بدون تعقيم ..أغذية لشمال وشرق سوريا تستورد من مناطق انتشرت فيها "الجائحة"

هوشنك حسن – نورث برس

 

تستورد مناطق شمال وشرقي سوريا قسماً كبيراً من حاجاتها الغذائية من مناطق الداخل السوري وإقليم كردستان العراق التي انتشر فيها فيروس كورونا المستجد، ولا تزال عدة معابر مفتوحة أمام حركة المواد الغذائية مع تلك المناطق وسط تخوف بعض السكان من انتشار العدوى عبر تلك السلع.

 

وأمام محل للخضار والفاكهة في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، يتفقد  حسن الأومري، (50 عاماً)، ربطات البقدونس ليختار الأفضل منها بعد أن تحسس التفاح واشترى حاجته منها، لكنه لا يخفي مخاوفه من انتقال العدوى عبر هذه المواد الغذائية القادمة من مناطق سجلت حالات إصابة بالفيروس.

 

"مشكلتنا أننا اعتدنا الاعتماد على غيرنا، فلماذا نضطر لاستيراد هذه المواد التي قد تجلب لنا كورونا".

 

استمرار للاستيراد

 

ويتواجد في مناطق شمال وشرق سوريا /11/  معبراً، ثلاثة منها مفتوحة حالياً أمام حركة المواد الغذائية بحسب الإدارة العامة للجمارك، وهي معبر "التايهة" في منبج  ويفصل بين مناطق سيطرة مجلس منبج العسكري وقوات الحكومة السورية، ومعبر "الطبقة" الفاصل بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة السورية، ومعبر "سيمالكا" الحدودي الذي يفصل بين شمال وشرقي سوريا وإقليم كردستان العراق.

 

وقالت الإدارة العامة للجمارك، لـ "نورث برس"، إن الشاحنات التي تنقل المواد الغذائية لا تزال مستمرة بحركتها الاعتيادية، بالتزامن مع تشديد الإجراءات الوقائية.

 

وأوضح عبد الباسط كوتي، المدير العام لمؤسسة التموين وحماية المستهلك في "إقليم الجزيرة"، أن المواد الاستهلاكية "تستورد من إقليم كردستان العراق، بينما تأتي معظم الخضروات والفواكه من الداخل السوري" ، بالرغم من تسجيل حالات إصابة ووفاة نتيجة فيروس كورونا في المنطقتين.

 

وأعلنت وكالة "سانا" السورية الرسمية يوم الاثنين /30/ آذار/ مارس، الفائت تسجيل حالة وفاة ثانية من بين الإصابات التي بلغت بحسب وزارة الصحة السورية، /16/ إصابة، أعلن شفاء حالتين منها اليوم السبت، فيما أعلنت وزارة الصحة في إقليم كردستان العراق، أمس الجمعة، ارتفاع الحالات المصابة إلى /214/ إصابة، من ضمنها حالتا وفاة، مقابل تماثل أكثر من /74/ حالة للشفاء على فترات مختلفة.

 

ويقول أبو محمد (كما يعرف نفسه)، وهو بائع مواد غذائية في القامشلي، إنهم يعانون من نقص بعض المواد الغذائية كالليمون والبرتقال، والتي تُطلب كثيراً هذه الفترة من قبل زبائنه.

 

وينصح الأطباء بتناول الفاكهة والخضار لتقوية الجهاز المناعي في مواجهة مخاطر فيروس كورونا.

 

وقال محمد محمد، المدير العام للجمارك في شمال وشرقي سوريا، إن الشاحنات القادمة من الخارج لا يتم إدخالها إلى "الحرم الجمركي"، بل تبقى في "نقطة الصفر"(وهي مساحة فاصلة بين سيطرة قوتين مختلفتين)، مشيراً إلى وجود حجرة للمعاينة الصحية هناك، حيث يتم فحص السائقين القادمين، وذلك ضمن الإجراءات الوقائية من مخاطر انتشار الفيروس.

