في الذكرى الثانية لحرب عفرين.. مهجرون يروون أحداثها الدامية

ريف حلب الشمالي- دجلة خليل- نورث برس

 

مع اقتراب الذكرى الثانية لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على منطقة عفرين شمال غربي سوريا، يتذكر مهجرو هذه المنطقة أيام الحرب الدامية والتي يصفها بعضهم بـ"اليوم الأسود".

 

وتسببت العملية العسكرية التركية مع فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها، والتي بدأت في /20/ من كانون الثاني/يناير من عام 2018، وانتهت بسيطرتها على المنطقة في /18/ آذار / مارس من العام ذاته، بتهجير أكثر من /300/ ألف شخص من المنطقة، وفق احصائية نشرتها منظمة حقوق الإنسان في عفرين في /16/ من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.

 

وعلى باب خيمتها في مخيم "سردم" الواقع في قرية تل سوسين بريف حلب الشمالي، تجلس لطفية حسن كالو(55 عاماً)، وهي مهجّرة من منطقة عفرين، تتذكر يوم خروجها قسراً من مدينتها، على وقع أصوات القذائف ودوي هدير الطائرات التركية التي لم تغادر سماء مدينتها على مدار /58/ يوماً.

 

 تقول كالو، وهي تحاول حبس دموعها دون جدوى،" كان يوماً أسود، كان صعباً للغاية، خرجنا مشياً على الأقدام للوصول إلى (جبل الأحلام)، الطائرات كانت تقصف كل مكان في عفرين".

 

وخرج أهالي عفرين من المنطقة بعد اقتراب القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها من المدينة، سالكين (جبل الأحلام) الواقع في الطرف الجنوبي من المدينة والذي يؤدي إلى ناحية شيراوا.

 

وتعرض منزل أحد إخوة كالو، كالكثير من المنازل في عفرين، للقصف من قبل الطائرات التركية للقصف، ما تسبب بمقتل أحد أطفاله وبتر ساق آخر، "كان القصف عشوائياً، كانوا يستهدفون منازل المدنيين ليجبروهم على الخروج".

 

ولوعورة الطريق وصعوبته، لم تستطع والدة كالو (93 عاماً) صعود الجبل، كغيرها من المسنات والمسنين، فيضطر أحد أبناء أخيها لحملها على ظهره والصعود بها إلى الجبل، في مشهد يختزل كل آلام التهجير القسري.

 

وفي الخيمة المقابلة لخيمة كالو، تجلس فاطمة صالح التي تبلغ من العمر /60/ عاماً أمام خيمتها، "تشتت شمل عائلتي بعد ذلك اليوم الأسود، ابنتي ذهبت إلى إقليم كردستان العراق وبقي ابن لي في عفرين ولا أدري أين الباقين".

 

على مدار /58/ يوماً، لم تخرج صالح من منزلها رغم القصف العنيف الذي كان يستهدف المنشآت الحيوية في المنطقة مثل "سد ميدانكي" الذي يغدي منطقة عفرين بمياه الشرب، كما تم قصف الأفران والجسور.

 

تقول صالح "كان يوماً أسود على كل أهل عفرين، من شدة القصف خرجنا حفاة، تركت بيتي وأملاكي ورائي"، لتعود وتضيف بنبرة أقوى "نبعد مسافة نصف ساعة عن عفرين، لكننا لا نستطيع العودة إليها، لأنهم يقومون بقتل وسلب ونهب وطلب الفدية"، في إشارة منها للقوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها.

 

وشهدت منطقة عفرين عقب سيطرة القوات التركية والفصائل التابعة لها أعمال سرقة وسلب ونهب على نطاق واسع رافقتها جرائم بحق الضحايا، ووثقتها منظمات حقوقية محلية ودولية.

 

وكانت منظمة العفو الدولية قد أشارت في تقرير، في آب /أغسطس 2018، إلى أن القوات التركية تطلق العنان للجماعات المسلحة السورية لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد المدنيين في مدينة عفرين، من بينها الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري ومصادرة الممتلكات وأعمال النهب.

 

سوزان رشيد (39 عاماً) كانت شاهدة، كالكثير من أهالي عفرين، على المجازر التي ارتكبتها الطائرات التركية في عفرين،"رأيت القصف الذي طال حي المحمودية ودوار نيروز، رأيت الجثث والجرحى بعيني، كان المشهد قاسياً، خرجنا سيراً على الأقدام من عفرين".

 

وقصفت الطائرات التركية  في /16/ من شهر أذار / مارس عام 2018، حي المحمودية في مدينة عفرين، راحت ضحيتها العشرات من المدنيين وإصابة أخرين.

 

وعلقت في ذاكرة رشيد مشاهد لم تفارقها طيلة عامين في مخيمات التهجير، "رأيت اشخاصاً يحملون آباءهم وأمهاتهم على ظهورهم وآخرين يحملون أولادهم، سقطت سيارات بمن فيها من الجبل، خرج أغلب المهجرين بثيابهم فقط".

 

وعانت رشيد، كغيرها من مهجري عفرين، ظروفاً معيشية صعبة، فلم يكن هناك مكان يأويهم، فاضطرت لافتراش العراء مع أولادها، "توجهت إلى  مدينة تل رفعت حيث مكثنا لأسبوع في الشوارع، جياعاً بلا مأوى".

 

وقال حسن قره علي، أحد مهجرين عفرين، " أقطن في مخيم سردم، هذا ليس مكاننا، لكنني لا أستطيع العودة إلى عفرين، بسبب ما تقوم به الدولة التركية وفصائل الموالية لها من تلفيق التهم بغية طلب الفدية وسلب الناس ونهبهم".

 

وكانت منظمة حقوق الإنسان في عفرين قد وثقت مقتل أكثر من /543/ مدنياً، بينهم /489/ قتلوا نتيجة القصف التركي وفصائل المعارضة السورية المسلحة التابعة لها بالإضافة إلى /54/ آخرين قتلوا تحت التعذيب، فيما جرح أكثر من /670/ شخصاً، بينهم حوالي /300/ طفل أصيبوا بجروح وكدمات.