مخيم "أبو قبيع" بريف الرقة.. احتياجات لا تلبى وسط مخاوف من "كورونا"
الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس
يشتكي قاطنو مخيم "أبو قبيع"، /17/ كم غرب مدينة الرقة شمالي سوريا، من نقص في الأدوية الإسعافية والمستلزمات الطبية ومواد التعقيم الخاصة بالتصدي لمخاطر فيروس "كورونا المستجد" والذي بات مصدر تهديد لمعظم دول العالم.
وانتقد نازحون من إدلب، يقيمون في مخيم "أبو قبيع"، الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا والمنظمات الإنسانية العاملة في الرقة، لعدم توفير المساعدات الطبية والغذائية اللازمة في ظل إجراءات الحظر المشددة التي فرضتها الإدارة الذاتية للوقاية من انتشار الجائحة، والتي حدت بموجبها من حرية الخروج والتنقل في كافة أرجاء مناطقها، بما فيها المخيمات.
وقالت أريج الحسين،(40 عاماَ)، نازحة من ريف إدلب، لـ"نورث برس"، إنها كانت تأمل بلوغ "بر الأمان" لدى وصولها وأفراد أسرتها البالغ عددهم سبعة أشخاص، منذ حوالي شهرين، إلى مخيم "أبو قبيع" في الرقة، لكن فرض حظر التجول بسبب مخاطر انتشار وباء "كورونا"، أدى إلى عدم تمكن سكان المخيم من ممارسة أي عمل، "فلم يعد بمقدرة أرباب العوائل في المخيم من تأمين مصاريف معيشتهم، مع وجود أطفال وكبار سن بينهم".
وطالبت الحسين بتوسيع المخيم واستبدال الخيام وتقديم مساعدات مادية وطبية وغذائية للنازحين، "كيف يمكن لنا أن نعيش وقد مُنع رجالنا من الخروج بسبب الحظر، لدينا أطفال وعجائز يحتاجون غذاء ومصاريف كثيرة".
وتنتقد النازحة الأربعينية دور المنظمات المحلية والإنسانية، "والتي تكتفي بالتقاط صور لنازحي المخيم (..) بالمقابل لا تعطي للنازحين إلا القليل من المساعدات"، وفق تعبيرها.
ازدياد النازحين
وبلغ عدد العوائل الواصلة إلى الرقة، من بين نازحي إدلب مؤخراً، قرابة مئتي عائلة، تم استضافة حوالي/70/ منها في مخيم "أبو قبيع"، فيما توزع الباقون في أماكن أخرى من الرقة وريفها، بحسب ما أفاد به، لـ"نورث برس"، الإداري في مخيم "أبو قبيع"، تركي دعدوع.
وأضاف دعدوع أن المخيم ضم، قبل سنتين، /180/ عائلة، كانت غالبيتها من إدلب أيضاً، ليصل العدد الإجمالي لعدد العائلات في المخيم إلى/250/ عائلة، ما شكل ضغطاً على المخيم الذي يتبع للإدارة المدنية في الرقة.
وكان قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، قد وجه نداء إلى أهالي إدلب للتوجه إلى مناطق شمال وشرقي سوريا أثناء تفاقم الوضع الإنساني في إدلب عقب العملية العسكرية الأخيرة للحكومة السورية بدعم روسي في ريفي حلب وإدلب.
عواصف وأمطار
وتضررت بعض خيم النازحين في مخيم "أبو قبيع" نتيجة العواصف المطرية خلال الأسبوع الفائت، ما تسبب بمصاعب للعائلات التي تسكن فيها.
وقالت فاتن عبسي، وهي نازحة خمسينية تسكن في المخيم مع ستة آخرين من عائلتها، إن الأمطار تسببت بتداعي الجانب الجنوبي للخيمة، "ولم يقف الضرر عند هذا الحد، فقد أدت الأمطار الغزيرة إلى إغلاق المجرور الخاص بمرحاض الخيمة الواقع في داخلها، ما أدى إلى تسرب المياه الملوثة التي غمرت محتويات الخيمة".
