إجراءات الوقاية من "كورونا" بين اللاجئين السوريين في تركيا.. بين الالتزام واللامبالاة

اسطنبول ـ سامر طه ـ نورث برس

 

تتفاوت درجة اهتمام اللاجئين السوريين، لا سيما الشباب منهم، في تركيا بالإجراءات الاحترازية والوقائية حيال انتشار فيروس "كورونا"، رغم إعلان وزارة الصحة التركية وصول المرض إلى أراضيها منذ الحادي عشر من شهر آذار/ مارس الجاري.

 

ويرى سوريون يقيمون في إسطنبول، وتحدثوا لـ"نورث برس"، أن من الضروري إدراك أن المشاركة في الإجراءات الوقائية هي مسؤولية شخصية لكل فرد، بالإضافة لواجب حماية الأشخاص المحيطين به في المنزل والعمل والشارع، مشيرين إلى لامبالاة من جانب بعض اللاجئين السوريين ولا سيما الشباب واليافعين.

 

 

وقال الدكتور باسل نمرة، وهو طبيب سوري مقيم في إسطنبول، لـ"نورث برس"، إن من الضروري التعاطي بشكل إيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه اللاجئون السوريون أينما وجدوا والالتزام بالقوانين الصادرة لحماية أنفسهم أولاً والحد من انتشار المرض في المجتمع ثانياً.

 

وأشار إلى أن كثيرين من الشباب واليافعين، الذين يمثلون شريحة كبيرة من اللاجئين السوريين في إسطنبول، معرضون للخطر ضمن منازل جماعية "السكن الشبابي"، حيث يتواجد ضمن المسكن الواحد ستة إلى ثمانية أشخاص غالباً، فيما يصل العدد في بعضها إلى /12/ شخصاً.

 

وتعاني تلك المنازل في طابعها العام من قلة توفر الشروط الصحية، نتيجة اتكال الشباب على بعضهم البعض في أعمال التنظيف والترتيب، والتزام معظمهم بالعمل لساعات طويلة، ما يجعلهم يبررون قلة الاهتمام بعدم توفر الوقت الكافي.

 

وأضاف نمرة أن ظروفاً أخرى تنتشر بين الشباب الذين يعيشون بعيداً عن عائلاتهم، ويتم تقييمها سلباً بالنسبة لإجراءات الوقاية من فيروس "كورونا"، من بينها مشكلة التدخين والضغوطات النفسية المتزايدة وعدم تناول الأطعمة الصحية، "كل ذلك يؤدي إلى ضعف مقاومة في الجسم بشكل عام، وبالتالي يكونون أكثر عرضة لإصابتهم بالفيروسات مثل فيروس كورونا المنتشر حالياً".

 

وكان تعليق الدوام في المدارس والجامعات في تركيا كأحد الإجراءات الاحترازية قد أدى إلى إفراغ المجمعات السكنية لطلبة الجامعات، فيما تم تحويل البعض منها إلى مركز حجر صحي للمشتبه بإصابتهم بالفيروس.

 

وقال معاذ نفوس، سوري مقيم في إحدى مجمعات السكن الجامعي بتركيا، إن معظم الطلاب بادروا مباشرة بأخذ تدابير الوقاية مثل عدم المصافحة والعناق واستخدام الكحول الطبي لتعقيم الأيدي، لكن غالبيتهم غادروا السكن خلال ساعات قليلة متوجهين للسفر والعودة لذويهم بعد الإعلان عن العطلة.

 

وأضاف، "كان ما يخيف الطلاب حقاً هو تفشي الفيروس بشكل سريع وبالتالي احتمال فرض الحجر على المدن ما سيؤدي إلى عدم مقدرتهم على الوصول لأهاليهم".

 

وأشار نفوس إلى أنه جرى حديث حول احتمال تحويل سكنهم إلى مركز حجر صحي، حيث تم إبلاغهم بعدم إبقاء أي أشياء خاصة بهم خارج خزاناتهم، وأن من الأفضل اصطحابها معهم، لكنه يرى أنها لا تناسب ذلك، "لأن بعض الوحدات السكنية حماماتها مشتركة وهذا لا يصلح للحجر الصحي".

 

وشهدت الأسواق في تركيا خلال الأيام الماضية إقبالاً كثيفاً بكثرة على شراء كميات كبيرة من السلع الغذائية ومواد التنظيف والتعقيم، وشمل ذلك عائلات سورية أكثر من فئات الشباب الذين يعملون بعيداً عن أسرهم، وخاصة بعد الإشاعات التي تم تداولها عن نية الحكومة في إعلان حظر التجوال.

 

وقال شادي، أحد السوريين المقيمين في إسطنبول، إنه يعمل على أخذ كافة الاحتياطات اللازمة مثل استخدام الكحول والمعقمات الطبية بشكل دائم سواء في المنزل أو الشارع أو العمل، كما يستخدم القفازات لليدين أثناء تنقله في المواصلات العامة ولا ينزع الكمامة عن وجهه حتى عودته للمنزل.

 

وأضاف، "كذلك الأمر عند العودة من العمل، أنا وزوجتي نقوم بتعقيم المنزل بشكل يومي خوفاً من انتقال العدوى".

 

وبادر شادي، خلال اليومين الماضيين، إلى شراء الكثير من المواد الغذائية والمنظفات والأدوية لتخزينها أسوة بجيرانه الأتراك وخوفاً من فقدانها ورفع أسعارها فجأة، "أصبحنا نرى الالتزام مع بعض الخوف والحذر الشديدين على وجوه المواطنين الأتراك، في حين لا يبالي آخرون قليلون، من بينهم لاجئون سوريون، بإجراءات الوقاية".

 

وارتفع عدد المصابين بفيروس "كورونا" في تركيا إلى أكثر من /100/ مصاب، في حين سجلت حالة وفاة واحدة وتم الحجر على مئات العائدين من خارج تركيا، في ظل تتالي قرارات وزارة الداخلية التركية من تعطيل المدارس والجامعات ووقف الصلاة الجماعية في الجوامع والكنائس، إلى تحويل بعض المؤسسات عملها عبر موظفيها من المنزل عبر الإنترنت.

 

وكانت تركيا قد قامت أيضاً بإيقاف الرحلات الجوية إلى العديد من دول العالم حرصاً منها على عدم انتقال حالات جديدة لأراضيها، في حين قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، إنهم يقومون بالاستعدادات اللازمة لاستقدام /3614/ مواطناً تركياً طلبوا العودة لتركيا.