اللاجئون السوريون تحت ضغط الاعتداءات الأهلية وممارسات السلطات في تركيا ولبنان والأردن

NPA
بعد الاعتداءات التي طالت السوريين في لبنان وتركيا، شهدت المملكة الأردنية، اعتداءات طالت لاجئين سوريين أدت لموجة استياء في مناطق بالمملكة.
جريمة في الأردن
أقدم أردنيون غاضبون مؤخراً على إحراق محليْن تجاريين لسوريين في مدينة مآدبا، جنوب غرب العاصمة عمّان، على خلفية شجار بين لاجئ سوري ومواطن أردني في أحد مطاعم المدينة، انتهى بمقتل الأخير على يد السوري.
مديرية الأمن العام الأردني، فتحت تحقيقاً خرج بنتائج تفيد بهجوم مجموعة أردنيين على مطعم في مدينة مآدبا، الذي يعمل به اللاجئ السوري، إثر خلاف سابق بينه وبين أحدهم، وخلال العراك عمد السوري على طعن أحد مهاجميه بالسكين ما أدى لوفاته.
أعمال شغب
التقارير الواردة من الأردن، كشفت عن قيام مجموعة من المواطنين الأردنيين بأعمال شغب، وإضرام النيران في محلين تجاريين.
وأشارت تحقيقات الشرطة الأردنية أن لا علاقة لصاحبي المحلين, الذين أحرقا على يد أردنيين, بالمشاجرة، إضافة لوقوعهما في منطقة بعيدة عن مكان حدوث العراك وعملية القتل، فضلاً عن تعمد المحتجين على تحطيم زجاج محال تجارية أخرى.
إحراق المحلين وأعمال الشغب نجم عنه، وفاة شخصين بسبب الاختناق، أحدهما من جنسية عربية يعتقد أنه سوري، كانا داخل أحد المحلات.
وأوضح الناطق الإعلامي باسم المديرية، عامر السرطاوي، أنه "على إثر أعمال الشغب (..) باشر فريق تحقيق من مديرية شرطة محافظة مأدبا على الفور بجمع المعلومات حول مثيري الشغب لتحديد هوياتهم وإلقاء القبض عليهم."
وتمكنت الشرطة بعد ذلك من إلقاء القبض على ثلاثة منهم، في حين تأتي هذه الحادثة بعد تصاعد الاحتجاجات ضد اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان.
إذ شهد الشهران المنصرمان مضايقات كبيرة بحق اللاجئين السوريين في الدول المجاورة أدت إلى تحركات سياسية تصدر قرارات بترحيلهم بحجج مختلفة.
ترحيل قسري
على خلفية أحداث منطقة إيكي تللي بمدينة اسطنبول التركية في حزيران / يونيو الفائت، تصاعدت حدة الاحتجاجات ضد اللاجئين السوريين في المدينة.
اللاجئون سوريون في حديثهم لـ"نورث برس" آنذاك عن تخوفهم من تصاعد التوتر في المنطقة، خصوصاً مع استمرار الشرطة التركية وقوات الأمن في الانتشار ضمن المنطقة، مشيرين إلى التزام السوريين لمنازلهم.
ووصل عدد المرحلين إلى سوريا ما يقرب من /6/ آلاف لاجئ سوري، بعضهم يحمل بطاقة الحماية المؤقتة المسجلة بمدينة اسطنبول، فيما ادعت ولاية اسطنبول إمهال اللاجئين المسجلين بمحافظات أخرى مهلة /20/ يوماً ليغادروا المدينة.
وحذر بيان الولاية أن السوريين غير الحاملين لبطاقة الحماية المؤقتة أو الإقامة، سيتم ترحيلهم إلى المحافظات التي تحددها وزارة الداخلية، موضحاً إغلاق باب التسجيل للحماية المؤقتة في اسطنبول.
عمليات غير قانونية
في أواخر تموز / يوليو ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات التركية تقوم بعمليات غير قانونية بحق اللاجئين السوريين في تركيا، لتجبرهم على العودة لبلادهم.
واتهمت المنظمة ​السلطات التركية​ بـ"إجبار السوريين على توقيع إقرارات برغبتهم في العودة إلى ​سوريا​ بشكل طوعي ثم إعادتهم بعد ذلك قسراً إلى هناك".
