قمة الساحل ومساعي بناء النسخة الإفريقية من “قسد”

الرياض – NPA
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على تشكيل فرنسا "القوة المشتركة لمجموعة الساحل"، يتباحث قادة دول غرب أفريقيا مصير المعركة ضدَّ الإرهاب، وسط مطالبات بأن يتم تشكيل تحالفٍ دوليٍ على غرار التحالف ضدَّ الإرهاب في سوريا والعراق، وذلك بعد فشل قوة الساحل من تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها.
وبدأت اليوم السبت في عاصمة بوركينا فاسو، واغادوغو، قمةٌ طارئةٌ للدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لبلدان غرب إفريقيا، إلى جانب موريتانيا وتشاد والكاميرون، محورها التصدّي لتنامي خطر الجهاديين في منطقة الساحل.
وإحدى القضايا التي ستبحثها القمة هي مصير القوة المشتركة لمجموعة الساحل التي ينبغي أن تضم خمسة آلاف عنصراً وتشارك فيها النواة الأولى لدول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي وبوركينا والنيجر وتشاد). وكانت فكرة هذه القوة التي أطلقت بدفعٍ من فرنسا، تعزيزَ الجيوش في المنطقة لدعم وحتى لتحلَّ بعد فترة محلَّ الجيش الفرنسي الذي يقود في منطقة الساحل عملية برخان (4500 عسكري) ضدَّ الجهاديين منذ 2014 في ما يشكل امتداداً للتدخل في شمال مالي قبل عام.
لكن النتائج التي تحقَّقت حتى اليوم ضئيلةٌ إلى درجةٍ دفعت العديد من المراقبين الى القول إنَّ القمة ستكون مناسبةً لـ"نعي قوة الساحل" .
وفي أيار/ مايو الماضي، تم الكشف عن مخططٍ لكتائب "ماسينا" الموالية لتنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، لتنفيذ هجماتٍ بعاصمة ساحل العاج أبيدجان. وبفضل اكتشاف السلطات للمخطط وتعاون المخابرات الفرنسية، تم إحباط هجومين، أحدهما استهدف فندق "نوفوتيل" بأبيدجان، بينما الآخر كان سيُنفّذ بمخيم "غاييني" وهو مقرُّ القوات المسلَّحة لساحل العاج.
ووفق تقارير إعلاميةٍ فإنَّ الهجمات تمّ التخطيط لها من طرف كتيبة ماسينا التي يتزعمها مامادو كوفا، أحد زعماء جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي. وتَنشطُ هذه الجماعة في مالي وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج.

عجز  فرنسي
لا تزال مجموعة دول الساحل الخمس، التي روّج لها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاربة الإرهاب بالساحل، عاجزةٌ عن لعب دورها. وقد تمّ تأسيس هذا التجمُّع سنة 2014 ويضم إلى جانب موريتانيا كلاً من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد. وتعَّدُ حالياً كلاً من نيجيريا والكاميرون من أكثر بلدان أفريقيا الغربية تأثراً بالإرهاب.
في مُستهل القمة، أمس السبت، تطرق رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية، جان كلود برو، إلى "/2,200/ هجومٍ وقع في الأعوام الأربعة الأخيرة اضافة الى /11/ ألفاً و/500/ قتيل وآلاف الجرحى وملايين النازحين ونشاطاً اقتصادياً تأثر بشكلٍ كبيرٍ ونزاعات طائفية متفاقمة في الساحل".
في السياق، أكّد رئيس بوركينا فاسو، مارك كريستيان، أنّ "الاخطار باتت عابرة للحدود"، وقال: "نحن جميعا معرضون وليس هناك بلد في منأى"، مذكراً بأنّ "تصاعد العنف تسبب بأزمة انسانية غير مسبوقة" في بلاده وبأنّ "مدارساً وبنى تحتيةً صحيّة تم إغلاقها فيما دُمرت رموز للدولة". وقال رئيس النيجر محمدو ايسوفو: "لا يمضي يوم من دون خسائر بشرية"، مشدّدا على أنّ الوضع "طارئ" فيما "يتوسع الخطر الى الجنوب". وسأل الرئيس ايسوفو نظراءه عما اذا كان ينبغي "إيجاد بديل عن القوة الحالية أو تعزيزها".
ومع إدراكه لإمكانات القوة المحدودة، دعا ايسوفو في تموز/يوليو الماضي الى تشكيل "تحالفٍ دوليٍ" على غرار التحالف الذي شُكّل للتصدي لتنظيم "الدولة الاسلامية ". وقد ألحق هذا التحالف، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، هزيمة ساحقة بالتنظيم، وتقدم بخطوات على مسار تحقيق الاستقرار وضبط الخلايا النائمة. كما نجح التحالف الدولي، بالتعاون مع القوات العراقية، من هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" وتحرير الموصل والأنبار.
وتواجه دول الساحل الإفريقي معضلةً في صعوبة التنسيق بين القوى المختلفة. كما أن القوة الموحّدة التي تم تشكيلها تضم بضعة آلاف فقط، ولا تستطيع التوزع على نقاط العمليات العسكرية، وذلك على العكس من أداء قوات سوريا الديمقراطية التي تحركت وفق قيادة متماسكة ومتنوعة، تحت غطاء جوي من التحالف الدولي. لكن التجربة الافريقية تقدم نموذجاً آخر. فالقوة الجوية هناك أيضاً متوفرة، عبر الطائرات الفرنسية، إلا أن عدم فاعلية القوة البرية يحدُّ من تحقيق نجاحات كبيرة.

آلية بديلة
واورد موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي وفق ما نقلت عنه "فرانس برس": "نلاحظ تمدداً لهذه الآفة (الإرهاب) أحد أكبر التحديات في قارتنا"، لافتاً الى وجوب "التساؤل عن مدى فاعلية الردّ". وعلى هامش القمة، صرح للصحافيين بأنه يرغب في "تعزيز" القوة عبر مساعدة مالية وتجهيزات أو عناصر. وأضاف: "اذا كان ينبغي إيجاد آلية أخرى فسنخسر وقتاً ولكن الوضع ملّح ويجب التحرك بسرعة".
ومن شأن بروز جبهة موحدة وتأمين تعبئة مالية داخلية أن يسهلا الحصول على مساعدات خارجية من فرنسا وألمانيا والسعودية والمغرب والولايات المتحدة والامارات، وحتى من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، علما بأن كل هذه الجهات حاضرة في القمة بحسب العديد من القادة والدبلوماسيين الأفارقة.