من النزوح لموت ابنتها إلى محاولة انتحار الأب…أمٌّ من رأس العين مصابة بالسرطان تروي مآسيها

الحسكة – أفين شيخموس / جيندار عبد القادر – نورث برس

 

"من شدة مرض ابنتي وألمها، نسيت أنّي أحمل نفس المرض والألم"، حياة، التي لم ترأف بها الحياة ولا بعائلتها، تستهل بمأساتين متشابهتين، قصة عائلتها التي أنهكتها المرض، ليلحقها في الأخير التهجير القسري من منزلها، ليزيد ألم المرض، مرارة النزوح.

 

تتحدث وهي تضم يديها وتشبك أصابعها وتباعدها، في محاولة لإخفاء فجيعة فقدان فلذة كبدها، وخوف من فقدان آخر، ووجع زوجها، لتبدي على وجهها ملامح الصمود أمام الموت الذي بدأ يتربص بها وبعائلتها.

 

لا تدري حياة حمو محمد، وهي نازحة من مدينة رأس العين / سري كانيه، من أين تبدأ سرد قصتها، ومن أي ولد من أولادها تباشر حديثها، لتختار في النهاية الوجع الأكبر للبدء، فتقول "ابنتي ماتت أمام أعيننا، كانت مريضة، كانت تتألم دائماً، لم نكن نملك حق جرعاتها، تفاقم مرضها فماتت هنا".

 

عدم امتلاك عائلتها ثمن الجرعة الكيمياوية لابنتها هايستان البالغة من العمر 22) عاماً)، وتأخر مداوتها، جعلت حياة تفقد ابنتها بعد نحو شهرين من تهجيرهم من منزلهم، نتيجة إصابتها بكتلة سرطانية في الرأس.

 

لم تذرف حياة دموعاً، وهي تتحدث عن فقدان فلذة كبدها، بل بدت أكثر صرامة، بعد أن أهلت هذه الدموع، بما فيه الكفاية أو ربما ما تزال تذرفها في أوقات خلوة مع نفسها، حرصاً على عدم إحساس باقي أولادها بوجعها.

 

تتذكر حياة أنها تحمل نفس مرض ابنتها، والذي قضم منها أحد أثداءها في السابق، دون علم منها، ماذا سيقضم منها في المستقبل؟! فتقول "أنا أيضاً أحمل مرض السرطان، لدي سرطان الثدي وقد قمت باستئصال أحد أثدائي".

 

تشير وهي تكمل حديثها، إلى أنها أوقفت كامل علاجها منذ /4/ أشهر "لأجل ابنتي، فلم يكن لدي أي هم سوى أن تتعافى ابنتي" هكذا تضيف الأم حياة.

 

ابن حياة البكر خضع لخمس عمليات في قدمه، تقول حياة عنه "يحمل روحه في كف يديه، بأية لحظة يمكن أن يفقد حياته هو الآخر، كونه عضو في واجب الدفاع الذاتي".

 

تتوجه حياة بالنظر إلى زوجها الذي يعاني من قرحة معدية، فتقول "حاول زوجي بعد وفاة ابنتي أن ينتحر، عندما وجد ابنتي تموت أمام عينه وبدأت صحتي تتراجع، دون أن يستطيع فعل شيء، قام بطعن نفسه بالسكين، حاول الانتحار للهروب من الواقع الذي نمر ب".

 

أجريت له عملية جراحية أرجعته للحياة، التي كان مستاءً منها لدرجة الانتحار، فيما يعاني ولد آخر لحياة من قصر النظر، إذ يتم وضع نظارة ليتمكن من الرؤية.

 

تنوه حياة في حديثها إلى أنها راضية بـ"قسمة الله"، إلا أنها أبدت تذمرها واستياءها من المطالب التي تدعوها للخروج من المدرسة إلى المخيمات.

 

وتقطن حياة مع عائلتها في غرفة بمركز إيواء (مدرسة) في مدينة الحسكة، فتضيف قائلة "نحن راضون بكل ما جرى لنا، ولا نقول إلا الحمد لله، ولكن  ما يزيد هذه المصائب، طلبوا منا أن نغادر المدرسة، يريدون ترحيلنا إلى مخيم نوروز في ديريك".

 

وتطالب حياة بتأمين سكن لهم ليتمكنوا من مغادرة المدرسة، وتتابع قائلة "نحن لا نستطيع الذهاب إلى المخيمات في هذا الشتاء، أنا مريضة، وزوجي مريض"، لتتساءل بنبرة حزن "كيف سأذهب إلى مدينة ديريك وأترك قبر ابنتي خلفي؟!".

 

وتصف حياة مغادرة عائلتها للمدرسة والسكن في المخيمات في فصل الشتاء بـ"لا عدل"، مطالبة أن يتم تقدير ظروفهم المعيشية والصحية.

 

وتؤكد حياة أن المنظمات لم تقدم أية مساعدات لهم، مشيرة إلى أن المنظمات يأخذون المساعدات على أسماء أهالي رأس العين، إذ تقول السيدة المفجوعة بعائلتها: "تأتي المنظمات إلينا يومياً، فتقوم بتسجيل أسمائنا وتأخذ أرقامنا ولكن دون جدوى".

 

وتعود حياة بذاكرتها إلى مسقط رأسها رأس العين / سري كانيه، فتقول "لم نكن نحتاج شيئاً في سري كانيه، كانت أوضاعنا جيدة، لم نكن جياعاً في منازلنا"، واصفة الظروف التي تمر بها بـ"الصعبة جداً".