هذا الإجراء دفع السوريين لبيع أثاث منزلهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بثمنٍ بخس، هرباً من ولاية اسطنبول التركيّة، على وقع الحملة الأمنية غير المسبوقة بحقهم.
وأعلنت ولاية إسطنبول في مطلع آب / أغسطس أنه تم نقل /12500/ سوري غير مسجلين في مدينة إسطنبول إلى مراكز إعادة التوطين. كما نقل أكثر من /2600/ شخص آخرين إلى ملاجئ مؤقتة لدخولهم تركيا بطريقة غير شرعية ممن هم غير مسجلين لدى السلطات.
خطاب الكراهية
لا يختلف الأمر في لبنان، بل تعداه لتهديم المنازل، وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت في تموز/ يوليو من العام 2018، أنها ستقوم بتسهيل عودة اللاجئين إلى سوريا بموجب اتفاق مع الحكومة السورية.
وفي آذار / مارس 2019 أعلن الأمن العام اللبناني أن أكثر من /172/ ألف لاجئاً عادوا إلى سوريا منذ كانون الأول / ديسمبر 2017.
فيما تصاعدت نبرة خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في لبنان في عام 2019، والتي تبناها بعض المسؤولين في الحكومة اللبنانية وعلى رأسهم وزير الخارجية وقائد التيار الوطني الحر المسيحي جبران باسيل.
بينما وجد هذا الخطاب صداه داخل المجتمع، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت ذاته أقام نشطاء ومثقفون والقوى السياسية حملاتٍ مضادة لما وصفوه بخطاب الكراهية العنصري، فيما تطورت الأمور لدى متبعي خطاب الكراهية مترافقة لحرق الخيم لتصدر أوامر من السلطات اللبنانية بهدم خيم وإغلاق المخيم بالكامل.
كما أجبرت القوات اللبنانية لاجئين سوريين يعيشون في مساكن شبه دائمة في الأراضي الزراعية، على تفكيك الجدران والأسطح الإسمنتية لهذه المساكن، واستبدالها بمواد أقل حماية، مهددة بهدم الجيش لمساكنهم.
الضغط بتفعيل القوانين
مدير برنامج حقوق اللاجئين في هيومن رايتس ووتش، بيل فريليك علق على ذلك "أمر بالهدم هو واحد من عديد من الإجراءات الأخيرة لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين للعودة. يشمل ذلك الاعتقالات الجماعية، والترحيل، وإغلاق المتاجر، ومصادرة أو إتلاف المركبات غير المرخصة."
وسعت السلطات اللبنانية لتفعيل قوانين متعلقة بالعمالة الأجنبية، وإغلاق المحال غير المرخصة، ومنع مئات السوريين من العمل بحجة مخالفة القانون، والتشديد على موضوع الحصول على الإقامات وغيرها.
كذلك تحدث مراقبون أن الهدف هو "الضغط على السوريين لإجبارهم على العودة وإظهار أن هذا الأمر بأنه جرى طوعياً"، مشيرين لقيادة شخصيات لبنانية رسمية لهذا الخطاب، رغم المخاطر المحيطة بعودتهم.
فيما حذرت مؤسسات حقوقية وإنسانية لبنانية دولية من "عمليات اضطهاد وتمييز عنصري وطائفي ضدّ النازحين."
تطوّر تصاعدي
من جهتها اتفقت روسيا مع السلطات اللبنانية، على التحرك لإعادة النازحين رغم تعقيدات الوضع السوري، لكن جهودها باءت بالفشل.
فيما قال نبيل الحلبي، مدير مؤسسة لايف القانونية، التي تُعنى بقضايا اللاجئين، لصحيفة الشرق الأوسط أن "ظاهرة المضايقات بحق اللاجئين ليست جديدة، لكنها تتطوّر بشكل تصاعدي، ارتباطاً بتغيّر الوضع الإقليمي لصالح النظام السوري."
ويقع اللاجئ السوري في نهاية المطاف، بين فكي الترحيل والعودة لبلاده متعرضاً  لاحتمال الاعتقال من قبل السلطات السورية، أو التعرض لمأساة أكبر في المناطق المنكوبة، والمعاناة من تردي الظروف المعيشية والاقتصادية، وبين البقاء والتعرّض لمضايقات أمنية واجتماعية في البلد المستضيف لهم.