الانتشار العشوائي للسلاح في السويداء وسيلة للحماية وخطر يهدد أمن السكان
السويداء – جبران معروف – نورث برس
يعيش أهالي السويداء جنوبي سوريا، حالة قلق مستمرة إزاء الانتشار الواسع للسلاح في المنطقة، فبقدر ما يراه بعضهم حاجة لتأمين الحماية، وخاصة عقب هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الريف الشرقي للمحافظة قبل نحو عامين، لكنه يشكل قلقاً بالغاً بسبب انتشاره العشوائي ما يهدّد الأمن و حياة السكان.
حَمل السلاح مجبراً
وقال مروان سلمان (65 عاماً)، وهو موظف متقاعد ويعيش في السويداء، لـ"نورث برس"، إنه كان من أشد الرافضين لحمل السلاح، "كلما فتح حديث حول التسلح كنت أجعل من نفسي مثالاً عن عدم احتياجي لحمل السلاح منذ بداية الأزم السورية عام 2011".
لكن الأمر تغير بالنسبة لسلمان خصوصاً عقب هجوم تنظيم "داعش" في /25/ تموز عام 2018، نتيجة لفقدانه الإحساس بالأمان، لدرجة أنه يرافق أبناءه أثناء زيارتهم لأصدقائهم أو عند التوجه للحافلة التي تقلهم إلى دمشق حيث جامعتهم، في حين يبذل كل جهده لتأمين فرصة سفر لابنه الأكبر، منتظراً تخرج الأصغر ليبعده أيضاً عن البلد نتيجة فقدان الشعور بالأمان.
ووقعت سلسلة من التفجيرات الانتحارية والهجمات المسلحة يوم 25 تموز/ يوليو 2018 نفذها تنظيم "داعش"، ما أسفر عن مقتل /221/ شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من /200/ آخرين.
وذكر موقع السويداء 24 المختص بنقل أخبار المحافظة، حينها، أن الطلب على الأسلحة والذخائر في محافظة السويداء ازداد بعد تلك المجازر التي ارتكبها مسلحو "داعش".
وقال مروان سلمان، "عقب ذلك اليوم قررت أن أقتني سلاحاً أدافع به عن عائلتي أولاً ومدينتي وأهلي ثانياً"، محملاً المسؤولية في توجه أهالي السويداء لحمل السلاح، لوجود شعور عام بأن "الجهات المعنية لا تؤدي مهامها في حماية أمن المجتمع، (….) يجب ضبط انتشار السلاح".
وقال سامر مراد، عشريني يعمل في مطعم وجبات سريعة في السويداء، " نحن لا نشعر بالأمان، قد تُهاجم السويداء بأي وقت، إن كان من تنظيم "داعش" أو غيرها من الفصائل المسلّحة، إضافة إلى احتمال أن يأتي يوم ما وتحاول إحدى الجهات الرسمية توقيفنا من أجل الخدمة العسكرية.. السلاح ضروري".
حوادث قتل متكررة
خلال الأيام القليلة الماضية قامت مجموعة من المجهولين بالاعتداء على طبيب أمام منزله وسلبته سيارته، في السويداء، وبرأي سامر مراد وبعض السكان، "لو كان الطبيب يحمل سلاحاً لدافع عن نفسه ومنعهم من سلب سياراته".
وشهدت المدينة خلال الأشهر الماضية حوادث قتل متكررة كان ضحاياها من فئة الشباب.
في 20 كانون الثاني/ يناير الفائت قتل شاب وفتاة من قرية كفر اللحف في الريف الغربي للسويداء، جراء تفجير الشاب البالغ من العمر 23 عاماً لقنبلة يدوية، على خلفية سجال بينهما بسبب رفض الفتاة – وهي إحدى أقربائه- طلب الخطوبة منه.
كما أقدم يافع في بلدة الكفر بالريف الشرقي لمحافظة السويداء نهاية العام الفائت، على قتل قاصر من بنات القرية عبر طلق ناري وتفجير قنبلة يدوية داخل منزلها جراء رفض خطبته، مما أدى لمصرعهما على الفور.
وأوضحت شبكة "السويداء "24 " في بلدة قنوات، إن سمية أيوب، 18 عاماً، وجدت مقتولة في الطابق الثاني من منزل عائلتها، في ساعات متأخرة من مساء يوم السبت 18/1/2020.، وذكر مصدر طبي للشبكة أن سمية وصلت إلى مستشفى السويداء الوطني مصابة بطلق ناري في الرأس، أدى لمصرعها.
غياب للرقابة
ويقبل غالبية من يسعون للحصول على السلاح في السويداء على اقتناء بندقية أو مسدس، فيما يشتري من يعاني ضائقة مالية القنابل اليدوية "بسعر غير مرتفع"، وتبقى فئة قليلة من الشباب الذين "يقودهم الهوس أحياناً إلى مضادات دروع أو رشاشات، وأسلحة من غير المنطقي اقتناؤها كالأحزمة الناسفة".
ويلجأ شبان كثيرون إلى الانضمام إلى فصائل مسلحة محلية، يرون أنها توفر الحماية لأعضائها في حال حدوث أي مشكلة مع الجهات الأمنية التابعة للحكومة السورية أو أفراد لهم ارتباطات مع مجموعات أو فصائل أخرى، بحسب ما أفاد به سكان من المدينة لـ"نورث برس".
وقال بسام ( اسم مستعار) وهو ناشط مدني في مدينة السويداء، لـ "نورث برس"، إن مشكلة الانتشار العشوائي للسلاح اليوم تعود إلى وجود فئة صغيرة من الشباب غير المنضبطين، " غالباً هم شباب ذوو مستويات اقتصادية ودراسية متدنية، عاطلون عن العمل أو يعملون في أعمال غير مشروعة"، لكنه يرى أن هذه الفئة كانت "الأكثر اندفاعاً للدفاع عن السويداء، أثناء هجمات داعش أو الفصائل المتشددة".
و بحسب الناشط المدني فإنه لا توجد حتى الآن إرادة لدى السلطة أو القيادات المجتمعية "لضبط انتشار السلاح وتنظيمه"، وأن كل الطروحات الحالية تغفل مسألة انعدام الثقة على مختلف المستويات، وتريد احتواء المجموعات الكبيرة وتحييد أخرى، على حد تعبيره.