روسيا.. مشروع قانون تقليص عدد أيام العمل يثير مواقف متضاربة

موسكو- فهيم الصوراني ـ NPA
فيما يبدو مؤشرا على وجود ملامح أزمة اقتصادية جديدة، تسعى الحكومة الروسية لعرض مشروع قرار جديد، يقضي بتقليص عدد أيام العمل في الأسبوع إلى أربعة بدلاً من خمسة.
ويُعتبر رئيس الوزراء دميتري مدفيديف، من أبرز المؤيدين لمشروع القرار الجديد، مع تأكيده على ضرورة ألَّا ينعكس ذلك سلبا على رواتب العمال والموظفين, وكذلك على القدرة الإنتاجية للمصانع والمؤسسات.
وهذه هي الجدلية التي تواجه المشرّعين الروس، إذ تحدث برلمانيون عن أن تقليص عدد أيام العمل قد يكون له مضاعفات سلبية كبيرة على الاقتصاد والأيدي العاملة.
ومنحت الحكومة وزارة العمل مهلة للثلاثين من أيلول/سبتمبر القادم، لإعداد تصور متكامل حول إمكانية الانتقال إلى النظام الجديد وطرحه للنقاش والتصويت في مجلس الدوما.
بيد أن ذلك أثار ردود أفعال متضاربة بهذا الصدد وانقسم خبراء الاقتصاد بين مؤيد ومعارض، كذلك الحال بالنسبة للرأي العام الذي انقسم بدوره وبالتساوي تقريبا وفق آخر استطلاعات الرأي.
الموازنة بين العمل والحياة
فأستاذة الاقتصاد العالمي بجامعة "بليخانوف" لودميلا ايفانوفا، تؤيد الانتقال إلى نظام العمل الذي تقترحه الحكومة، لأن ذلك سيعطي هامشا أوسع للحياة الشخصية ومزيداً من الوقت للعلاقات العائلية والقيام بالأمور الشخصية التي لا تكفي أيام الإجازة للقيام بها.
وتتساءل الخبيرة الروسية عن مسببات القلق من انعكاس ذلك على الرواتب، إذا كانت الحكومة ستقدم تطمينات بعدم حصول ذلك.
ولفتت إلى أن الدراسات المتعاقبة أظهرت أن تقليص عدد ايام العمل في الأسبوع تنعكس إيجابا على القدرة الإنتاجية للعاملين، وتحسين نظرتهم وعلاقتهم مع مكان العمل، إضافة إلى "الشعور بالعدل".
ومع ذلك فإن تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي وازدياد معدلات البطالة والفقر كما تدل آخر الدراسات التي أجريت في روسيا، تشكل مبررا لمراقبين آخرين للتوجس من فكرة برنامج العمل الجديد، ويرون فيه مؤشرا على محاولات للهروب إلى الأمام من تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة، ووضع حلول على حساب المصلحة الاقتصادية للمواطن.
نذر شؤم
ويردُّ الكاتب السياسي سيرغي بيرسانوف على المؤيدين للمقترح الحكومي، بأنهم لا يدركون أن تقليص أيام العمل في الأسبوع سيؤدي حتماً إلى تراجع في مداخيل العاملين، واستفحال البطالة، لأن ذلك سينعكس سلباً على حجم الإنتاج وبالتالي على المداخيل والأرباح للمعامل والشركات وغيرها، ما سيضعف بدوره مقدرة أرباب العمل على دفع الرواتب.
وفي حديث لـ"نورث برس" اقترح بدلاً من ذلك, الاستفادة من التجربة السويدية، وتقليص عدد ساعات العمل إلى /٦/ بدلا من /٨/، موضحاً أن قدرة الإنسان الفعلية على العمل وانتاجيته تعادل نحو /٥/ إلى /٦/ ساعات في اليوم، في حين أن ما تبقَّى من الوقت يمضيه ما بين التدخين أو غيره من الممارسات غير الإنتاجية.
ولفت كذلك إلى أنه لو كان الأمر يتعلق بمصلحة العاملين لما قامت الحكومة مؤخرا بإقرار قانون رفع سن التقاعد، معتبرا أنه عكس تخبطا في النهج الاقتصادي للحكومة.