مدينة كوباني تشهد ارتفاعا غير مسبوق في إيجار العقارات

كوباني-فتاح عيسى- جهاد نبو-NPA
تشهد إيجارات المنازل في مناطق شمال وشرقي سوريا ارتفاعاً في الأسعار, الذي ترافق مع نزوح أهالي ديرالزور الشرقي والرقة وعفرين إلى اقليم الجزيرة والفرات,  فأسعار إيجار المنازل والشقق السكنية تتراوح بين /50-25/ ألف، لتصل أحياناً إلى /70/ ألف ليرة سورية, بيد أنها كانت في السنوات الماضية تتراوح بين /10-15/ ألف ليرة سورية.
العوامل
والحال في مدينة كوباني/عين العرب لا يختلف كثيراً عن مدن شمال وشرقي سوريا, حيث تشهد إيجارات المنازل في المدينة ارتفاعاً غير مسبوق, ويعاني العائدون إلى مدينتهم من تركيا وإقليم كردستان والمدن السورية الأخرى صعوبة في الحصول على منزل للإيجار بأسعار مناسبة. 
وتلعب عدة عوامل في ارتفاع أسعار إيجار المنازل والمحلات التجارية، أهمها قلة عدد الشقق والمنازل السكنية في المدينة, مقارنة مع عدد الوافدين إليها، إضافة إلى قيام بعض المنظمات الأجنبية والمحلية استئجارها بأسعار مرتفعة لتصل إلى ألف دولار شهرياً.
فاطمة صبري, من أهالي المدينة أوضحت لــ”نورث برس” أنها تدفع سنوياً /250/ ألف ليرة سورية (430 دولار) كآجار للمنزل الذي تستأجره, رغم أن المنزل يقع في منطقة بعيدة عن مركز المدينة، مضيفةً أنها انتقلت بين عدة منازل بسبب ارتفاع أسعار الآجار بعد أن تعرض منزلها للدمار بسبب الحرب (المعارك التي دارت بين مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية ووحدات حماية الشعب  في أيلول 2014)، مشيرةً إلى أن أسعار الإيجارات تصل في مركز المدينة إلى نحو خمسمائة ألف ليرة سورية.  
وتعيش فاطمة مع سبعة من أفراد عائلتها في بيت آجار مؤلف من غرفتين في حي بوطان شرقي بكوباني، زوجها المريض لا يستطيع العمل, إضافة إلى وجود أطفال صغار يرتادون المدرسة يثقل كاهلهم، فالوضع المعيشي وارتفاع أسعار المواد الغذائية وارتفاع سعر الإيجارات تعتبر عبء عليهم، إذا لا يكفيهم الراتب حتى آخر الشهر.
وتعتمد فاطمة في معيشتها على عمل اثنين من أبنائها الصغار الذينِ لا تتجاوز رواتبهما معاً  /75/ ألف ليرة سورية شهرياً,  يدفعون منها نحو/20/ ألف ليرة سورية كآجار للمنزل الذي يقطنونه.
فرض الآجار
ويعاني المواطنون من ارتفاع أسعار مواد البناء وخاصة الإسمنت والحديد, إضافة إلى ارتفاع رسوم الترخيص الخاصة بالبناء، الأمر الذي يجبرهم على استئجار المنازل بدل من إعادة إعمار المنازل المدمرة.
 وفي هذا السياق, أشارت إلهام خليل, من أهالي المدينة، أن منزلها تدمر أثناء الحرب وبسبب ارتفاع أسعار مواد البناء, لا تستطيع إعادة إعماره، كونهم لا يستطيعون توفير شيء من راتبهم الذي لا يكفي سوى لمعيشتهم، موضحة أنها تدفع  سنوياً مبلغ مئتي ألف ليرة سورية كآجار لمنزلهم الذي يُعتبر بعيداً عن المدينة وبناءه قديم ومتضرر نوع ما.
رسوم الترخيص
وبلغ عدد المباني التي تم بناؤها في مدينة كوباني خلال الأعوام السابقة بدءاً من عام 2015 وحتى بداية شهر أيار/ مايو  الماضي نحو ألفي بناء سكني، بحسب المكتب الفني في بلدية الشعب بكوباني، فيما شهد العام الحالي أكثر نسبة لطلبات ترخيص البناء وصلت مع بداية شهر أيار/مايو الحالي لنحو 250// ترخيصاً سكنياً.