 

لكنه لم يوضح كيفية فحص السائقين خصوصاً مع افتقار المنطقة لأجهزة تكشف عن فيروس كورونا حتى الآن.

 

من جانبه أوضح ريبر برو، مسؤول إعلام قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في "إقليم الرقة"، لـ"نورث برس"، أنه يمنع دخول سائقي شاحنات المواد الغذائية القادمين من المناطق الأخرى إلى مناطق الإدارة الذاتية، ويتم نقل المواد الغذائية إلى شاحنات أخرى تنقلها إلى مناطق مختلفة من شمال وشرقي سوريا، ويطبق الإجراء نفسه ضمن المعابر الأخرى أيضاً على المواد لكن "لا توجد أي آلية لفحصها أو تعقيمها"، بحسب إدارة الجمارك.

 

مخاطر قائمة

 

وقال عبدالرحيم أحمد، وهو طبيب اختصاصي في طب الأطفال في القامشلي، إن فيروس كورونا لديه إمكانية الانتقال عبر هذه المواد الغذائية، محذراً من خطورة استيرادها من مناطق سجلت فيها إصابات بالفيروس، لا سيما ضمن هذا الأسبوع، حيث أن فترة حضانة الفيروس التي تتراوح بين أسبوع وعشرة أيام قد تسهل انتقاله.

 

وفي الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية نجد الموضوع مطروحاً على شكل سؤال وإجابة بهذا الشكل،

 

"هل من الآمن تلقي الطرود من المناطق التي أبلغت عن حالات إصابة بمرض كوفيد-19؟

 

نعم. إن احتمالات تلوث السلع التجارية عن طريق شخص مصاب بالعدوى هي احتمالات ضعيفة، كما أن مخاطر الإصابة بالفيروس الذي يسبب مرض كوفيد-19 عن طريق طرد نُقل وشُحن وتعرض لمختلف الظروف ودرجات الحرارة، هي مخاطر ضئيلة".

 

رغم ذلك يرى الطبيب عبد الرحيم أحمد أن "الأصح" هو إيقاف استيراد تلك المواد لفترة مؤقتة.

 

ضعف في الإمكانات

 

وقال هڤال خليل، مسؤول الجمارك ضمن معبر سيمالكا الحدودي، في حديث لـ "نورث برس"، إن حوالي /40/ شاحنة تدخل يومياً من إقليم كردستان العراق عبر المعبر حالياً، وأضاف أن، "لجان الصحة تتواجد في سيمالكا والمعابر الأخرى أيضاً، لفحص السائقين القادمين ومرافقيهم".

 

وألمح خليل إلى أن إقليم كردستان العراق أوقف استيراد البضائع الإيرانية، وبالتالي لم تعد تلك المواد تدخل إلى مناطق شمال وشرق سوريا.

 

لكن الأسواق المحلية لا تزال تعج بالسلع و المواد الغذائية الإيرانية لا سيما مأكولات الأطفال.

 

وتتباين آراء بائعي الخضار في القامشلي حول استمرار استيراد أنواع من الخضار والفاكهة كالباذنجان والخيار والتفاح من إيران أو توقف تلك البضائع.

 

لكن أحمد عارف، وهو تاجر خضار وفواكه، أشار إلى عدم وجود أي تعقيم للمواد الغذائية القادمة من الخارج، وهذا ما أكده مسؤول الجمارك ضمن معبر سيمالكا، عازياً ذلك إلى ضعف الإمكانات.

 

بينما أوضح الطبيب عبدالرحيم أن تعقيم تلك المواد لا يؤثر على طعمها ولا على من يتناولها، وطالب الإدارة بالقيام بذلك أو إلزام التجار بتعقيمها بعد الاستلام.

 

وقال الرئيس المشارك لهيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، الدكتور جوان مصطفى، في حديث لـ" نورث برس"، "أرسالنا توجيهات بتشديد الإجراءات على جميع المعابر، وتعقيم جميع المواد المستوردة بالكلور".