القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
قال محللون مصريون، إن جزءاً من أهداف النشاط المتزايد والملحوظ لتركيا في إفريقيا، موجه ضد القاهرة، في ضوء العداء بين النظامين القائمين في كلا البلدين.
ويعتبر ذلك الوجود التركي في أفريقيا محركاً لاتهامات مصرية متواصلة لأنقرة بمحاولة إغراق القاهرة بالتهديدات الأمنية من الجنوب (وتحديداً من خلال دعمها للجانب الأثيوبي في ملف أزمة سد النهضة) كما إغراقها بالتهديدات من ناحية الغرب (من خلال التدخل في ليبيا).
تعنت إثيوبي
ومع فشل المحادثات الأخيرة في ملف أزمة سد النهضة، وما بدا من تعنت لدى الجانب الإثيوبي في الحوار مع دولتي المصب (مصر والسودان) فإن أصابع الاتهام تشير من جديد إلى دورٍ تركي داعم لأديس أبابا، في ضوء العلاقات الاقتصادية والأمنية، يعتقد محللون بأن ذلك التعاون هو من يحرض الجانب الإثيوبي في موقفه ضد مصر، لاسيما بعد أن وقعت أديس أبابا وأنقرة -قبل سنوات قليلة- اتفاقية دفاع عسكرية مشتركة، تتيح لأنقرة حماية السد.
ويتهم الإعلام المصري الجانب التركي بدعم "العناد الإثيوبي". وهذا ما ألمح إليه الكاتب الصحافي، رئيس تحرير جريدة الشروق اليومية، عماد الدين حسين، والذي طرح تساؤلاً -في مقال له مطلع الأسبوع- عن حقيقة التعاون بين تركيا وإثيوبيا ضد مصر، ذكر فيه أن "كل من أنقرة وأديس أبابا تشعران أو تعتقدان بأن مصر في حالة ضعف في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد كانون الثاني/ يناير 2011، "وبالتالي فتلك لحظة حاسمة لتحقيق مطامع استراتيجية لم يكن ممكناً تحقيقها في الأوقات السابقة".
وتساءل: "هل هي صدفة أن يتزامن تصاعد التهديد التركي للأمن القومي المصري غرباً انطلاقاً من ليبيا، مع تصاعد التهديد الإثيوبي للأمن القومي المصري جنوباً، بالإصرار على الإضرار بالحقوق المصرية في مياه النيل؟!".
وأشار "حسين" إلى أنه "لا يوجد في السياسة مصطلح الصدفة، إلا ما ندر، وبالنظر إلى التحديات والمخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري، فهناك العديد من المتابعين والمراقبين الذين يرون أنها منسقة إلى حد كبير، ويصعب افتراض الصدفة أو حسن النية فيها".
تفاهمات
ويأتي هذا في حين نقلت تقارير إعلامية مؤخراً، عن دبلوماسي مصري -لم تسمه- قوله إنه تم رصد "تفاهمات وتواصل مكثف بين أديس أبابا وأنقرة في الأيام الأخيرة، ارتبط بعضها بمسألة سد النهضة والعلاقات مع مصر"، مشيراً إلى أن هذا الأمر وُضع في الاعتبار، "لكن لم يُفصح عنه علانية".
وحول ما إذا كان ملف سد النهضة "ورقة" ضمن ورقات الضغط بين مصر وتركيا، تسعى من خلالها أنقرة إلى محاصرة مصر من الجنوب وضرب أمنها المائي، في الوقت الذي تنشط فيه غرباً في ليبيا، قال المحلل السياسي المصري مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور هاني رسلان، إن "هذا الأمر ما تسعى له تركيا".
وأوضح أنه من وجهة نظره فإن كلاً من "تركيا وقطر يعملان على تغذية الموقف الأثيوبي وتحريض أديس أبابا على مصر بصورة مباشرة، وذلك من أجل محاصرة القاهرة بالمشكلات، انطلاقاً من العداء الذي يكنه النظامين القطري والتركي للسلطة المصرية الحالية بعد 30 حزيران/ يونيو 2013 والإطاحة بحكم تنظيم الإخوان الذي كان على وفاق أيديولوجي مع الدوحة وأنقرة".
وأشار الخبير السياسي إلى أن الاتفاق الأمني الذي وقعته تركيا مع الجانب الأثيوبي، تقوم بموجبه أنقرة بحماية سد النهضة (وذلك بالإشارة إلى اتفاقية الدفاع المشترك بين إثيوبيا وتركيا المبرمة في العام 2013 والتي صدق عليها البرلمان الأثيوبي بعد ذلك، والتي يُعتقد بكونها موجهة ضد مصر بالأساس).
وفي العام 2014، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، أن يتم إقحام اسم كل من تركيا وإسرائيل في ملف سد النهضة، واتهم مصر بالتهرب من الحلول، مع قيام الإعلام المصري بإقحام تركيا وإسرائيل في المسألة"، على حد قوله.
وفيما لا يوجد اتهام مصري "رسمي" للجانب التركي بتغذية الموقف الأثيوبي في ملف سد النهضة، إلا أن وسائل الإعلام المصرية ومحللين سياسيين يستقرأون طبيعة ذلك التعاون الممتد بين أنقرة وأديس أبابا، رابطين بينه وبين تصعيد الجانب الأثيوبي موقفه ضد مصر، في موقف يعتبرونه "محاولة تركية لإغراق مصر بالمشكلات من الجنوب، وزيادة التوترات المرتبطة بالأمن القومي".