من سوّاح إلى جهاديين… أربعة أخوة أستراليين يأتون لسوريا لتطبيق الإسلام (3/5)
روج موسى/جيندار عبدالقادر – NPA
لم تنتهي رحلة السياحة التي خاضها حمزة الباف مع ثلاثة من أخوته من استراليا إلى التايلاند بهدايا للعائلة وصور تذكارية, بل قرّر الأخوة التوجّه إلى تركيا, ليدخلوا بعدها لسوريا سنة 2015 ويكملوا رحلتهم السياحية في “أرض الخلافة” كما سُميت.
حمزة العصام الباف المكنى بأبو ريان الأسترالي (27 عاماً)، جهادي أسترالي من أصول لبنانية وهو الأخ الأوسط بين خمسة أخوة وأخت، كان يقيم في سيدني قبل انضمامه إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” بدايات 2015 لكي تنتهي مسيرته مع التنظيم في الباغوز آذار/مارس الماضي عقب تسليمه نفسه في آخر دفعة من الجهاديين.
التقت “نورث برس” بأبو ريان الأسترالي، الجهادي الأسترالي الثالث المُعتقل, والمُتذمر بسبب عدم رؤية الشمس، في أحد سجون قوات سوريا الديمقراطية ذات الحراسة المشدّدة,
توديع للعزوبية في أراضي الخلافة
كأغلبية مقاتلي التنظيم المعتقلين في سجون قوات سوريا الديمقراطية بشمال وشرق سوريا، يقول أبو ريان الذي قطع أكثر من عشرة آلاف كيلومتر بإنّه كان يعمل في أحد المطابخ العامة للتنظيم في دير الزور.
ويضيف بأنّه انضم للتنظيم بعدما سافر مع ثلاثة من أخوته إلى التايلاند بغرض السياحة ثم سافروا لتركيا للسياحة أيضاً، لتنتهي به السُبل في سوريا بدون علمه على حد قوله.
ويدَّعي بأنهم جاؤوا كإخوة لقضاء رحلة عائلية سعيدة بمناسبة زواج أخيهم الأكبر؛ بلال الباف (29 عاماً), غير راغبين بالانضمام للتنظيم.
يَسرد أبو ريان قصته بالقول “أحد أخوتي، أظنه بلال كان ينسق لدخلونا إلى سوريا لمناطق سيطرة التنظيم دون علمنا”، مشيراً في نفس الحين إلى إنَّهم لم يكونوا راضيين عن ذلك، ولكنه بقي حتى خروج آخر دفعة من المعقل الأخير للتنظيم.
من تركيا الممر لسوريا “الخلافة”
لم يخرج حمزة من الباغوز خالي الوفاض، بل حمل معه إصابته التي كانت بادية في حركة يده اليسرى إلى جانب الترهلات المتجمعة على جسمه نتيجة خسارته الكثير من وزنه.
دخل أبو ريان الأسترالي أراضي “الخلافة” التي أعلنها التنظيم المتشدد عام 2014 مع أخوته؛ عمر الباف المكنى بأبو عمر الأسترالي (31 عاماً)؛ وبلال الباف المكنى بأبو بلال الأسترالي (29 عاماً)؛ وطه الباف المكنى بأبو طه الأسترالي (21 عاماً).
يصف أبو ريان طريقة دخولهم من تركيا لسوريا بـ”السهلة” وأشار إلى إنّ الجيش التركي كان بعيداً عنهم ولم يعرقل دخولهم، ذاكراً بأنّهم دخلوا عبر سيارات للتنظيم نقلتهم من أورفا لمدينة تل أبيض السورية.
بعد دخول الأراضي السورية، يقول أبو ريان بأنّهم بقوا في مضافة التنظيم بتل أبيض لثلاثة أشهر لكي يفرزوهم فيما بعد، ففُرز أبو ريان إلى مطعم للتنظيم بالميادين الأمر الذي أدى إلى فقدان أبو ريان الاتصال مع أخوته الثلاثة حسب ادعاءه.
