بسرية تامة وفد تركي يزور ليبيا.. وسياسيون يكشفون السبب

اسطنبول ـ نورث برس

 

أثارت الزيارة التي أجراها وفد تركي إلى العاصمة الليبية طرابلس، الأسبوع الماضي، العديد من التساؤلات، خاصة أنها تمت على درجة عالية من السرية.

 

ولم يتم الإفصاح عن تلك الزيارة إلا بعد وصول الوفد التركي الذي ضم وزيري الخارجية والمالية، إضافة للمتحدث باسم الرئاسة التركية، ورئيس الاستخبارات العامة، إلى طرابلس والاجتماع مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج.

 

وادعت الديبلوماسية التركية أن الزيارة (التي لم تدم لساعات)، كانت على درجة عالية من الأهمية، وأنها جاءت بهدف تقديم الدعم والمساندة للشعب الليبي ومن أجل تقوية ليبيا اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وعلى مختلف المجالات الأخرى.

 

عدم الإفصاح

 

وحول عدم الإفصاح من قبل الجانب التركي عن الزيارة مسبقاً، قال المحلل السياسي التركي "مهند أوغلو" لـ "نورث برس"، إن "ذلك يأتي لأسباب أمنية إعلامية خشية من الاختراق من قبل عناصر موالية لخليفة حفتر".

 

ويرى مراقبون أن تلك الزيارة السرية العلنية فيما بعد، توضح بصراحة أن تركيا بدأت حصد ما زرعته جراء تدخلها العسكري في ليبيا، وهي تريد جني الثمار الآن والمتمثلة بمكاسب اقتصادية قبل العسكرية.

 

تفعيل الاتفاق الأمني

 

وحول ذلك قال الأكاديمي "محمد زبيدي" لـ "نورث برس"، إن "الوفد التركي جاء لليبيا لتفعيل الاتفاق الأمني المعقود ما بين السراج وأردوغان وهو يتضمن إنشاء قواعد عسكرية تركية على الأراضي الليبية، وقد بدأت طلائع تلك القوات تصل إلى ليبيا بحجة نزع الألغام وبعضها متواجد في قاعدة الوطية العسكرية غربي ليبيا".

 

ولفت "زبيدي" الانتباه إلى أن "الأتراك بدأوا بإنشاء قاعدة بحرية في مدينة مصراتة، لأنه يوجد فيها خمسة موانئ بحرية، وأحد تلك الموانئ تم تحويله لقاعدة بحرية للأتراك، وبالتالي الوجود التركي أصبح ظاهراً للعيان في الساحة الليبية".

 

وأضاف أن "الأتراك يريدون للحصول على أكبر قدر من الأموال الليبية، وعندما عقد السراج مؤتمراً صحفياً مع أردوغان العام الماضي، تحدث فيه عن تعويض للشركات التركية بقيمة /2/ مليار ونصف عن الخسائر التي لحقت بها نتيجة الصراع في ليبيا، والآن عقدوا اتفاقيات جديدة مع الأتراك، بموجبها تدخل شركات تركية لإنشاء محطات توليد الطاقة وغيرها، وهذا الأمر عبارة عن غطاء قانوني أو شرعنة لسرقة الأموال الليبية ودعم الليرة التركية والاقتصاد التركي الذي بدأ ينهار".

 

وكانت مصادر تركية معارضة تحدث لوسائل إعلام، عن أن "نوايا الحكومة التركية هي البقاء في ليبيا مدة طويلة بمشاريع اقتصادية وعسكرية، وقد بدأت باستغلال قاعدتين عسكريتين هناك".

 

وأضافت تلك المصادر أن "تركيا تتجاهل الانتقادات والتحذيرات العربية والغربية، وتتجاهل حتى قرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا".

 

وقال "زبيدي" إن "الجزء الغربي من ليبيا والخاضع لحكومة الوفاق تحول اليوم لولاية عثمانية بكل معنى الكلمة، إضافة لتعالي النغمة والحديث عن وجود مكونات تركية ضمن بنية المجتمع الليبي، وأردوغان نفسه ذكر بأن هناك مليون ونصف ليبي من أصول تركية، والشيخ علي الصلابي أحد زعامات الإسلام السياسي في ليبيا وينتمي لمدينة مصراتة صرّح للإعلام بأن مصراتة كل سكانها من ذوي الأصول التركية وبدأت تلك النغمة تزداد".

 

خطاب تحريضي

 

وأضاف أنه "مقابل ارتفاع تلك النغمة، هناك خطاب تحريضي على القبائل الليبية وبقية الشعب الليبي على أنهم رعاع وعبارة عن رعاة غنم لا يستطيعون حكم بلادهم إلا عن طريق الجالية التركية وبقايا الأتراك في ليبيا".

 

وحذر "زبيدي" من تبعات التدخل التركي في ليبيا ووضع يدها على الموارد والثروات وقال "الآن وضع الأتراك أقدامهم على الأرض الليبية، في حين أن العرب يتفرجون على السقوط المدوي لدولة عضو بجامعة الدول العربية ودولة موقعها محوري ما بين شرق الوطن العربي وغربه".

 

وكانت مصادر تركية أوضحت أنه إضافة لنية تركيا تأسيس قواعد عسكرية واستغلال أخرى في ليبيا، فإنها تنوي وعبر إحدى شركاتها التنقيب عن النفط وإنتاجه في ليبيا، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنه سيزيد من حدة الانتقادات الموجهة ضد تركيا وربما يفتح الباب على مصراعيه أمام أحداث عنوانها الأبرز تصفية حسابات دولية في الساحة الليبية، ربما يستمر الشعب الليبي بدفع ثمنها في قادمات الأيام.