رغيف الخبز في اللاذقية بين الدعم الحكومي والإدارة الاقتصادية

اللاذقية – عليسة أحمد – NPA
لا يزال الخبز المادة الأكثر جدلاً عند الحديث عن الوضع المعيشي للمواطن السوري، أو التكهن بأي تغيير في السياسة الاقتصادية المعمول بها حكومياً، ويعتبر أيضاً الخط الأحمر الذي لا يجوز تجاوزه أو التفكير بالقفز فوقه.
فالخبز هو المادة الأساسية التي لم تنجح كل المحاولات بتحريره أو رفع الدعم الحكومي عنه، الذي في حال نجاحه يمثل تهديداً للشريحة التي باتت تشكل غالبية المجتمع وهي من محدودي الدخل.
عوامل الرداءة
دخلت سوريا عامها التاسع للحرب ولم ينقطع رغيف الخبز عن المواطنين رغم كل الصعوبات الداخلية من حرق حقول القمح، والصعوبات الخارجية المتمثلة بالعقوبات الاقتصادية على المستوردات.
والضغط في الطلب على مادة الخبز خاصة في العطل والأعياد، وقلة الخبرة الفنية البشرية لإنتاج العجين والتلاعب في بعض الأحيان، مع ضعف الرقابة أسباب مجتمعة تسهم في رداءة نوعية الخبز، وبالتالي اختلاف طعم الخبز بين منطقة وأخرى.
رغيف الخبز في مدينة اللاذقية حاله كما الكثير من المدن يعاني بين الحين والآخر من بعض المخالفات والمنغّصات، كالتي تم تداولها منذ فترة قريبة حول تراجع جودة رغيف الخبز، والذي تكون عقوبته دفع غرامة مالية، وضبط أفران تبيع مخزونها من الدقيق وتستبدله بالنخالة (كتمويه)، مما يؤثر على جودة الخبز، والذي تصل عقوبته أيضاً إلى حد إلغاء رخصة أي مخبز يتم ضبطه يُتاجر بالدقيق التمويني.
محاولات ضبط عملية التوزيع
يَتبع لفرع مخابز اللاذقية حوالي /15/ مخبزاً يغطون نسبة /48/% من حاجة المحافظة، بينما تتم تغطية باقي احتياجاتها من الأفران الخاصة المنتشرة بشكل كبير، وتبلغ حوالي /186/ مخبزاً.
ويتم التنسيق حالياً بين المحافظة و مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك وفرع المخابز لإجراء دراسة لواقع الأفران الخاصة واحتياجاتها من الدقيق التمويني، وضبط عملها بأقل من الوزن النظامي المخصص لها، على الرغم من جهود المحافظة بإيصال الدقيق التمويني مجاناً لكافة مخابز المدينة ريفاً ومدينة (وهي خطوة جديدة في سوريا) بالاستعانة بآليات الجهات العامة، وقد بدأت به محافظة اللاذقية هذا العام، وبالتالي الاستغناء عن الوسيط الناقل بين المطاحن والمخابز ما يعني توفير مبلغ النقل.
والهدف من كل هذا هو ضبط عملية توزيع الدقيق التمويني، والحد من تهريبه والاتجار به في السوق السوداء، مما يجعل المخابز تلتزم بالوزن المحدد، وبالتالي مكافحة الغش والتلاعب بغذاء المواطن.
كمية الخبز التي تحتاجها المحافظة يومياً يجري تأمينها، وفي حال إغلاق أحد الأفران سواء لوقف مخصصاته أو عطل, يلتزم فرع المخابز بتوفير احتياجات المنطقة نفسها عبر سيارات أو أكشاك أمام الفرن المغلق، وتجري حالياً إجراءات حازمة لضبط عمل المخابز والرقابة عليها أودت بجملة إعفاءات لعدد من مسؤولي شعب التموين ومدراء أفران، لحسم الجدل بأن الخبز حاجة أساسية في قوت المواطن لا يجب التهاون معها.
معاناة الريف بتوفير الخبز
لكن رغم كل الجهود المبذولة لتوفير الرغيف لكل المناطق, إلا أن هناك مناطق لا تزال تعاني في الحصول عليه لبعد الأفران المخدّمة وخاصة في الأرياف التي يقل عددها كثيراً عن المدينة، فنقص عدد الأفران في الريف يضطر بالأهالي لقطع مسافات بعيدة لتأمين الخبز.
يقول فهد سلهب، أحد سكان الريف الواقع على اوتستراد كسب، لـ "نورث برس" أنه يعتمد في توفير خبز عائلته, على بائع جوال ما يفرض مبلغاً إضافياً عدا عن القلق في حال تأخره.
يروي فهد معاناته في البحث بأحد أحياء المدينة عن كشك لبيع الخبز كون الأكشاك التابعة للمخابز كانت قد انتهت من دوامها اليومي.
بينما شكى مصطفى حلاق، الذي ابتاع ربطتي خبز من أحد الأفران الخاصة بعد طول انتظار ، أنه لم يتمكن من الاحتفاظ بالخبز لليوم الثاني ولم يعد صالحاً للأكل بعد اليوم الأول ورائحة الخميرة القوية تفوح منه.
ضبط كمية الخبز المباعة للمواطنين – بتحديد كمية البيع للشخص الواحد بمبلغ مئتي ليرة – منعاً للهدر لم تنفع في حماية رغيف المواطن وعدم تحوله كعلف للحيوان كما جرى منذ أسابيع عندما تم ضبط مستودع لتخزين كمية كبيرة من الخبز التمويني في إحدى المزارع يعود لأحد معتمدي بيع الخبز يستخدمه كعلف للحيوانات.