قطع آلاف الكيلومترات ليفتح بقالية
كان التنظيم يمنح أبو ريان /100/ دولار كراتب شهري لقاءً لعمله في المطعم المعروف باسم “المطعم الأسود” حسب ادعاءه ونُقل فيما بعد لدير الزور نتيجة اشتداد العمليات العسكرية ضد التنظيم ليقِلَ مرتّبه إلى النصف.
ولم يكن مقاتلي التنظيم يستخدمون عملته التي أصدرها أثناء اشتداد المعارك عليه كونه كانت بلا فائدة حسبما يقول أبو ريان.
قام أبو ريان الجهادي الذي قدم من أستراليا بافتتاح بقالية صغيرة لبيع البسكويت في دير الزور لكي يحصل على النقود فيما كان ينام بالمساجد عقب خروجه من التنظيم.
يكمل أبو ريان ادعاءاته قائلاً بأنه خرج من التنظيم وبدأ بالتنقل في المناطق بـ”الخيل”، بحثاً عن أخوته الثلاثة الذي سمع إنهم في الدير، ولكنه كان خائفاً من أن يعتقله التنظيم لأنّه فار.
نادمٌ فخور
ويذكر في سياق حديثه بأنّ والده ووالدته تواصلوا معهم وأصروا على عودتهم التي يقول أبو ريان بأنّهم لم يستطيعوا كونه كان هناك رقابة شديدة على المهاجرين، ويتحدث أبو ريان بصيغة الجمع أي بمعنى أن التواصل كان جماعي، مناقضاً حديثه بالقول بأنّه فقد الاتصال مع أخوته الثلاثة في تل أبيض.
وأكّد بأنّ عملية الفرار من مناطق سيطرة التنظيم كانت صعبة للغابة، وبأنّه لو سنحت له الفرصة حينها لغادر، ولكن “كنتُ أخاف من المهربين أن يسلمونا للشعيطات أو الشيعة أو الروافض”.
يُناقض أبو ريان الذي كان يبدو في حركة يديه وعينيه أثناء اللقاء توتر كبير, حديثه عدة مرات، حيث قال بأنُه وجد أنّ كل شخص لم يعجبه التنظيم يستطيع المغادرة، في حين هو بقي لآخر دفعة من الباغوز متحججاً بأنّه هناك رقابة عليه وتحدّث عن مدى صعوبة الخروج من أراضي التنظيم.
اعتبر أبو ريان أيضاً بأنّ التنظيم المتشدّد كان يطبق تعاليم القرآن والإسلام بحذافيره، مشدّداً على إنّه لم يسمع بقيام التنظيم بقتل الأبرياء مثلما لم يشارك أو يشاهد أي إعدامات ميدانية، بل رأى حالات الجلد التي يعتبرها “طبيعةً”.
“أفضل البقاء في شمال شرقي سوريا”
الجهادي النادم كشف عن إيمانه بالجلد وقطع الايد قائلاً أنها تعاليم موجودة في القرآن وهي تعاليم إسلامية.
وبخصوص النساء اليزيديات أكّد بيعهم كسبايا ضمن المراتب العليا بالتنظيم إذ تم بيعهم بأسعار عالية، متهرباً عن الإجابة حول سبب قيام التنظيم بسبي اليزيديات بالقول “لا أعلم لماذا فعلت الدولة هذا”.
وأراد الجهادي الأسترالي ذو القصة المتناقضة أن يطالب في نهاية حديثه حكومة بلاده باستلامه لكي يمضي عقوبته هناك إذا كانت قصيرة، مفضلاً البقاء في شمال شرق سوريا إذا كان مدة العقوبة أقصر من أستراليا منوهاً إلى إنّه يستطيع تقديم تعهدات لعدم الانضمام لتنظيمات متشدّدة في حال عودته لبلاده.