باحث سياسي لـ"نورث برس": خسائر تركيا كبيرة جداً في ليبيا وهي تنكر ذلك

نورث برس

 

قال الباحث السياسي "محمود أبوحوش"، إن تركيا تتكبد خسائر كبيرة والقوات المدعومة منها في ليبيا، إضافة إلى ما يتم تداوله حول إلقاء القبض على مقاتلين سوريين تم إرسالهم من تركيا للقتال في ليبيا.

 

وبالتزامن مع خسائرها، تعرب تركيا عن غضبها وانزعاجها من العملية الأوروبية البحرية "إيريني"، التي انطلقت لمراقبة منع إرسال الأسلحة إلى ليبيا معتبرة أنها غير شرعية ولم تتم بالتنسيق مع ما وصفتها بـ "الحكومة الشرعية" في إشارة لحكومة فايز السراج.

 

استنكار ونفي

 

وقال الباحث السياسي المصري "محمود أبوحوش" لـ"نورث برس"، إنه "مع استمرار تقدم الجيش الوطني الليبي على ميليشيات حكومة الوفاق والميليشيات التي تستأجرها تركيا وتزرعها في ليبيا لفرض أمر واقع من الإرهاب المدعوم تركياً في ليبيا، تتساقط هذه الميليشيات يوماً تلو الآخر مع هذا التقدم، وتقابل تركيا مع حكومة الوفاق هذا التقدم بالاستنكار والنفي حتى لا تظهر فشلها وترجع ميليشياتها".

 

وكان العقيد محمد فرج عثمان بالمركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابعة للجيش الوطني الليبي، صرح بأن القوات المسلحة استهدفت مواقع الميليشيات في غابة النصر بطرابلس بالمدفعية، فضلاً عن استهداف قوات المدفعية لمقرٍّ للطائرات المسيرة بقاعدة معيتيقة.

 

وقال "أبو حوش"، إن ما سبق "دليل على عدم حقيقة التصريحات التركية الأخيرة بهدف عدم توضيح الخسائر المكبدة من ميليشياته".

 

وأشار إلى أنه "في واقع الأمر فإن تعميق الوجود التركي في المشهد الليبي خسائره كبيرة، وهذا ما يتضح على الأراضي الليبية من تقدمات الجيش الليبي وتراجع الميليشيات المدعومة بملايين الدولارات من تركيا، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الدعم على وضع الاقتصاد التركي والتراجع الذي تشهده الليرة التركية مؤخراً".

 

وأضاف أيضاً أن "إرهاصات تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية في هذا التوقيت الذي تجلى من وضع الاقتصاد التركي في حالة تدني غير مسبوقة، وهذا ما يجعلنا نتوقع باحتمالية تخفيف تركيا لدعمها في هذا التوقيت نتيجة الظروف الدولية الراهنة، وإن كان هذا لن يستمر طويلاً لترجع تركيا في زيادة دعم وجودها في المشهد الليبي بشكل أعمق من ذي قبل"، بحسب "أبو حوش".

 

عملية "إيريني"

 

ومؤخراً أعربت تركيا وعلى لسان وزير دفاعها خلوصي أكار، عن امتعاضها من عملية "إيريني" الأوروبية البحرية والتي تشارك فيها فرنسا وإيطاليا واليونان إضافة لدول أخرى لمراقبة توريد الأسلحة إلى ليبيا، معتبرة أن هذه العملية تدعم قوات "خليفة حفتر" على حساب قوات "فايز السراج".

 

وقال "أبوحوش" إنه على خلفية نفي المسؤولين الأتراك سقوط أي قتلى أو جرحى بين قواتهم في ليبيا، واستنكارهم من إطلاق الدول الأوروبية لعملية "إيريني"، والتي ترى فيها دعم قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، "في الحقيقة فإن هذا السلوك من التصريحات ليست بالجديدة في السياسة الخارجية التركية، منذ أن اتجهت أنظار تركيا صوب ليبيا خاصة بعد اتفاقيتي السراج وأردوغان والتي أصدرت تصريحات تبرر بها شرعية وجودها في ليبيا كإرث تاريخي".

 

وكان وزير الدفاع التركي "خلوصي أكار" قال بخصوص العملية البحرية، إن "ما يتم القيام به من أنشطة بهذه المنطقة هي مراقبة عمليات الدخول والخروج البحرية أو منعها، ولا يعد حظراً للسلاح وإنما منع أنشطة الحكومة الشرعية، لأن الحكومة الشرعية ليس لديها طلب كهذا"، متسائلاً في الوقت ذاته فيما إذا كان تم التنسيق مع حلف شمالي الأطلسي بهذا الخصوص.

 

وقال "أبو حوش" إن "تركيا تستنكر وجود هذه العملية لأنها بطبيعة الحال سوف تراقب تنفيذ القرار الصادر من مجلس الأمن حول تصدير السلاح لليبيا، وسوف ترصد الخروقات التركية لهذا القرار، ومن هنا يأتي التخوف التركي من هذه العملية التي ستكون الكاشف للسلوك التركي".

 

وتابع أنه وفي السياق ذاته فإن تصريحات وزير الدفاع حول إمكانية أن تكون هذه العملية بالتنسيق مع حلف الناتو والدول الأخرى في المنطقة ورده هل قام مطلقو هذه العملية بالتنسيق مع حلف الناتو والدول الأخرى بالمنطقة ورده بوجود الاختلافات البينية، "فتركيا هنا تلعب على وتر استغلال الخلافات البينية وعدم وضوح موقف موحد بين الدول الأوروبية تجاه الملف الليبي، لأجل تعميق وجودها السياسي والاقتصادي والعسكري".

 

وأكد أن "الموقف التركي يأتي في سياق الاستمرار في سياسة التكتم على الخسائر التركية والتي اتضحت بشكل كبير من خلال حملات النظام التركي ضد الصحفيين الذين حاولوا كشف تلك الخسائر في ليبيا، هذا فضلاً عن اعتقال السلطات التركية لمدير الأخبار في قناة "أودا تي في" باريش ترك أوغلو، على خلفية تقرير نشرته القناة تناول مراسم تشييع جنازة أحد أفراد جهاز المخابرات التركي الذي قتل في العاصمة الليبية طرابلس".

 

وفي 31 آذار /مارس الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن انطلاق عملية "إيريني" في البحر المتوسط، لمراقبة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا بمشاركة ثلاث سفن أسهمت بها فرنسا واليونان وإيطاليا، الأمر الذي قوبل برفض من "حكومة الوفاق الوطني الليبية" المدعومة من تركيا التي أصرت على أن القوات المسلحة التركية ستواصل القيام بما يجب عليها في ليبيا، في إطار دعم الشرعية، وأن تواجدها في ليبيا تلبية لدعوة الحكومة المعترف بها قبل الأمم المتحدة، على حد ادعاءاتها.