هرباً من الموت والإيجارات.. نازحون يبنون "منازل إسعافية" بريف إدلب
إدلب – نورث برس
لجأ نازحون في ريف إدلب الشمالي، إلى تجهيز منازل تبنى على عجل فوق أراضٍ اشتروها بالقرب من مخيمات على الحدود السورية التركية، بعد ازدحام المخيمات وتناثر خيم العوائل النازحة في المنطقة.
وكان مئات الآلاف من النازحين قد توجهوا إلى المخيمات القريبة من الحدود التركية بعد تتالي الحملات العسكرية وعمليات التصعيد في أرياف إدلب وحماه وحلب، التي تشهد اشتباكات بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا.
لكن ازدحام المخيمات سواء المشيدة سابقاً أو العشوائية التي أنشئت حديثاً في المناطق الحدودية، جعلت تأمين العوائل النازحة لمأوى يحميها ويجمع شملها تحت خيمة ما، أمراً بالغ الصعوبة.
وقال محمد العلي، وهو نازح من ريف حماة الشمالي، لـ "نورث برس"، إنه نزح إلى الشمال السوري لكنه، كحال الكثيرين هنا، لم يجد متسعاً لعائلته ضمن المخيمات، فلجأ إلى شراء قطعة أرض وبناء منزل صغير عليها، لأن "البناء يبقى أرحم لنا من استئجار منزل".
وتشهد القرى والبلدات الحدودية القريبة من المخيمات شمالي إدلب ارتفاعاً كبيراً في إيجارات المنازل، حيث وصل إيجار منزل صغير مؤلف من غرفتين إلى /100/ دولار شهرياً، بحسب عضو المجلس المحلي لبلدة أطمة، محمد عليوي، الذي علق على الأمر "وكأن المناطق الحدودية باتت للسياحة".
وأضاف، في تصريحٍ خاص لـ "نورث برس"، إن بلدة أطمه والمناطق المحيطة بها شهدت موجة من بناء البيوت "الإسعافية"، بسبب ما تعانيه المخيمات من ازدحام أعداد النازحين القادمين من مناطق ريف إدلب وريف حلب وريف حماة الغربي، والذين قصدوا المخيمات هرباً من الموت وغلاء الإيجارات.
وقال أحمد الخالدي، وهو نازح من ريف معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، لـ "نورث برس"، إن البناء هو الحل الأفضل، "ما ندفعه أجرة إقامة شهرين أو ثلاثة أشهر في منزل ما، يكفي لشراء قطعة أرض نبني عليها بيتاً إسعافياً".
ويختار النازحون في إدلب المناطق القريبة من المخيمات على الحدود السورية التركية لأنهم يرونها أكثر أمناً وليكونوا في متناول المنظمات الإنسانية وقريبين من الجهود الإغاثية المتاحة.
ويقوم النازحون بشراء أراض في الريف الشمالي لإدلب، بسعر يتراوح بين دولار واحد إلى دولارين اثنين للمتر الواحد إذا كانت الأرض من الاملاك العامة التي كانت سابقاً تتبع للحكومة السورية، أما في حال كانت الأرض من الأملاك الخاصّة بأهالي المنطقة فيتراوح سعر المتر الواحد بين /2.5/ دولار إلى /9/ دولارات، بحسب نازحين اشتروا أراضٍ وبدؤوا بالبناء فيها.
وكان مسؤول المخيمات في إدارة شؤون المهجرين، أسامة أبو عبد الرحمن، قد قال لـ"نورث برس" في وقت سابق هذا الشهر، إن أعداد العائلات النازحة مؤخراً إلى مخيمات شمالي إدلب بلغت أكثر من /١٢٣/ ألف عائلة، توزّعت على مخيمات سرمدا وقاح وأطمة، بينما انتشر البعض منهم في مناطق متفرقة مثل إدلب المدينة ومراكز الإيواء المؤقت.
ولا تشمل أعمال بناء المنازل من قبل النازحين كل بلدات الريف الشمالي من إدلب، بل تتركز في قرى وبلدات حدودية مع تركيا، مثل بلدات القاح وأطمه وكفر لوسين وحارم وسلقين وغيرها من البلدات البعيدة عن مناطق القصف والتصعيد والتي تعتبر أكثر أمناً.
وبلغ عدد سكان المخيمات قرابة المليون نسمة، ضمن أخر إحصائية، موزعين على ألف مخيم تقريباً، ناهيك عن وجود عائلات منتشرة في البراري والأماكن البعيدة لم يتم الوصول إليها، يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية، بحسب مسؤول في مخيمات إدلب.