المخدرات والجرائم اللاأخلاقية تغزو مناطق نفوذ الحكومة السورية والأهالي يطلقون استياءاتهم

NPA
في زمن الحرب تنحل الأخلاق وتنفى بسلوكيات خارجة عن المألوف وتتجاوز المحرم، فيما يعزي البعض أنفسهم لحدوث ذلك، بردِّها لتداعيات الأزمة السورية من تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانتشار السلاح وقلة الرقابة الأمنية.
الحرب ذاتها خلقت أزمات نفسية عصية على الحل، نتيجة الكوارث المرافقة للحرب، من قتل وفقدان وتعذيب وخطف، وما يرافقها من تدهور ذهني وعاطفي، إلى جانب تشريد أجيال وحرمان الكثير من طفولتهم بتحميلهم هموم تتجاوز أعمارهم.
مناطق نفوذ سيطرة القوات الحكومية في سوريا، كانت مثالاً واضحاً وخطيراً، تمثل بانفلات أمني وزيادة كبيرة في نسبة الجريمة بمختلف أشكالها.

شبكة دعارة 
أغلب مناطق المحافظات السورية الواقعة ضمن سيطرة الحكومة السورية، سجلت جرائم اغتصاب وقتل وحالات ممارسة الدعارة وترويج وبيع لحبوب المخدرات بشكل فاضح.
كان لمدينة السلمية بريف حماة، نصيب من هذه الحالات عقب أن اعتقلت شرطة السلمية الحكومية، شبكة لممارسة وتسهيل الدعارة بالجرم المشهود، بعد تحقيقات مع لص سرق مبلغا ماليا من منزل أقربائه.
الشبكة تديرها إحدى النسوة، وتقوم باستغلال الفتيات لممارسة الأعمال غير الأخلاقية في منزلها، مقابل المنفعة المادية.
ولم يقتصر الأمر على العمل بشكل سري بعيداً عن العائلة، إنما تعدى الأمر من استغلال الفتيات والسيدات، إلى استغلال الرجال لزوجاتهم، والتي تجسدت بإحدى الحالات التي جرى الكشف عنها وهي غيض من فيض هذا الانفلات الأخلاقي الحاصل.
ففي العاصمة دمشق اعتقل فرع الأمن الجنائي، شخصاً يقوم بتسهيل الدعارة لزوجته في منطقة الشعلان (أحد أحياء العاصمة دمشق)، ضمن الشقق والسيارات لقاء المنفعة المادية.
عملية القبض عليه جرت بالجرم المشهود من خلال إيقاعه بكمين، أعدته الشرطة الحكومية، عبر إرسال مندوب لها إليه والتفاوض معه حول النشاط الذي يقوم به الرجل عبر زوجته، وتسجيل الحادثة بشكل صوتي.
وانتهى الكمين بإلقاء القبض على الرجل وزوجته، واللذين بررا هذا السلوك الفاحش، بتردي وضعهما المادي وحاجتهما للمال، وتعمد الرجل إقناع زوجته التي بدأت تصطاد الزبائن في الحدائق والأماكن العامة ليقبض هو المبلغ المطلوب منهم.

دعارة عائلية
وفي منطقة دف الشوك المجاورة لحي التضامن في الجزء الجنوبي من العاصمة السورية دمشق، جرى اعتقال أحد الأشخاص الذي عمد إلى تشغيل أسرته في الدعارة، إذ جرى اعتقاله مع زوجتيه وابنته في جرمانا بريف دمشق برفقة صاحبة الشقة التي تعمل في هذا المجال الفاحش، مقابل /5/ آلاف ليرة سورية و/3500/ دولار شهرياً.  