وشهد ريف الرقة الجنوبي، يومي الخميس والسبت الماضيين، عواصف مطرية شديدة، وُصفت من قبل سكان المنطقة بأنها "الأشد منذ سنوات"، ما أدى لتشكل سيول وفيضانات أودت بحياة ستة أشخاص من عائلة نازحة في قرية العكيرشي، /18/ كم شرقي الرقة، بالإضافة إلى أضرار بالغة في ممتلكات الأهالي في ريف الرقة الجنوبي.
عيادة بلا مسكنات
في الجانب الغربي من مخيم "أبو قبيع"، اتخذت إدارة المخيم من غرفة معزولة عن خيم النازحين عيادة طبية إسعافية، وبالرغم من بساطتها وافتقارها للمعدات الطبية الهامة، إلا أن سكان المخيم مضطرون لمراجعة هذه العيادة لتلقي العلاج مجاناً في حال توفره.
ويشرف على العيادة الطبية الإسعافية في المخيم الممرض حسين العلي، وهو أحد النازحين من إدلب، والذي شارك بصفته ممرضاً مع إدارة المخيم القيام بإجراءات احترازية ضعيفة حسب الإمكانات المتوفرة، من بينها شرح مخاطر فيروس "كورونا" لأفراد كل خيمة، "وللتأكيد على الدور الكبير الذي يلعبه عامل النظافة في التصدي للفيروس"، حسب تعبيره.
ويتخوف سكان في المخيم من انتشار فيروس "كورونا" بينهم، فلم تقدم لهم أي مواد معقمة أو احتياجات الوقاية من الفيروس، لكنهم يُقبلون على عرض أطفالهم وفحصهم في العيادة الطبية عند ظهور أي أعراض للزكام أو الرشح خوفاً من ظهور إصابات بينهم.
ذلك على الرغم من افتقار العيادة إلى "المضادات الحيوية والمسكنات للأطفال، بالإضافة لعدم وجود مواد التعقيم والكمامات"، حسب الممرض المشرف.
تدابير محدودة
وقامت لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني، خلال الأسبوع الماضي، بتعقيم المدرسة الواقعة في المخيم، كإجراء احترازي للوقاية من فيروس "كورونا"، الأمر الذي انتقده نازحون في المخيم "ما الفائدة من تعقيم مدرسة مغلقة أصلاً بسبب حظر التجول".
وتصل للنقطة الطبية في مخيم "أبو قبيع"، بين الحين والآخر، بعض الأدوية والعلاجات على شكل هبات وتبرعات من أصحاب المستودعات الطبية في الرقة، بالإضافة إلى قيام منظمة "المودة"، وهي جمعية محلية، بإجراء فحوصات طبية وتقديم أدوية لمن يحتاجها خلال يوم واحد كل أسبوع.
وأوضح محمود الهادي، المدير التنفيذي لمنظمة "صناع الأمل" في الرقة، لـ"نورث برس"، أن من ضمن أجندة عملهم في الأيام القليلة القادمة استهداف المخيمات، ومن ضمنها مخيم "أبو قبيع"، مشيراً إلى أن "منظمات المجتمع المدني العاملة في الرقة قامت بعدة مبادرات فردية دون دعم من أي جهة مانحة، واقتصرت على الجانب التوعوي بمخاطر فيروس "كورونا"، كتوزيع البروشورات والكمامات والمعقمات".
فيما قال عبد القادر موحد، مدير مكتب الشؤون الإنسانية في الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، إن حجم المساعدات الواصل إليهم يغطي سوى/20 %/ من احتياجات المخيمات في شمال وشرقي سوريا.
وأضاف، "هناك نقطة هامة وهي أن الأمم المتحدة لا تتعامل مع سكان مخيم (أبو قبيع) العشوائي كتعاملها مع قاطني المخيمات الرسمية كمخيم (المحمودلي) والذي ترسل له مخصصات شهرية (..) يعتبر مخيم (أبو قبيع) قياساً بباقي المخيمات العشوائية جيداً".