وتتقاضى بلدية الشعب في كوباني عن رسوم البناء مبلغ /150/ ليرة سورية لكل متر مربع واحد، بينما تتقاضى غرفة المهندسين 250// ليرة سورية بالنسبة للتراخيص التي يقدمها المواطنون، فيما تصل رسوم البلدية إلى /200/ ليرة سورية للمتر الواحد في حال تقيد الترخيص من قبل التجار ومتعهدي البناء، بينما تصل رسوم غرفة المهندسين في هذه الحالة إلى مبلغ 350// ليرة سورية.
قانون الآجار
رغم أن المجلس التشريعي في كوباني أصدر قانوناً خاصاً بالإيجار والرهن العقاري, بهدف منع استغلال المواطنين وتحديد سقف إيجار العقارات السكنية والتجارية، إلا أن عدة صعوبات واجهت تنفيذ هذه القوانين، ما جعلها حبراً على ورق.
وتوضح الرئيسة المشاركة للمجلس التشريعي في إقليم الفرات, فوزية عبدي, لـــ”نورث برس” أن المجلس أصدر قانون الرهن والإيجار في أيلول/سبتمبر 2015 لمنع استغلال أصحاب المنازل للمستأجرين، في ظل قلة عدد المنازل السكنية وزيادة الطلب عليها بعد “تحرير المدينة” من التنظيم.
وتضيف عبدي, أن قانون الرهن والإيجار صدر بعد دراسة لوضع الناس المعيشي وحُدد أسعار الإيجارات بشكل تتناسب مع دخل المواطنين في تلك الفترة، حيث تم تقسيم العقارات بموجب القانون إلى منازل وشقق وفيلات، وتراوحت أسعار الإيجار بموجب القانون من /100/ ألف ليرة سورية إلى//150 ألف ليرة سورية سنوياً.
وتضمن قانون الإيجار بنداً مُنع بموجبه تأجير أو رهن العقارات السكنية والتجارية بدون توثيقها لدى بلدية الشعب ووضع غرامة مالية للمخالفين، كما اشترط القانون على المكاتب العقارية توثيق عقود الإيجارات لدى البلدية تحت طائلة سحب الترخيص من المكتب العقاري لثلاثة أشهر في حال المخالفة. 
عدم تطبيق القانون 
وتقول المسؤولة التشريعية في كوباني، فوزية عبدي إن “المواطنين كان لهم دور في عدم تنفيذ القانون، من خلال قيامهم بعقد الإيجارات بينهم وبين المالكين بشكل شفوي، وعدم تقديم شكاوي عليهم لدى الجهات المختصة (البلدية والمحكمة) أثناء قيام المالك بطلب سعر مرتفع لتأجير عقاره. 
وتؤكد عبدي أن المواطنين مطالبين بكتابة عقد في المكاتب العقارية أو البلدية أثناء قيامهم باستئجار منزل كي تستطيع الجهات المختصة تحصيل حقوق المستأجرين من المالكين في حال مطالبة الأخيرة بأسعار مرتفعة. 
 ويعود السبب  في عرقلة تطبيق قانون الإيجار, لعدم قيام المستأجرين بتنظيم العقود في البلدية، كما أن المكاتب العقارية لا تقوم بدورها في التنسيق مع البلدية بخصوص عقود الإيجارات حسب ما أفاد به الرئيس المشارك لمجلس بلديات في مقاطعة كوباني, شيخ أحمد حمو, لـــ”نورث برس”.
ويضيف حمو إن تعرض الأبنية السكنية في المدينة لدمار شبه كامل، وعودة الأهالي من المناطق السورية الأخرى مثل دمشق وحلب والرقة إلى مدينتهم، ساهم في زيادة الطلب على الشقق والمنازل السكنية.
وفيما يتعلق بنزوح أهالي عفرين إلى المنطقة, أوضح حمو أن نسبة كبيرة من أهالي كوباني قدموا منازلهم مجاناً لأهالي عفرين النازحين، فيما هناك نسبة أخرى استأجرت بمبالغ تعتبر مرتفعة إلى حد ما، بسبب جشع أصحاب المنازل، على حد وصفه.
وارتفعت أسعار الإيجارات في كوباني/عين العرب  بداية 2013 مع عودة الأهالي المقيمين في المحافظات السورية إلى كوباني بسبب تمتعها بنوع من الاستقرار مقارنة ببقية المناطق السورية, لتشهد ارتفاعاً غير مسبوق خلال السنة الماضية.