نورث برس
وافق البرلمان الصيني، الخميس، ورغم التهديد بعقوبات أمريكية، بشبه إجماع، على خطة فرض قانون مثير للجدل حول الأمن القومي في هونغ كونغ، في ردٍ منه على تظاهرات العام الماضي في المستعمرة البريطانية السابقة.
وصوت النواب البالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف في الجمعية الوطنية الشعبية لمصلحة الإجراء الذي يثير أساساً اضطرابات في المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي في الصين. فيما اعترض نائب واحد فقط على النص، وامتنع ستة آخرون عن التصويت.
ويكلف الإجراء اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الشعبي الصيني صياغة مشروع قانون ليتم إدراجه في دستور هونغ كونغ الصغير، متجاوزاً تصويتاً في المجلس التشريعي للمنطقة.
وينص المشروع الذي عرض على البرلمان الصيني على أن يسمح هذا القانون "بمنع ووقف وقمع أي تحرك يهدد بشكل خطير الأمن القومي مثل النزعة الانفصالية والتآمر والإعداد أو الوقوف وراء نشاطات إرهابية، وكذلك نشاطات قوى أجنبية تشكل تدخلا في شؤون" هونغ كونغ.
وأوضح المعارضون الديمقراطيون لنفوذ بكين في المنطقة أن الإجراء يفتح الطريق لتقلصٍ غير مسبوق في الحريات في المركز المالي الذي يبلغ عدد سكانه سبعة ملايين نسمة.
ونزل آلاف المتظاهرين إلى الشوارع الأحد الماضي، للاحتجاج على مشروع القانون الذي أعلن عنه قبل ثلاثة أيام فقط. وقامت الشرطة بتفريقهم.
وكانت الاضطرابات قد شهدت تراجعاً في الأشهر الأخيرة، بسبب الإجراءات التي فرضت لمنع انتشار فيروس كورونا.
وكان النظام الشيوعي اتهم مرات عدة العام الماضي "قوى أجنبية" وخصوصاً أمريكية، بتدبير الاضطرابات في هونغ كونغ. كما اتهم متظاهرين راديكاليين بالقيام بنشاطات "إرهابية".
ويمكن أن تبدأ اللجنة الدائمة للمؤتمر الوطني الشعبي بمناقشة نص المشروع اعتباراً من حزيران/يونيو القادم، وأن يتم تبنيه في نهاية آب/أغسطس، كما ذكر موقع "ان بي سي اوبسرفر" المتخصص بشؤون البرلمان الصيني.
ويقضي المشروع أيضا بالسماح لهيئات تابعة للحكومة المركزية بفتح قنوات للسلطات المتخصصة بالأمن القومي في هونغ كونغ.
ويرى المعارضون أن النص يشكل نهاية مبدأ "بلد واحد ونظامان" الذي يحكم العلاقات بين بكين وهونغ كونغ منذ إعادة المنطقة إلى الصين في 1997.
ومهدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لعقوبات اقتصادية ضد هونغ كونغ، حتى دون أن تنتظر الكونغرس، على اعتبار ما يثيره مستقبل هذا المركز المالي الآسيوي الكبير من قلق في بقية أنحاء العالم.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في الكونغرس، أمس الأربعاء، إنه لم يعد يعتبر هونغ كونغ منطقة حكم ذاتي تتمتع باستقلالية عن بكين. وأضاف "لا أحد يمكن أن يؤكد اليوم أن هونغ كونغ تتمتع بدرجة عالية بالاستقلالية عن بكين".
ويرى مراقبون، أنه أصبح بإمكان إدارة ترامب إنهاء الوضع التجاري التفضيلي الممنوح للمستعمرة البريطانية السابقة. لكنها لم توضح ما إذا كانت ستنفذ هذا التهديد.
وكانت الولايات المتحدة، قد دعت أمس الأربعاء، لاجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي حول هونغ كونغ، إلا أن الصين رفضت ذلك.
وكانت شرطة هونغ كونغ، أوقفت الأربعاء، مئات الأشخاص لمنع الناشطين المؤيدين للديمقراطية من التظاهر ضد مناقشة مشروع قانون آخر يجرِّم المساس بالنشيد الوطني الصيني.
جبهة جديدة
من جهة أخرى، ولكنها قد تصعِّد التوتر الكبير أصلاً بين واشنطن وبكين، أقرَّ الكونغرس الأمريكي، أمس الأربعاء، مشروع قانون لفرض عقوبات على مسؤولين صينيين متّهمين "باعتقال جماعي" بحقّ مسلمين من الأويغور في إقليم شينجيانغ.
وجاءت التصريحات الأمريكية قبل أن تعلن بكين اليوم الخميس، أن مجلسها الوطني الشعبي (البرلمان) وافق على مشروع وضع قانون مثير للجدل حول الأمن القومي في المنطقة.
وصوت النواب الأمريكي على النص الذي يؤكد حقوق الأويغور بأغلبية ساحقة تمثلت بـ/413/ صوتاً مقابل صوت واحد. وكان مجلس الشيوخ تبنى النص بالإجماع في منتصف أيار/مايو الجاري.
ولم يعلن الرئيس الأمريكي بعد عن موقفه حول ما إذا كان سيوقع على النص، إذ كان اكتفى الثلاثاء بعبارة "ننظر إلى هذا الأمر عن كثب".
وكانت بكين أعلنت عندما تم التصويت على النص في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أنها ستجعل الولايات المتحدة "تدفع ثمن" ذلك، ما يعني أن موافقة ترامب في حال تمت، ستثير غضب بكين.
وقال مُعدُّ النص السيناتور ماركو روبيو، حليف ترامب إن القانون "يحمِّلُ الحزب الشيوعي الصيني مسؤولية أعمالٍ وحشية". ويتضمن النص اسم شين تشوانغو رئيس الحزب الشيوعي في شينجيانغ.
ويكرر مشروع القانون اتهامات كانت قد أطلقتها الإدارة الأمريكية ودول غربية ومنظمات دولية للدفاع عن الحقوق الإنسانية.
ومن هذه الاتهامات أن الحكومة الصينية ارتكبت "انتهاكات خطيرة للحقوق الإنسانية" في إقليم شينجيانغ بشمال غرب البلاد، عبر فرض "مراقبة واحتجاز جماعي على أكثر من مليون من الأويغور وأفراد الاتنيتين الكازاخية والقرغيزية أو أقليات مسلمة أخرى".
وتنفي بكين أي مساس بحقوق الأويغور أو اعتقالهم في المنطقة، وتتحدث عن "مراكز للتأهيل المهني" هدفها إبعاد السكان عن التطرف الإسلامي والإرهاب.