"السلّاكَات" في أرياف الرقة.. لا حظر تجول في الحقول

الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس

 

لم يمنع فرض حظر التجول في مناطق شمال وشرقي سوريا، نساء أرياف الرقة من جمع والتقاط بعض النباتات والأعشاب العطرية التي اعتدن على جمعها في هذه الفترة من كل عام.

واعتادت الكثير من نساء أرياف الرقة، ومنذ بدايات شهر آذار/ مارس وحتى منتصف شهر نيسان/ أبريل من كل عام، على التقاط  وجمع بعض النباتات والأعشاب العطرية والزهور، التي تنمو بشكل طبيعي في أواخر فصل الشتاء، مثل الخبيزة والجنيبرة والبابونج والكعوب والزعتر البري والنعناع البري ونبتتي الفطر والكمأة.

 

"السلّاكَات"

 

وفي صباح كل يوم، تتوجه نفيلة العلي (54عاماً)، وهي ربة منزل من قرية تل السمن الشمالي، /37/ كم شمال مدينة الرقة، مع مجموعة من نساء القرية إلى الحقول القريبة لجمع والتقاط نبتتي الخبيزة والجنيبرة.

 

تقول العلي إن عناصر قوى الأمن الداخلي في الرقة، يغضون الطرف عن النساء في الريف، "فمن المعتاد ذهابهن إلى الحقول الزراعية صبيحة كل يوم".

 

وأضافت أنها لا تقوم ببيع الخبيزة والجنيبرة والبابونج الذي تلتقطه، فهي غير مضطرة لذلك؛ لأن الوضع المادي لأسرتها "جيد"، بل تقوم بإعدادها كوجبات طعام، بعد إضافة اللحوم إليها في بعض الأحيان،

 

وبحسب العلي، فإن "السلاكة النشيطة"، وهي تسمية شعبية تطلق على المرأة التي تعمل على جمع هذه النباتات، يجب أن تستغل هذه الفترة من العام، لجمع والتقاط الخبيزة والجنيبرة والبابونج، لتضيف أطباقاً جديدة من الأطعمة للعائلة، على حد تعبيرها.

 

وتعود تسمية أهالي الرقة للنساء اللواتي يلتقطن ويجمعن الخبيزة والجنيبرة بـ"السلاكات"، إلى نبتة السلق، وهي أحد أنواع الأعشاب التي تشتهر قرى الرقة بزراعتها.

 

عمل موسمي

 

لكن ليس كل من تجمع وتلتقط الخبيزة والجنيبرة، في أرياف الرقة، تكتفي بطبخها لأسرتها؛ فهناك نساء يعتمدن على بيعها، بغية ادخار بعض النقود، أو شراء بعض الحاجيات المنزلية، والتي لا يتسنى للرجال شراؤها أو أنهم لا يهتمون كثيراً باقتنائها في المنزل، كما تشير بعض نساء أرياف الرقة اللواتي يقمن بالتقاط وبيع الخبيزة والجنيبرة.

وتعد قرى "المزارع" الواقعة شمال وغرب مدينة الرقة، من أكثر المناطق التي تشتهر بنمو النباتات الطبيعية في فصل الربيع، بحسب نساء من الرقة يعملن بجمع الخبيزة والجنيبرة.

 

ويتراوح معدل الكمية التي تتمكن المرأة من التقاطها وجمعها من هذه النباتات ما بين/40/ إلى/50/ كغ في اليوم الواحد،  في حال كان معدل هطول الأمطار عالياً في فصل الشتاء، حسب قولهن.

 

وتعتبر فاطم العلي(50عاماً) من قرية العكيرشي، /18/ كم جنوب شرق الرقة، فترة جمع النباتات البرية كاستراحة لها من شقاء العمل لقاء أجر يومي في الأراضي الزراعية عند مزارعي مناطق الريف الجنوبي في الرقة.

 

ولم تتوقف العلي، منذ بداية فرض حظر التجول في الرقة، عن جمع والتقاط الخبيزة والجنيبرة لتبيعها في محال شارع القوتلي وسط مدينة الرقة، والتي تتوجه إليها في صبيحة اليوم الثاني في الفترة الممتدة من السابعة صباحاً حتى العاشرة.

 

 وهي الفترة المسموح للناس بالتنقل فيها ما بين الريف والمدينة، بعد أن توفر كمية لابأس بها من النبتات التي تكون قد التقتطها في اليوم السابق، لتحصل على بعض النقود، التي تمكنها من شراء مستلزمات منزلية ومعيشية بسيطة، على حد تعبيرها.

 

أسواق شعبية

 

وتشتهر بعض أسواق الرقة الشعبية بهذه النباتات، كشارع "القوتلي" وسوق "دوار الدلة" وسط مدينة الرقة، فيشتري بائعوها كميات محدودة من "السلاكات" لقاء مبالغ مالية بسيطة تعينهن وأسرهن على الاحتياجات المعيشية.

 

 كما جرت العادة أن تقوم النساء بتجفيف وتخزين بعض هذه النباتات والزهور الطبيعية، مثل الزعتر البري، والبابونج، والنعناع البري، لبيعها أيضاً أو لاستخدامها كمشروبات ساخنة وزهورات منزلية بعد إعدادها بشكل مناسب.

 

ويباع الكيلو الواحد من الخبيزة أو الجنيبرة في أسواق الرقة حالياً بـ/100/ ليرة سورية، بينما يصل سعر الزعتر أو البابونج البري إلى/500/ ليرة سورية للكيلو، حسب ما يقول خليل الأسود، وهو صاحب محل لبيع الألبان والخضروات في سوق دوار "الدلة"، ويقوم بشراء الخبيزة والجنيبرة والبابونج من نساء منطقة المزارع  شمال وغرب مدينة الرقة.

 

وأضاف الأسود، إن أرياف الرقة وبواديها لم تشهد هذا العام كثرة النباتات الطبيعية، كالجنيبرة والخبيزة والبابونج، كما العام الماضي؛ الذي شهد معدلاً مرتفعاً لهطول الأمطار في عموم أرجاء المنطقة، حيث انخفض ثمن الكيلو من نبتة الكمأة في أسواق الرقة آنذاك إلى/1000/ ليرة سورية بسبب توفرها، في حين لا تلمحها حالياً من في الأسواق.