حلب – نورث برس
لا يزال بازار عفرين حاضراً في الذاكرة الشعبية لسكان ريف محافظة حلب، وكذلك تجّار مدينة حلب الذين كانوا يرتادونه يوم الأربعاء من كل أسبوع، بالرغم من اقتراب مرور عامين على سيطرة تركيا وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على مدينة عفرين.
فالسوق الشعبي الأكثر شهرة في الشمال السوري والذي كان يُقام كل أربعاء من كل أسبوع، كان فرصة مناسبة للتجّار لعرض منتجاتهم، إضافة للفلاحين الذين كانوا يسوّقون منتجاتهم الزراعية، بالإضافة للزبائن من أصحاب الدخل المحدود الذين كانوا يقصدونه للحصول على بضائع بسعر مناسب.
استذكر محمد الناصر، وهو تاجر من حلب، بازار عفرين وأهميته له كتاجر مواد غذائية بقوله لـ "نورث برس": "كان لبازار عفرين أهمية كبيرة في النشاط التجاري والاقتصادي لمعظم التجّار، لاسيما تجار المواد الغذائية، فالسوق كان يشكّل فرصةً مواتية لتصريف وشراء البضائع، وغياب البازار أثر بشكل سلبي على أعمالنا".
أما يحيى الباشا، وهو من سكان ريف حلب الشمالي، فعبّر لـ "نورث برس" عن حنينه لبازار عفرين وبالأسى لعدم تمكنه من الذهاب إليه بعد سيطرة تركيا وفصائل المعارضة المسلحة على مدينة عفرين. على حد تعبيره.
وذكر الباشا أن البازار كان مقصداً له بشكل أسبوعي لشراء كافة احتياجاته من مواد غذائية وتموينية وحتى من الألبسة والأدوات المنزلية. فمختلف السلع والبضائع كانت ذات أسعار مناسبة لأصحاب الدخل المحدود، على حد وصفه.
وكانت الحركة المرورية على الطرقات الواصلة الى مدينة عفرين في كل أربعاء تشهد ازدحاماً وتجمعاً لأعداد كبيرة من السيارات بمختلف أنواعها وأحجامها، ما يوحي بحجم الإقبال الكبير الذي كان يشهده البازار الشهير في الشمال السوري.
أتت شهرة السوق الشعبية أو "البازار" من تميّز المنتجات المعروضة ونوعيتها، لاسيما "المنتجات العفرينية" فزيت الزيتون والزبيب والتين المجفف وغيرها من المنتجات الزراعية المصنعة يدوياً كانت تلقى رواجاً كبيراً، ليس في حلب وأريافها فحسب بل في المناطق السورية عموماً.
فكان من المتعارف عليه أن أي صنف غذائي أو زراعي مصدره عفرين وبازارها يعني أنه مرغوب وعالي الجودة.
أبو صبحي الاحمد، تاجر زيت من أهالي بلدة أخترين في ريف حلب الشمالي الشرقي ومقيم في حلب، حمَّل تركيا والفصائل المسلحة التابعة لها مسؤولية تدمير الاقتصاد الزراعي والنشاط التجاري المرتبط به في حلب عامة وفي ريفها الشمالي خاصةً.
وقال: "كانت عفرين هي القلب التجاري النابض لأرياف حلب، لاسيما الشمالي، أنا كتاجر زيت كنت أرى البازار حدثاً اسبوعياً لا يمكن تفويته، حيث كنت أعقد فيه الصفقات التجارية مع التجّار الآخرين والمذراعين".
ونوه الأحمد إلى أن السيطرة تركيا وفصائل المعارضة التابعة لها على عفرين تسبب في حرمان آلاف العائلات من مصدر دخلها، لا سيما التي كانت تعتمد على المواسم الزراعية، على حد قوله.
أما حسين فواز، من بلدة الزهراء في ريف حلب الشمالي، فسرد ذكرياته عن البازار؛ " كان يوم الأربعاء بالنسبة لي، كتاجر متواضع، يوم عملٍ أسعى فيه خلف رزقي، كنت أقصد البازار العفريني لشراء منتجات مختلفة، لا سيما من المنتجات الغذائية المصنعة في عفرين وأبيعها في مدينة حلب أو في بلدتيّ نبل والزهراء، كنت أحقق مرابح جيدة وكافية".
من جانبه، لفت علي حسن ديب، عضو مجلس محافظة حلب، إلى أن غياب بازار عفرين أثر بشكل كبير على الأسواق الشعبية التي تقام بشكل موسمي أو أسبوعي، حيث كان بازار عفرين الأكثر إقبالاً ورواجاً، على حد وصفه.
وأضاف، " تحاول محافظة حلب بالتعاون مع المجالس البلدية جاهدة تطوير بازاراتٍ ريفية في مختلف مناطق ريف حلب، لا سيما في مسكنة في الريف الشرقي لحلب وفي تل رفعت وحتى سوق الجمعة في أحياء حلب الشرقية".
واستدرك ديب، بأن وجود أسواق شعبية وبازارات بديلة في مختلف الأرياف الحلبية لم يسد الفراغ بالنسبة للنشاط التجاري الريفي، ولم يستهوِ تجار حلب كما كان حال بازار عفرين.
رغم مرور نحو عامين على سيطرة الجيش التركي و الفصائل التابعة له على عفرين، لكن لا يزال "بازارها "هو الغائب الحاضر لدى شرائح كبيرة من سكان حلب وأريافها، فالبازار لم يكن مناسبة تجارية فحسب، بل كان حدثاً اجتماعياً هاماً، يحوي بين جنباته وعلى بسطاته مختلف الشرائح والمكونات السورية التي فرقتها الحرب وكان يجمعها البازار.