة التي شهدتها قرى ومناطق السريان في هذا التاريخ من عمليات إعدام وتعذيب على يد العثمانيين، بحسب الكاهن.

 

ومنذ استلام البطريرك أفرام الثاني كريم كرسي البطريركية، طلب بناء نصب تذكاري في كل أبرشيات السريان في العالم وإقامة الصلوات والقداديس على أرواح ضحايا "السيفو".

وقال الكاهن زكريا إنه: "من خلال إحياء الذكرى سنوياً عن طريق زيارة النصب التذكارية وإقامة القداديس الخاصة بالشهداء، ستكون الكنيسة قد أوصلت ذكرى السيفو للعالم ليتم الاعتراف بها".

 

ورغم معارضة بعض الأحزاب السياسية السريانية إحياء "السيفو" في موعد آخر، إلا أن بعضها اتبع قرار الكنيسة بتغيير موعدها من 24 نيسان/ أبريل، لـ 15حزيران/ يونيو من كل عام.

 

وأحيا حزب الاتحاد السرياني في جميع فروعه بسوريا والمهجر، أمس الاثنين، ذكرى الإبادة، ومن ضمنهم فرع القامشلي الذي قام بزيارة النصب التذكاري الخاص بالإبادة على شارع القوتلي وسط المدينة وإشعال الشموع على أرواح الضحايا.

 

 وقال الرئيس المشارك لحزب الاتحاد السرياني في سوريا، سنحريب برصوم، لـ"نورث برس": "كنا نحتفل بداية بذكرى الإبادة في /24/ نيسان لأنها كانت بداية للمجازر التي شملت الأرمن والسريان الآشوريين والكلدان واليونانيين، حيث بدأت بحملة إعدامات لكثير من المثقفين والشخصيات الأرمنية، ولكن في السنوات الأخيرة حصل توافق بين كنيسة السريان الأرثوذكس وبعض الأحزاب السريانية لتغيير تاريخ إحياء الذكرى، وتحديد يوم /15/ حزيران كموعد جديد".

 

وأضاف برصوم: "في هذا التاريخ اشتدت المجازر والانتهاكات بحق الشعب السرياني وخاصة في منطقة آمد/ ديار بكر، ورغم تغيير الموعد ليكون تاريخاً يخص الشعب السرياني إلا أنه تاريخ /24/ نيسان يبقى رمزاً يدل على الإبادة التي ارتكبت بحق الشعوب كافة، كونه تاريخ بداية الإبادة".

 

وقال: "لا فرق بين التاريخين، المهم هو السير في هذه القضية، ليتم الاعتراف الدولي بها، وتحصيل حقوق جميع الشعوب التي طالتها الإبادة".

 

ويحاول حزب الاتحاد السرياني منذ أكثر من /25/ عاماً، نيل اعتراف الحكومات والبرلمانات الأوروبية بالمجازر التي ارتكبت بحق الشعب السرياني، بحسب ما قاله برصوم.

 

وأضاف: "نعلم أن هناك الكثير من الدول التي اعترفت بهذه الإبادة ولكن باعتبارها إبادة طالت الشعب الأرمني فقط دون ذكر الشعوب الأخرى، وهذا جاء من خلال نضال هذا الشعب منذ مئة عام لينال هذه الاعترافات، نحن كشعب سرياني بدأنا متأخرين المطالبة بالاعتراف بهذه القضية ولكننا حصلنا على نتائج هذه المطالبات باعتراف بعض الدول ومن ضمنها السويد وبلجيكا".

 

وعلى عكس حزب الاتحاد السرياني، لم تغير المنظمة الآثورية الديمقراطية موعد إحياء ذكرى "السيفو"، حيث بقيت على التاريخ القديم 24 نيسان/ أبريل واعتبرت أن قرار الكنيسة السريانية بتغيير موعد ذكرى "السيفو" سبب شرخاً بين أبناء الشعب السرياني وهذا ما يؤكده داوود داوود مسؤول المنظمة.

 

وقال داوود: "قسم كبير من الأحزاب والمؤسسات السريانية ومن ضمنها المنظمة الآثورية تحيي ذكرى السيفو في 24 نيسان/ أبريل، أما الكنيسة باتت تحييها في 15 حزيران/ يونيو وهذا خلق بعض الشروخ بين أبناء الشعب السرياني، مع العلم أن الموضوع ليس موضوع تاريخ أو يوم، بقدر ما هو موضوع محاولة إنهاء وجود شعب في منطقته التاريخية".

 

وتعمل المنظمة الآثورية على إثارة الرأي العام بخصوص هذه المجزرة التي تعتبر بالعرف الدولي "Genocide" أي إبادة جماعية بحسب داوود.

 

وقال: "هذه المجازر لا تموت بالتقادم تاريخياً، لذلك عملت المنظمة على إثارة الرأي العام في البرلمانات الدولية والحكومات من أجل الاعتراف بهذه المجزرة والضغط على الحكومة التركية الوريثة الشرعية للسلطنة العثمانية، باعتبارها المسؤولة على هذه المجازر، وستستمر المطالبة بالاعتراف بهذه القضية للضغط على الحكومة التركية لتعترف بهذه المجزرة وتتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والإنسانية".

 

وحتى الآن تعترف نحو /33/ دولة حول العالم بالمجازر المرتكبة في تلك الحقبة، واعترف مجلس الشعب السوري في دمشق في /13/ شباط/ فبراير الماضي بارتكاب الدولة العثمانية مجازر بحق الأرمن المسيحيين. 

 

وقال المجلس، في بيان، إن الأرمن والسريان والآشوريين كانوا ضحية عمليات تصفية عرقية ممنهجة ومجازر جماعية على يد العثمانيين في تلك الفترة، ودعا برلمانات العالم إلى الإقرار بهذه المجازر وإدانتها.

 

وتعتبر سوريا هي الدولة الوحيدة في جامعة الدول العربية والتي اعترفت بمجازر "السيفو".

 

وفي مناطق شمال شرقي سوريا، دأبت "الإدارة الذاتية" منذ إعلانها في العام 2014 على إصدار بيانات منددة بالمجازر بشكل سنوي وعلى غرار ذلك أصدرت يوم أمس الاثنين، بياناً نددت فيه بمجازر "السيفو". 

واعتبرت، في بيان، أن هذه المجازر "تعبّر عن النهج والسياسة العثمانية التي لا تكاد تمحى من التاريخ ولا من الحاضر". 

 

وأضافت أنه لا تزال تركيا وفصائلها السورية المسلحة تقوم بارتكاب المجازر يومياً في مناطق سيطرتها في سوريا.