بعد "كورونا".. مخاوف من لجوء التنظيمات المتطرفة لـ "الإرهاب البيولوجي"

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

تذهب التقديرات إلى أن جائحة كورونا قد تترك تأثيرات كبيرة على العالم والنظام الدولي إلى درجة أن آراء العديد من الفلاسفة وخبراء الاجتماع تذهب إلى أن "عالم ما بعد كورونا مختلف تماماً عن ما قبله"، لاسيما لجهة هشاشة النظام الدولي وعجز آلياته عن المواجهة السريعة لجائحة تُهدد العالم بأسره.

 

وفيما يتوقع أن تطال تغيّرات، في حقبة الجائحة، طبيعة وشكل النظام العالمي بصفة عامة، والقضايا الدولية الكبرى وأولويات الدول والمجتمع الدولي، تدور تساؤلات حول مدى تأثر القضايا التقليدية بتلك التغيّرات المتوقعة ،وخاصة قضايا الإرهاب والتنظيمات المسلحة، التي عادة ما كانت تحتل محل الأولوية على الصعيد الدولي.

 

 وفي الوقت الذي يحذر فيه خبراء ومحللون من اعتماد تلك التنظيمات على أنماط جديدة من المواجهة، بالاستفادة مما كشفه كوفيد-19 من عوامل عجز، منها عدم استبعاد لجوء تلك التنظيمات لحروب "بيولوجية".

 

التقرير الذي نشره قبل أيام المجلس الأوروبي، من خلال لجنة مكافحة الإرهاب، يسلط الضوء مباشرة على تلك المخاوف، ولا يستبعد لجوء تلك التنظيمات إلى "نشر الفيروسات" مستقبلاً، كسلاحٍ ربما يكون ناجعاً بالنسبة لهم،  وذلك في ضوء ما أظهره كوفيد-19 من عوامل ضعف داخل المجتمعات الحديثة عن المواجهة، وبالتالي فقد تكون "الحرب البيولوجية" من هذا النوع "الكارت الرابح" بالنسبة لتلك التنظيمات في الفترة المقبلة.

 

ولفت التقرير الصادر قبيل أيام، إلى أن التنظيمات المسلحة التي تنتهز الفرص كافة، شرعت في تجريب واختبار مدى قدرتها على شن هجمات بيولوجية، لاسيما أن تلك الهجمات تسبب أضرار أكبر (بشرية ومادية) مقارنة بالهجمات التقليدية المتعارف عليها.

 

 الخبير في شؤون الحركات الإسلامية واﻹرهاب الدولي، منير أديب، استقرأ ذلك الاتجاه، وقال إن التنظيمات المتطرفة قد تلجأ قريباً إلى الحروب البيولوجية في سياق صراع وصفه بأنه "بيو-إرهابي"؛ نظراً للأضرار البشرية الناتجة عن هذا النوع من الاعتداءات، وفكرة الأمان التي يحتفظ بها المنفذون مقارنة بالنتيجة التي يحققونها.

 

ويتطلب ذلك الأمر في تقدير الخبير، ضرورة وجود "نظام مراقبة موحد"، فضلاً عن "التدريب على هذه الاعتداءات"، من أجل مواجهة تلك الاستراتيجية.

 

ويعزز تلك الفرضيات ما كشفه عبد الناصر قرداش القيادي في "داعش" في لقاءاته الإعلامية الأخيرة عقب اعتقاله على يد القوات الأمنية العراقية مؤخراً، من أن تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، تمكن سابقاً في العراق من تصنيع غاز الخردل السام الذي يستخدم كسلاح كيماوي.

 

ويعيد ذلك للأذهان محاولات سابقة لتنظيم القاعدة لاختبار أسلحة كيماوية في أفغانستان عن طريق شخص يدعى "أبو خباب المصري"، الشهير بـ "كيميائي القاعدة"، الذي قتل في غارة أميركية بواسطة طائرة بدون طيار في جنوب وزيرستان في باكستان.

 

ويقول الخبير والباحث في شؤون التنظيمات المتطرفة، خالد الزعفراني، مدير مركز مراجعات الإسلام السياسي، إن "تنظيم الدولة الإسلامية(داعش)  لدى سيطرته و إقامته لشبه دولة في سوريا والعراق، فكّر جدياً في إنتاج أسلحة فيروسية من هذا النوع، وقد أقام شبه معامل لبعض العلماء والمختصين المنتمين للتنظيم من جمهوريات الاتحاد السوفيتي بشكل خاص، لكن انهيار التنظيم حرمه من تحقيق ذلك في حينها. وهذا لا يعني أن الفكرة نفسها انتهت بالنسبة للتنظيم، ولا يمنع من إمكانية العمل عليها الآن في ظل ما كشفت عنه جائحة كورونا".

 

وطبقاً للزعفراني، فإن "هناك عدد من العلماء وطلبة العلم في مجال العلوم ينتمون لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي سعى من خلالهم للوصول إلى اختبار أسلحة فيروسية وبيلوجية كهدف خبيث يمكن من خلاله تهديد العالم، وسرق التنظيم في وقت سابق مختبرات من دول وسط آسيا، وأبدى جديّة في هذا الأمر في وقت سابق.

 

 وفي ظل الجائحة الحالية التي تهدد العالم كله، فإن أحلام التنظيم تظل باقية ومن غير المستبعد أن يمضي في ذلك الإطار، لاسيما بعد الكشف عن قيامه بتصنيع غاز الخردل السام في العراق.