لا يُسمع صوت طبله في رمضان.. كورونا يغيب "المسحراتي" عن الأحياء الحلبية
حلب – علي الآغا – نورث برس
لم يغب "المسحراتي" عن مدينة حلب حتى حينما كانت الاشتباكات على أشدها داخل أحيائها خلال السنوات الماضية من عمر الأزمة السورية، حينها كانت المدينة مقسمة بين مناطق سيطرة للمعارضة المسلحة وأخرى للحكومة السورية.
لكن الرجل الذي يتولى، بواسطة طبله الصغير، مهمة إيقاظ الناس من نومهم وتنبيههم إلى حلول وقت السحور، حيث ترتبط به إحدى طقوس شهر رمضان في سوريا، بات غائباً عن الشوارع والأحياء الحلبية خلال رمضان هذا العام، وذلك بعد فرض حظر تجول جزئي، جاء كأحد الإجراءات الوقائية المتخذة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، لمنع انتشار وتفشي فيروس كورونا.
ويقول صالح عبجي، /56/ عاماً، والذي يعمل مسحراتياً في أحياء مدينة حلب من /32/عاماً لـ "نورث برس" بأنّ ورث ذلك من والده كان مسحراتياً قبله، وأحب المهنة وعشقها لأنه كان يرافق والده في شوارع مدينة حلب القديمة، وأنّه لم يتوقف أبداً رغم الحرب التي كانت تدور في المدينة.
ويشير إلى أن شهر رمضان لهذا العام مختلفٌ عن باقي الأعوام، حيث توقفت الصلاة في المساجد كإجراء احترازي من انتشار فيروس كورونا، وتوقف عمل المسحراتي من أجل حظر التجول، ولأن قيادة الشرطة في مدينة حلب لم توافق على عمله هذا العام، رغم أنه سيكون بمفرده في الشارع وسيتّخذ كافة إجراءات الوقاية، ويتحاشى الاحتكاك بأحد من السكان.
ويضيف المسحراتي فادي بدوي، /45/ عاماً، لـ "نورث برس" أنّ عمل المسحراتي تراجع تدريجياً منذ العام 2011 بسبب ظهور الانترنت وتعدد الطرق للتسلية وقضاء الوقت لحين أوقات السحور.
"قبل سنوات كنا نوقظ السكان من النوم، أمّا في رمضان العام الفائت كنا نجد أن الكثيرين لم يكن ينامون حتى أوقات السحور، ما جعل من مهنة المسحراتي تتراجع لتتحول مع مرور الزمن إلى تقاليد تراثي.
ويرى عدنان العميري، /42/ عاماً، من سكان حي سيف الدولة، أن عمل المسحراتي تراجع كثيراً، بعد أن بات كثير من الناس يقضون أوقات طويلة على الهواتف الذكية، ولم يعودوا في حاجة إليه.
ويقول نائب رئيس مجلس مدينة حلب المهندس أحمد علي رحموني لـ "نورث برس" إنهم لم يوافقوا هذا العام على طلبات أي أحد من الذين كان يتم تعيينهم في مهنة المسحراتي خلال مضان، لأنهم لا يسمحون بالتجول أثناء فترة الحظر، لتفادي الفوضى وعدم تعرض الذين يعملون في هذه المهنة مع عناصر قوى الأمن الداخلي الذين ينتشرون في الأحياء ليلاً.
ويرى رحموني أن "السكان لم يعد يهتمون بالمسحراتي، لأن معظمهم يسهرون ليلاً لمتابعة المسلسلات الرمضانية حتّى ساعة تناول وجبة السحور"، بحسب وصفه.
وأدى ارتفاع الأسعار الذي ترافق مع رمضان هذا العام، إلى تغييب أطباق رمضانية مشهورة عن موائد الإفطار لدى ذوي الدخل المحدود في حلب.
وطالت تداعيات ظهور وتفشي فيروس كورونا إلى تغيّب طقوس وعادات اجتماعية في العديد من المناطق السورية، مع تحاشي الكثيرين إقامة الولائم أو توجيه الدعوات على الإفطار.