تدهور الزراعة وتربية المواشي بريف حلب الجنوبي وسط غياب الدعم الحكومي
حلب – نورث برس
يستمر قطاعا الزراعة وتربية المواشي بالتدهور في قرى ريف حلب الجنوبي بعد عامين من سيطرة القوات الحكومية على المنطقة، رغم أنّهما يشكّلان المصدر الأساسي لدخل سكان المنطقة، ما يجعل المواطنين في مواجهة أزمات اقتصادية دون توفّر موارد مستقرة لتأمين المستلزمات المعيشية والمواد الأساسية.
وبسطت قوات الحكومة السورية سيطرتها منذ العام 2018، على مناطق واسعة في الريف الجنوبي لحلب، بعد معارك واشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة المسلّحة، وبعدها مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ولكن هذه المناطق لا تزال تعاني من إهمال القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى عدم توفر الخدمات الأساسية.
وقال المزارع أبو سمعو الحديدي، وهو من سكان قرية "حميمات الدير" الواقعة جنوب غرب "تل الضمان"، لـ "نورث برس"، إنه لم يتمكن هذا العام من زراعة كل مساحة أرضه بسبب عدم توفر المحروقات للجرارات الزراعية خلال موسم البذار وصعوبة تأمين الأسمدة التي تحتاجها المحاصيل خلال فصلي الشتاء والربيع.
وأضاف أنه تحمل الظروف نفسها العام الفائت وجازف بزراعة ثمانية هكتارات في ظلّ فقدان المحروقات وصعوبة الحصول على أسمدة، لكن لا يقوى على تكرار تجربة غير مضمونة النتائج، " احترق أكثر من ثلث المساحة خلال الموسم الفائت لذا لم أتمكن من زراعة كامل المساحة هذا العام".
ويعتمد المزارعون في ريف حلب الجنوبي على زراعة محاصيل القمح والشعير والكمون شتاءاً – وتزرع أغلب تلك المزروعات بعلاً – بالإضافة لزراعة مساحات من الخضروات صيفاً، فيما يعمل سكان آخرون بالرعي وتربية المواشي، إلى جانب الزراعة أو دونها.
وعانى سكان المنطقة من الأحداث والمعارك الدائرة هناك وتعاقب سيطرة الفصائل والتنظيمات المسلّحة خلال الحرب السورية، ما أدّى إلى هجرة العديد من سكانها ونزوحهم، فيما استبشر بعض الباقين خيراً في عودة مديرية الزراعة الحكومية في حلب، متأملين دعماً للقطاع الزراعي وللعاملين فيه، ، إلّا أنّ معاناتهم استمرت حتى مع عودة العلم السوري إلى الدوائر الرسمية، وفق ما تحدث مزارعون ومربو ماشية من المنطقة.
وقال حسين العدروس، وهو من سكان قرية "أم عراف" في ريف حلب الجنوبي، إنّ العديد من المشاكل تواجه مربي المواشي الذين كانوا يعتمدون على الرعي، إلّا أنّ الألغام المنتشرة في تلك المراعي بالإضافة إلى انتشار السرقة تشكل خطراً كبيراً على حياة الرعاة وتجارة المربين.
وأضاف، "مراعينا غير آمنة، لا تزال مزروعة بالألغام، فقبل مدّة فقد رجل وابنه حياتهما وهما يرعيان مواشيهما، بانفجار لغم من مخلفات الفصائل التي كانت تسيطر على المنطقة، هذا غير اللصوص الذين يسرقون المواشي، وكثيراً ما يشتبك معهم سكان القرى".
وكان مدنيان قد فقدا حياتهما، في كانون الثاني الماضي، جراء انفجار لغم أرضي قرب "بحيرة الجبّول" بريف حلب الجنوبي الشرقي، بحسب ما ذكره مصدر في قيادة شرطة حلب لوكالة سانا في ذلك الوقت.
من جانب آخر، أكّد فادي العلي، وهو طبيب من أهالي "تل الضمان" في ريف حلب الجنوبي ومقيم في مدينة حلب، لـ "نورث برس"، تلقيهم وعداً بمدّ قناة ري من حلب أو من منطقة السفيرة إلى الريف الجنوبي لحلب، بعد تواصلهم مع جهات حكومية، وذلك لمساعدة للمزارعين في قرى المنطقة.
وكان مجلس الشعب السوري قد أقرّ، خلال جلسته الخميس الماضي، مشروع قانون يتضمن إعفاء القروض الممنوحة من صندوق تداول الأعلاف لمربي الثروة الحيوانية من الفوائد العقدية وغرامات وفوائد التأخير المستحقة، إلّا أنّ المجلس لم يتخذ إجراءات بخصوص نواحٍ عديدة يعاني منها المزارعون ومربو المواشي، من ضمنها السماد الزراعي الذي ارتفعت أسعاره بنسبة مئة بالمئة.