وسط رفض اجتماعي وأذى نفسي.. فتيات يعملن ببيع المنتجات الجنسية في دمشق

دمشق – وحيد العطار – نورث برس

 

في ظل الظروف المعيشية الصعبة ومصاريف الدراسة، وجدت فتيات باحثات عن عمل في العاصمة دمشق فرصاً في التسويق الإلكتروني لمنتجات جنسية ثم توصيلها وبيعها، لكنهن يواجهن صعوبات جمة تتعلق بعدم تقبل أهاليهن لهذا العمل بالإضافة إلى سوء معاملة من بعض الزبائن. 

 

وتحمل سارا إبراهيم (اسم مستعار)، 27 عاماً، وهي طالبة جامعية، حقيبتها صباحاً لتمضي إلى تسليم الطلبات لزبائن كانت قد اتفقت معهم، في وقت سابق، عبر مواقع التواصل الاجتماعي على المنتج الذي يريدونه والسعر ومكان التوصيل.

 

"ربح جيد"

 

وقالت إبراهيم لـ " نورث برس": "أقوم بعرض البضاعة، وهي عبارة عن مواد محفّزة للرغبة الجنسية، على مواقع التواصل الاجتماعي، فيقوم الزبائن بمراسلتي واتفق معهم على توقيت ومكان أحرصُ أن يكون عاماً ومكتظاً بالناس، أسلّمهم طلباتهم وأغادر المكان فوراً".

 

والمنتجات الجنسية التي تقوم سارا ببيعها هي عبارة عن كريمات وحبوب وقطرات وقطع شوكولا يتم تناولها عن طريق الفم تحسّن الأداء الجنسي، بالإضافة إلى أدوية لكلَي الجنسين ومنكّهات توضع على الجسم أثناء الجماع، وأخرى تخص تغيير حجم الأعضاء الجنسية.

 

وتتراوح أسعار هذه المنتجات بين ثمانية آلاف وحتى /25/ ألف ليرة سورية لكل صنف، وغالباً ما يكون الطلب عليها كبيراً وهو ما يحقق نسبة ربح جيدة، بحسب مسوقات تعملن في بيع هذه المواد.

 

"رفض اجتماعي"

 

وتواجه هؤلاء الفتيات رفضاً اجتماعياً صارماً من عائلاتهن نتيجة النظرة السلبية السائدة من عمل الفتيات في هكذا أعمال، وهو ما يجبرهن غالباً لإخفاء طبيعة مبيعاتهن عن أهاليهن.

 

وفضّلت هيام الدالاتي (اسم مستعار) 25 عاماً، وهي طالبة جامعية أيضاً وتحتاج دخلاً لتأمين مصاريف دراستها، إخفاء تفاصيل عملها عن ذويها، لأنها بالإضافة لتوقع الرفض وإجبارها على ترك العمل، قد تلاقي منهم "ردة فعل عنيفة" لأن بيئتها لم تعتد عمل الفتيات في هذا المجال.

 

وقالت لـ"نورث برس":" أخبرتهم أنني أعمل كمسوّقة في شركة تجميل، ولا أعتقد أنهم سيكشفون أمري لأنني أبيع في نقاط بعيدة عن منطقة إقامتي وإن أتاني عرض قريب منها أطلب من زميلاتي في العمل تأديته مثلما أفعل معهن إن احتجن لي".

 

مضايقات

 

وتشتكي العاملات في بيع المنتجات الجنسية من تعرضهنّ لمضايقات وشتائم من الرافضين لعملهم، وتحرش من قبل الزبائن أثناء عرض منتجاتهم للبيع على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يتسبب لهنّ بآثار نفسية "مزعجة".

 

وقال وائل حلاّق، وهو صاحب محل عطورات في سوق الحريقة وسط دمشق، أن عمل الإناث في هذا المجال مرفوض، "عاداتنا وأعرافنا الاجتماعية لا تسمح للفتيات بإتقان هذا العمل المقزّز، إنه عمل غير أخلاقي".

 

وتعقّب ريما، (اسم مستعار) 29 عاماً وهي إحدى مسوّقات المنتجات الجنسية: " يعتقد البعض أننا بائعات هوى. نحن مجرد طالبات أو فتيات يعملن من أجل قوتهنّ اليومي، وإذا كنا نعمل في بيع المنتجات الجنسية فهذا لا يعني أننا نقيم علاقات جنسية غير مشروعة".

 

لكن ريما تؤكد أنهن يتعرضن للتحرش بصور عديدة من الزبائن، فأحياناً تكون الدعوة مباشرة لممارسة الجنس، وأحياناً عبر إيحاءات جنسية وأسئلة شخصية من قبيل:" هل أنت جميلة؟ هل جربتِ هذا المنتج؟ إذا اشتريتُ منك ستسمحين لي بتجربته معك؟ هل يمكننا التعرف والخروج سوياً؟، والكثير من الإيحاءات الأخرى".

 

"قد تتسبب بعضها بالوفاة"

 

وتنتشر عدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تروج لهذه المنتجات، في حين تعمل محلات للمواد التجميلية إلى بيع أصناف منها، بعيداً عن إيضاح مصدرها والشروط القانونية والصحية لبيعها واستخدامها.

 

وتقول العديد من المسوّقات إن إقبال الذكور أكثر من الإناث لابتياع المنتجات الجنسية، فيما تباينت إفاداتهن حول الفئة العمرية الأكثر إقبالاً على شرائها.

 

ويحذّر نبيل الخالد، وهو طبيب أخصائي بالأمراض التناسلية، ويعيش في دمشق من استخدام هذه المنتجات من مصادر مجهولة، ولا سيما تلك التي تحتوي أدوية ذات مضاعفات جانبية، مؤكداً أن "لتعاطيها بعيداً عن رأي الطبيب مخاطر صحية عديدة".

 

وأضاف: "هناك الكثير من المنتجات المحرّضة للرغبة الجنسية مثل الحبوب والإبر والعطور والهرمونات، منها هرمون التستوستيرون الذي يستخدم لأغراض منها الضخامة العضلية فيما يستخدمه بعض كبار السن لتحفيز الرغبة الجنسية، لكن لهذا الاستخدام نتائج كارثية على صحة الإنسان".

 

ولفت "الخالد" إلى أن "خطورة بعض تلك المنتجات تكمن في أنها تؤدي لزيادة ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم ما قد يؤدي إلى الوفاة مباشرة لدى البعض".

 

"ظروف عصيبة"

 

وتتخوف هؤلاء الفتيات من عدم حصولهن على فرصة عمل أخرى تدر دخلاً مناسباً لتأمين احتياجاتهن في حال توقفن عن العمل في هذا المجال.

 

وقالت هيام دالاتي: "أريد أن أعتمد على نفسي وأصرف على دراستي وأتكفل بحاجياتي الشخصية كالملابس والمحاضرات والعديد من الأساسيات التي لا تنتهي".

 

وأضافت: "عندما أطلب من أهلي ألف ليرة، يبدو عليهم كأنني أقطع جزءاً من لحم جسدهم. أنا لا ألومهم فظروفهم عصيبة مثلهم مثل الكثير من الناس، لذلك فالحل الأنسب أن أعمل وأخفف العبء عنهم".