استياء من ارتفاع الأسعار في القامشلي وسط محاولات “خجولة” لضبطها

القامشلي – ريم شمعون/ شربل حنو – نورث برس

 

تشهد الأسواق في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، مؤخراً، ارتفاعاً كبيراً في الأسعار نتيجة ما منيت به الليرة السورية من هبوط حاد أمام العملات الأجنبية ولا سيما الدولار الأمريكي منذ نحو أسبوعين  إذ سجل سعر الصرف في المدينة (1670 – 1690) ليرة مقابل الدولار الواحد أول أمس الثلاثاء وهو أعلى سعر يسجله الدولار منذ اندلاع الحرب في البلاد.

 

ومع توقف شرائح واسعة عن العمل خلال الشهرين الماضيين نتيجة الإغلاق الذي رافق الإجراءات الاحترازية لتفادي تفشي وباء كورونا في المنطقة بات أصحاب الدخلين الضعيف و المحدود أمام مشكلة كيفية تأمين احتياجاتهم خلال شهر رمضان وقرب حلول عيد الفطر ما تسبب باستياء هؤلاء وسط محاولات من قبل مؤسسات التموين التابعة للإدارة الذاتية لضبط الأسواق والتي يعتبرها البعض "خجولة".

 

لكن هذا الوضع لم يتسبب باستياء هذه الشرائح فقط بل شمل معظم الشرائح في المدينة والمنطقة عموماً خصوصاً أن القامشلي تعتبر مركزاً ومقصداً لسكان المناطق المجاورة.   

 

وقالت ميشلين فارتانيان، من سكان حي الأرمن في القامشلي لـ"نورث برس"، إن الأسعار كانت "مقبولة" مع بداية الإغلاق، لكنها ارتفعت بشكل "مفاجئ". 

 

وزادت فارتانيان: "أسعار الخضار تختلف من بائع لآخر في السوق نفسه، (…). سعر الحذاء المصنوع محلياً كان لا يتجاوز (10) آلاف ليرة مع بداية الشتاء، أما الآن فإن نفس الحذاء يباع بـ /25/ ألف ليرة سورية"

 

 وعلى غرار ذلك تشتكي نورة يوسف، (30 عاماً) وهي من سكان حي الوسطى، من التفاوت في الأسعار  لدى الباعة المتجولين، ممن يجلبون الخضار إلى الأحياء، "كل بائع له سعره الخاص، دون وجود مراقبة".

 

وبينما يحاول نبيل عيسى (50 عاماً)، تنظيف متجره الخاص بمواد المنظفات، والذي أعاد فتحه بعد أسابيع من الإغلاق، يقول إن: "البضاعة التي كنت أجلبها بـ /300/ ألف ل.س، زاد سعرها عن المليون حالياً"، ويعزو السبب إلى ارتفاع قيمة سعر صرف الدولار أمام الليرة.

 

وأضاف في حديث لـ "نورث برس": "حركة البيع خفت كثيراً، وبات العمل خسارة لا أستطيع جلب نفس كمية المواد بالقيمة التي أبيع بها".

 

ويرى كرم قواص وهو بائع عطارة وتوابل في "سوق عزرا" وسط المدينة، أن "البضاعة المستوردة، تزداد تكلفتها نتيجة الشحن والجمارك، بالإضافة لدفع قيمتها بالدولار، لذلك يجبر البائع لبيعها بسعر الصرف الجديد، تجنباً للخسارة الكبيرة التي قد يتكبدها حين جلب بضاعة جديدة".

 

وقال الرئيس المشارك للإدارة العامة للتموين وحماية المستهلك في "إقليم الجزيرة"، عبد الباسط كوتي، إن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة "ارتفاع سعر صرف الدولار، وحظر التجول المفروض".

 

وأضاف: "معظم المواد تأتي من خارج المنطقة ويضطر التاجر لدفع الجمركة للحكومة السورية بالإضافة لمستحقات الشحن".

 

وعن إجراءاتهم لمواجهة هذا الارتفاع، يقول كوتي، "نعمل على خلق توازن بين التاجر والبائع والمواطن، عن طريق ضبط الأسعار بما يناسب الجميع، ونصدر بشكل يومي نشرة لأسعار المواد، ونخالف كل من لا يتقيد بها" في حين دعا السكان إلى تقديم شكاوى ضد كل من يخالف الأسعار المحددة.

 

وأشار كوتي إلى تركيزهم على ضبط أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية في "الوقت الحالي"، مع تكثيف جولات الرقابة في الأيام القادمة، بالتزامن مع قرب حلول عيد الفطر.

 

ويرى مراقبون للشأن الاقتصادي المحلي أن  الارتفاع غير المسبوق لقيمة صرف الدولار وهبوط قيمة الليرة سببه اقتراب تنفيذ قانون "قيصر" أو سيزر الأمريكي والذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ  في حزيران/يونيو المقبل وفق ما أعلن المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري، مطلع أيار/مايو الحالي.

وينص القانون على فرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها مثل إيران وروسيا لمدة 10 سنوات أخرى، ويرى المراقبون أن تأثير القانون سيكون على البلاد عموماً  ما سيتسبب بأزمة اقتصادية ستعود سلباً على السكان قبل حكومة دمشق.

 

لكن مسؤولاً كبيراً في وزارة الخارجية الأمريكية قال لـ"نورث برس"،  أمس الأربعاء، إن عقوبات "سيزر"  أو "قيصر" لا تشمل المناطق غير الخاضعة لسيطرة دمشق، و لن تتأثر هذه المناطق بتلك العقوبات.

 

وأضاف المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه أن الهدف من القانون هو "الضغط على الأسد، مالياً ليتوقف عن السعي نحو الحل العسكري والاقتناع بأنه لا سبيل للتقدم إلا بالحل السياسي والقبول بقرار مجلس الأمن /2254/".

 

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت العقوبات ستؤثر على مناطق شمال شرق سوريا، قال الدبلوماسي الأمريكي، إن العقوبات تتضمن آلية تضمن عدم استهداف المناطق غير الخاضعة لـ "نظام الأسد" بالعقوبات وذلك لضمان عدم معاقبة "الجماعات البريئة" من "جرائم الأسد".

 

لكنه لم يكشف عن الآليات التي ستتبعها واشنطن لتحييد هذه المناطق عن التبعات السلبية للقرار على السكان.