لبنان/بيروت – ليال خرّوبي – NPA
العام 1915 يرسخ في ذاكرة الأرمنيينْ كسكين، ففي الرابع والعشرين من نيسان ذاكَ العامْ أصدرت السلطات العثمانيّة قراراً باعدام 250 أرمنيا من نخبة المجتمع في اسطنبول، إلا أن “التطهير العرقي” بدأ قبل ذلك بكثير.
وبعد مرور 104 سنواتْ على تلكَ المجازر لا يزال أرمن الشتات يحيون الذكرى، فحتى الساعة لم يتمّ الاعتراف تركياً بما حصل كإبادة جماعيّة، وذاك ينسحبُ أيضاّ على كثيرٍ من الدّول.
لبنان الذي شكّل إحدى الوجهات الرئيسيّة التي قصدها الأرمن المهجّرون من أراضيهم بداية القرن الماضي، شهدَ تظاهرةً شاركَ فيها الآلافْ إحياءً للذّكرى ومطالبةً بالاعتراف بالحقوق.
من منطقة برج حمودْ في بيروتْ سارتْ المسيرة بتنظيمٍ من الأحزاب الأرمنية الثلاثة: الطاشناق الهنشاك والرامغافار حتى كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس بمنطقة انطلياسْ.
نورث برس واكبت المسيرة واستطلعتْ مزاج الشّارع الأرمنيّ، وقالَ المواطنْ ماغارديش بيدروسيان: “نريد حقوقنا من تركيا، وعلى رأسها الاعتراف بالأراضي المحتلّة، كما نطالب لبنان بمساعدتنا على تحقيقْ هذا الأمرْ”.
أمّا زوجته فسردتْ لنا كيفَ جرى قتل جدتها وعماتها جميعاً خلال الأحداثْ وكيفَ رمت النساءُ أنفسهنّ في نهرِ الفراتْ كي لا يصلَ إليهنَّ الجنودُ العثمانيين.

المواطن ماغارديش بيدروسيان مع زوجته وأحفاده في المسيرة
وإذْ بدا الحضورُ الشابُّ لافتاً في المسيرة، تؤكّدُ ماريا كيششيان (26 عاماً) “لن ننسى أصلنا وقضيتنا وسنورّثها للأجيال المقبلة كما ورّثها لنا أهالينا، إلى حين اعتراف تركيّا بحقوقنا.”
أمّا على مستوى المواقف السياسيّة فقدْ أكّد هاكوب هنديان الذي ألقى كلمة الاحزاب الارمنية الثلاثة أنَّ “واقعة الإبادة لا يمكن انكارها والاعتراف بها ضرورة والشعب الارمني سيظل يطالب بالاعتراف والتعويض حتى الوصول الى حقوقه المشروعة”.
بدوره قال وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، سليم جريصاتي، الذي حضر ممثّلا رئيس الجمهورية ميشال عون: “إن الإصرار على نفي الإبادة الجماعية من شأنه أن يجعل الجرح نازفا أبدا وغير مندمل، فتتوالى أجيالنا على ذكرى يرتفع معها شاهقا، جدار فاصل من العداء، مجبول بألم الأجيال وعطشها إلى العدالة، وعصي بالتالي على الهدم والاختراق”.
ويُقدّرُ عددُ الأرمن في لبنان بنحو /70/ إلى /160/ ألف كحد أقصى، ينقسمون إلى الأرمن الأرثوذكس الذين يشكلون الأغلبية، ثم الأرمن الكاثوليك فالإنجيليون، ويتمركزون أساسا في منطقة جبل لبنان وتحديدا بيروت، وفي البقاع “بلدة عنجر” ومدينة طرابلس، ومعَ أنّهم جزءٌ لا يتجزأ من الفسيفساء العرقية والدينيّة للمجتمع اللبناني، تظلُّ قضيتهم تورّثُ عبر الأجيالْ لأجل ما يعتبرونه وفاءً لدماءِ أجدادهم.