ركود اقتصادي ومطالبات بمواجهة الغلاء في الرقة مع اقتراب موعد سريان "قيصر"
الرقة – مصطفى الخليل – نورث برس
دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة مع انهيار قيمة الليرة السورية، الستيني حسن حج حسن، الذي يمتلك محلاً للتمديدات الصحية في شارع "23 شباط" بمدينة الرقة شمال سوريا، إلى بيع الجوارب في محله بدلاً من الأدوات الصحية التي كان يبيعها منذ سنوات طويلة.
"هم الناس بات لقمة العيش فقط، ولم يعد تجهيز حمامات منازلهم أولوية"، هكذا يصف "حج حسن" في حديثه لـ "نورث برس" الظروف التي تشهدها مدينة الرقة مؤخراً مع ارتفاع الأسعار وتوقف الحركة التجارية في أسواق المدينة.
ويضيف أن "تذبذب تسعيرة صرف الدولار أضر بالناس كثيراً، وخاصة أصحاب المحال التجارية, إذ إنهم يشترون من تجار الجملة وفق سعر صرف الدولار، ليفاجئوا بارتفاعه أثناء البيع للزبائن".
وبالرغم من تشابك أسباب عدة، وراء استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية منذ بدء الحرب في البلاد لكن "حسن" يعزي السبب الرئيس في ذلك إلى تحكم فئة من التجار في سوريا بسعر صرف الدولار، مطالباً الإدارة الذاتية بـ "منع التعامل بالدولار".
وتشهد أسواق الرقة كما غيرها من الأسواق السورية، ركوداً اقتصادياً ملحوظاً وارتفاعاً غير مسبوق في أسعار السلع والبضائع، ما أثر بشكلٍ كبير على القدرة الشرائية للسكان في ظل انهيار الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية واقتراب موعد تطبيق قانون عقوبات قيصر على الحكومة السورية.
وفي هذا الشأن يقول محمد العلي (60 عاماً) وهو بائع ألبسة سابقة الاستعمال في شارع "23 شباط" وسط مدينة الرقة لـ "نورث برس"، إن قانون قيصر سيشمل مناطق شمال وشرق سوريا أيضاً، مثلها مثل باقي المناطق السورية، ويردف "المشكلة في الدولار".
ويشير "العلي" إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار أثر بشكل كبير على أسواق الرقة، مضيفاً "حتى الخضار ارتفعت أسعارها وهي ناتج محلي، حيث كان سعر كيلو البندورة /250/ ليرة سورية، لكنه الآن بعد ارتفاع الدولار يباع بـ /500/ ليرة".
وقال ممثل وزارة الخارجية الأمريكية في مناطق شمال وشرقي سوريا، السفير ويليام روباك، في تصريحٍ سابق لـ "نورث برس"، إن "عقوبات قيصر لن تستهدف مناطق شمال وشرقي سوريا أو الشعب السوري بل ستستهدف النظام السوري فقط".
في حين شكك خبراء اقتصاديون وباحثون، بمصداقية الرواية الأمريكية حول عدم تضرر مناطق شمال شرق سوريا بتداعيات "قصير" الذي ستبدأ الولايات المتحدة الأمريكية بتطبيقه خلال الأيام القليلة المقبلة.
ومنذ مطلع هذا العام، ارتفعت قيمة سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بنسبة كبيرة إذ سجلت الليرة أواخر العام 2019 في السوق السوداء /915/ مقابل الدولار الواحد، بينما يتراوح سعر صرف الدولار حالياً ما بين /2450/ و /2550/ ليرة في محال الصرافة المحلية بالرقة.
ومن جانبه يصف نوري التركان (30 عاماً) وهو معلم مدرسة من الرقة، أن تصديق رواية عدم تضرر مناطق شمال شرق سوريا بعقوبات قيصر بـ "المهزلة وأنها مجرد لعبة"، حسب تعبيره.
ويقول لـ "نورث برس"، إن "كل تاجر يبيع بحسب أهوائه بسبب غياب ضوابط للأسعار في منطقتنا والتجار يتحكمون بسعر صرف الدولار، بعكس المناطق التي تقع ضمن سيطرة الحكومة السورية".
ولمواجهة تبعات "قيصر"، شكلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا مطلع حزيران/يونيو الحالي، خلية أزمة اقتصادية لتفادي الأثار السلبية حال تطبيق القانون، والعمل على اقتراح سياسات اقتصادية لضبط عملية المبادلات النقدية في الأسواق وتشجيع القطاع الخاص والصادرات المحلية.
وتقول أمل خزيم الرئيسة المشاركة لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية لـ "نورث برس" إن مهمة الخلية هي الخروج بقرارات تحد من تردي الأوضاع الاقتصادية لسكان المنطقة نتيجة انخفاض قيمة سعر صرف الليرة السورية.
في غضون ذلك قالت بيريفان خالد، الرئيسة المشاركة للمجلس التنفيذي في شمال شرق سوريا في اتصالٍ مع "نورث برس"، إن الإدارة الذاتية تعمل على تحسين الوضع المعيشي لكافة شرائح سكان شمال شرق سوريا، مشيرةً إلى أن "نتائج إيجابية ستظهر خلال الأيام القادمة".