السويداء تعاني العطش رغم الوعود الحكومية لحل الأزمة

السويداء – NPA 
يعاني غالبية أهالي محافظة السويداء (جنوب سوريا)، من نقص في المياه الصالحة للشرب، في وقت ماتزال المحافظة تشهد تساقط الثلوج والأمطار، حيث امتلأت السدود السطحية، في مشهد غاب عن الأهالي منذ سنوات طويلة، جراء الأعطال التي تخرج الآبار عن الخدمة.
يقول صالح (47 عاماً)، موظف من سكان مدينة السويداء، في حديثه لوكالة “نورث بريس”: “غالبا ما أسجل على نقلة ماء من البلدية كل شهر، إضافة إلى ما يصلنا من ماء عبر الشبكة، حيث يأتينا دور الماء مرة في الاسبوع، لكن منذ الشهر الماضي بدأت الفترة الزمنية المخصصة لحارتنا تقل، إضافة إلى أنها تأتي شحيحة، والنتيجة أن الكمية التي نحصل عليها أصبحت أقل، ما اضطرني إلى شراء نقلة مياه إضافية”.
وأضاف: “نقلة المياه الإضافية علاوة على صعوبة إيجاد صهريج لنقل الماء، بسبب كثرة الطلب عليهم هذه الأيام وخاصة من ساكني القرى، ومشكلة توفر المازوت، فالمحافظة أيضا تعاني من نقص الوقود، ستكلفنا مبلغا إضافيا، في وقت نحتار كيف نؤمن الخبز لعائلتنا”.
من جانبها، قالت أم هاني (56 عاماً)، سيدة منزل من بلدة القريا “منذ أكثر من شهر لم تأتنا المياه، وكلما راجعت البلدية، يقولون المشكلة من المؤسسة، وقد وعدوني منذ اكثر من /10/ أيام بجلب صهريج الماء، ولكن إلى اليوم لم يأتِ”.
وأضافت: “قد نجلس دون اغتسال لكن لا يمكن أن نجلس بلا ماء للشرب أو للمرافق الصحية”، موضحة أنها “تجلب كل يوم من خزان الهلال الأحمر الذي يبعد عن منزلها نحو /600/ م، عبر العبوات البلاستيكية التي تضعها على عربة صغيرة مصنوعة من الحديد، الأمر الذي يتطلب مجهودا كبيرا”.
وتساءلت أم هاني “ما أريد معرفته لماذا ليس لدينا ماء؟ والأمطار هذا العام أفضل من الأعوام السابقة، والسدود امتلأت بالمياه، وحتى الأرض ارتوت”.
مصدر مطلع في السويداء، طلب عدم الكشف عن هويته، قال في حديث مع وكالة “نورث بريس”: “بعد أن ظهرت بوادر أمل عامي 2013-2012 بإيجاد حل نهائي لمشكلة نقص مياه الشرب، خابت تلك الآمال مع تراجع العمل في مشاريع المياه، بسبب نقص التمويل”.
وأوضح أن “الأهالي يعتمدون على مياه الآبار الارتوازية والسدود السطحية بشكل رئيسي، في حين توجد في المحافظة بعض الآبار السطحية بعمق عشرات الأمتار، التي غالبا ما تستخدم لري بعض الأراضي الزراعية، وهي غير مستقرة بشكل عام من حيث الغزارة”. 
وتابع “إلا أن الأحداث العسكرية التي عاشتها المناطق المحيطة في المحافظة خلال السنوات الماضية، أخرجت مشاريع مائية مهمة عن الخدمة مثل مشاريع المزيريب، وآبار الرشيدة، وآبار خربا، وبعض الآبار المتفرقة في الثعلة والأصلحة والدياثة وغيرها” مبيناً أن كمية المياه التي خسرتها المحافظة نتيجة تلك الأعمال، تقدر بنحو /25/ ألف متر مكعب يومياً وهو ما يعادل ربع الاحتياج المائي اليومي للمحافظة.
وحسبما أوضح ذلك المصدر فإن الآبار الارتوازية أصبحت تخرج عن الخدمة واحدة تلو الأخرى، جراء أعطال الغطاسات، الناتجة غالبا عن أسباب متعلقة بالانقطاعات المتكررة وضعف جهد التيار الكهربائي، إضافة إلى نقص مادة المازوت ما يحول دون تشغيل مولدات الطاقة لتشغيل الآبار، كما أن ندرة ورشات مختصة لإصلاح الغطاسات في المحافظة فاقم من المشكلة، ما يضطر مؤسسة المياه لنقل الغطاس العاطل إلى دمشق أو حلب، حيث يوجد ورش إصلاح للغطاسات، الأمر الذي قد يستغرق أسابيع لتتم إعادته إلى السويداء، في وقت لا يوجد غطاسات بديلة لتلك التي تتعطل”.
وأوضح أن “مؤسسة المياه بالتعاون مع مؤسسة الكهرباء ومنظمات دولية، حاولت القيام ببعض الحلول، كمد خطوط الكهرباء لبعض الآبار خارج شبكة التقنين، إضافة إلى تركيب عدد من خزانات المياه كمناهل في القرى التي تعاني من عوز بالمياه، إلا أن كل هذه الإجراءات والوعود التي تطلق في كل عام، لم تحُل دون إنهاء معاناة الكثيرين من أهالي المحافظة جراء نقص الماء”. 
               
وكانت المؤسسة العامة لمياه الشرب بالسويداء أعلنت بداية العام الجاري، بحسب وكالة “سانا” التابعة للحكومة، أنها وضعت خطة للعام الحالي تتضمن تنفيذ مشروعات مائية متعددة، بهدف تحسين الواقع المائي وتلبية الطلب المتزايد على المياه جراء النمو السكاني والحضري بالمحافظة.
حيث نقلت الوكالة عن المدير العام للمؤسسة المهندس وائل شقير، أن أهم المشروعات المخططة للتنفيذ تتضمن استكمال مشروعي إرواء بلدتي الكفر وحبران والقرى الحدودية مع الأردن، ومشروع تدعيم الوارد المائي لمدينة صلخد من آبار العليقة وتجهيز الآبار التي تم حفرها أو ما زالت قيد الحفر في مناطق مختلفة من المحافظة، وربطها بالشبكات العامة وإنجاز المرحلة الأولى من مشروع إرواء ضاحية السكن الشبابي في سليم.
وبين المهندس شقير أن الخطة تشمل أيضا تنفيذ خطين رئيسين في مدينة السويداء بطول /2700/ م، وخط رديف لمشروع ضخ صلاخد شهبا بطول /6700/ م، وحفر وإكساء //6آبار عميقة في مختلف مناطق المحافظة، وتوسيع شبكات المياه بطول /59/كم واستبدال خطوط مياه قديمة بطول /57/كم إضافة إلى بناء عدد من الخزانات في عدد من المناطق. لافتاً إلى أن الاعتماد المرصود للمشروعات المخططة للتنفيذ يبلغ نحو /4/ مليارات ليرة.
وكانت المؤسسة العامة لمياه الشرب بالسويداء جهزت العام الماضي /11/ بئرا في عدد من مناطق المحافظة، وأعادت تأهيل مشروع مياه الرشيدة المتضمن بئرين وأربع محطات ضخ مع تأهيل جزئي لآبار عريقة وصما وشنوان والقصر.