دعارة ومخدرات علنية
وتعالت صيحات استياء واستنكار من قبل أهالي حلب، ممن عبروا خلال صفحاتهم عنها، مطالبين بتدخل الحكومة للردع من انتشار الدعارة وارتباطها بشبكات الترويج للمخدرات.
وأكد الدكتور وضاح أبو دان، أن فتيات يقمون بالترويج للمخدرات بشكل علني في أحياء حلب، وينتظرن بالشارع لالتقاط الزبائن.
وقال أبو دان على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "أمام الحديقة المجاورة لجامع التوحيد في حي العزيزية بحلب، تقف فتاتان وتعرضان نفسيهما على المارَّة."
وأردف بأن "مَن يتم الاتفاق معه على ممارسة الدعارة، يتم مباشرة طرح اتفاق آخر عليه وهو بيع حبوب مخدرة "كبتاغون" وغيرها من أسماء أخرى، وفي حال رفض الشخص للمخدرات المعروضة تقوم الفتاتان بالسب والشتم والتوجه لزبون آخر."
في حين يضيف الدكتور مؤكداً على ملاحقة هذه المظاهر لتقديمها للجهات المعنية "كنَّا قد أعددنا طاقماً إعلامياً سرياً ليصوِّر الفتاتين بالصوت والصورة ولكن السيارة التي كانت أمامنا أقلَّتهما ولم نتمكن من ذلك."
وبعد أن تناولت عدة صفحات من وسائل التواصل الاجتماعي خبر الفتاتين مع صور بالشارع العام تحركت وزارة الداخلية الحكومية السورية، وتمكنت من القبض على الفتاتين في حي العزيزية بمدينة حلب.
وكشفت التحقيقات عن أن الفتاتين من أرباب السوابق حيث سبق وتم توقيفهما أكثر من مرة، وكان آخرها في الـ /10/ من كانون الثاني/يناير 2019 بجرم "عقوق وتصيّد زبائن بقصد ممارسة الجنس."
طرطوس أيضاً
وفي طرطوس ألقى الأمن السوري القبض على شبكة دعارة مؤلفة من /3/ أشخاص بينهم امرأة، بجرم الترويج للمواد المخدرة وممارسة الأفعال المشينة.
وذكر حساب الشرطة التابعة لوزارة الداخلية الحكومية على تطبيق فيسبوك، أنه من خلال التحري عن تجار المخدرات في طرطوس، تمكن فرع مكافحة المخدرات في المدينة، من إلقاء القبض على الأشخاص الثلاثة، وبحوزتهم كمية من مادة الحشيش المخدر والحبوب الدوائية المخدرة (الكبتاغون) ومسدس حربي بدون ترخيص.
وتأتي عملية اعتقال الثلاثة في طرطوس من ضمن حملة واسعة تقوم بها وزارة الداخلية السورية الحكومية، لمتابعة مروجي المواد المخدرة والمتاجرين فيها من كافة المحافظات، وتوقيف كل من يثبت تورطه بالتعامل بها.
كما ألقى الأمن السوري القبض على /7/ أشخاص بينهم نساء امتهنوا تعاطي وترويج المخدرات والدعارة ولعب القمار في منطقة مشتى الحلو بطرطوس، وكان بحقهم عدة اذاعات بحث بجرائم مختلفة.
الاعتقال أسفر عن مصادرة مئات الحبوب المخدرة وأوراق للعب القمار ومسدس حربي بدون ترخيص وذخيرة بارودة حربية روسية.

إحصائيات رسمية
مدير الهيئة العامة للطب الشرعي، زاهر حجو، كشف في أواخر العام 2018، أنه جرى توثيق /363/ حالة اعتداء جنسي على ذكور وإناث في /6/ محافظات سورية.
حجو أشار إلى احتلال حلب للمرتبة الأولى في هذه القائمة المخزية، وبلغ تعداد الحالات فيها وفقاً لتصريحاته التي أدلى بها لصحيفة حكومية سورية، /165/ حالة، تليها دمشق بـ/110/ حالات، و/48/ حالة في ريفها.
كما بلغ تعداد الحالات /58/ في محافظة حماة، بينما وصل عدد الحالات إلى /13/ في اللاذقية، ومن ثم السويداء بـ/6/ حالات وحالة واحدة في محافظة حمص.
وشملت البيانات الموثقة، الحالات الموثقة في المدن، دون الأرياف، في المحافظات آنفة الذكر، وأشار حجو إلى أن حوالي /90%/ من الحالات، لا يتم الإبلاغ عنها نتيجة خوف الأهالي من مسـألة العار والشرف وغيرها.
وأمام هذا الكم من الجرائم وهي جزء بسيط من جرائم مماثلة، أفسح لها المجال انتشار السلاح، وقلة المراقبة، والانفلات الأخلاقي والانحلال، لم يكن أمام الأهالي سوى إطلاق العنان لاستيائهم ليعبر عما في داخلهم من رفض لمثل هذه الجرائم في المجتمع الذي دمرته الحرب.