اسطنبول ـ نورث برس
يتصدر الملف الليبي واجهة الأحداث السياسية والميدانية بالنسبة للدول العربية والغربية، خاصة مع استمرار تركيا إرسال رسائل الاستفزاز، مؤكدة عزمها التدخل العسكري وعدم الانصياع لأي قرارات منددة أو رافضة لهذا التدخل.
ولم تكد تمضي بضعة أيام على زيارة وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان التركيين إلى العاصمة طرابلس، والعمل على التجهيز لإنشاء قواعد عسكرية فيها، حتى فاجأت الجميع بأنها تريد إجراء مناورات بحرية وصفتها بالضخمة قبالة السواحل الليبية، وفق مصادر إعلامية تركية.
وحسب المصادر ذاتها فإن تلك المناورات ستجري في /3/ مناطق (لم تسمها) وأن "هذه المناورات ستجرى قريباً، وهي بمثابة تدريب تحسباً لاندلاع أي حرب في شرق المتوسط، في ظل التوترات المتصاعدة التي شهدتها ليبيا في الفترة الأخيرة".
رسائل المناورات البحرية
وتعليقاً على ذلك قال المحلل السياسي السوري، ماجد الخطيب، والمقيم في باريس، إن "تركيا تريد أن ترسل عدة رسائل من خلال هذه المناورات البحرية، البعض منها رسائل لمخاطبة الداخل التركي المشتعل أصلاً من تصرفات أردوغان والرافض بالكلية لطريقة تعاطيه مع الملفات الإقليمية والدولية، والبعض الآخر يرسل ومضات إلى الدول التي تتخذ من التدخل التركي في ليبيا مواقف مغايرة ومصالح متباينة في شرق المتوسط".
توقيت المناورات
وقال إنه "بالنسبة للرسائل الخارجية، فأعتقد أن هذه المناورات تبعث برسائل محددة الاتجاه ودقيقة المعنى، سيما إذا لاحظنا توقيت الإعلان عن المناورات فهو من جهة يريد آردوغان أن يكرس نفسه كلاعب إقليمي في المنطقة وأن لا أحد يمكنه تجاهل تركيا في عمليات التنقيب عن النفط والغاز فهي بمثابة استعراض للقوة".
وتأتي تلك المناورات البحرية عقب أيام قليلة من قصف طيران مجهول الهوية لقاعدة "الوطية" العسكرية التي يتمركز فيها جنود أتراك وقوات تابعة لحكومة الوفاق الليبية المدعومة من تركيا، وسط حديث عن مقتل عدد من الجنود الأتراك بهذا القصف حسب ما تم تداوله، إضافة لتدمير المنظومات الجوية التركية الموجودة هناك، رغم محاولة الديبلوماسية التركية نفي ذلك.
وتابع "الخطيب" أنه "من جهة ثانية يمكن قراءة الإعلان عن هذه المناورات أنها جاءت رداً على الصفعة التي تلقتها قوات الغزو التركية المتواجدة في ليبيا وأعني هنا تدمير منصة الدفاع الجوي والإنذار والحرب الإلكترونية في قاعدة الوطية العسكرية جنوب العاصمة طرابلس".
وحسب وسائل إعلام تركية فإن هذه المناورات المرتقبة سيطلق عليها اسم "نافتيكس"، وسيحمل كل منها اسماً خاصاً وهي "بربروس" و"ترجوت رئيس" و"تشاكا باي".
وقال "الخطيب" إن "الرسالة الثالثة، فيحاول أردوغان من خلال تسمية هذه المناورات بأسماء قادة بحرية عثمانيين، استفزاز فرنسا واليونان ومصر بشكل خاص والدول المشاركة في عملية (إيريني) وتذكير تلك الدول بأن أتراك اليوم هم أحفاد عثماني الأمس".
وأضاف أنه "بالنسبة للرسائل الداخلية فبتصوري أن أردوغان يحاول من خلال تسمية هذه المناورات الثلاث بأسماء قراصنة وبحارة خدموا في البحرية العثمانية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، أن يعزز الانتماء القومي لدى الشعب التركي ويرفع من منسوب الوطنية لديهم".
وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجعاً في شعبية أردوغان، "خصوصاً بالنسبة لجيل الألفية الثانية والتي يعبر عنها بالجيل Z"، وهو الجيل الذي ولد في بداية عام 2000 ويشكلون /13/ مليون ناخب، "وهؤلاء يرون في أردوغان دكتاتور يسعى إلى الاستيلاء على السلطة والاحتكار بها من خلال السيطرة على وسائل الإعلام والسوشيال ميديا وإحكام قبضته على القضاء والجيش والأمن وباقي مؤسسات الدولة، فالمناورات تأتي في إطار محاولة أردوغانية في تعزيز اللحمة الوطنية"، بحسب "الخطيب".
وختم "الخطيب" حديثه باستفسار، "السؤال الأبرز والأهم هل تركيا فعلاً جادة في إجراء هذه المناورات في المتوسط في ظل احتدام المواقف والتصريحات مع فرنسا التي تملك المتوسط وتعتبر سيدته، أم أنها فقاعة إعلامية من فقاعات أردوغان المعتادة؟ أم هو جس نبض لقياس ردود فعل الدول التي تدير العملية الأمنية في المتوسط؟".