الليرة التركية تواصل انخفاضها أمام الدولار.. واقتصاديون يوضحون

اسطنبول ـ نورث برس

 

تواصل الليرة التركية هبوطها السريع والحاد أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار، وسط عجز الحكومة التركية عن تثبيت سعر الصرف على الرغم من التصريحات بأن حجم الصادرات والواردات في ارتفاع منذ بداية العام الجاري.

 

ووصلت الليرة التركية إلى عتبة الـ /7/ ليرات تقريباً مقابل الدولار الواحد، الأمر الذي يشي بأوضاع اقتصادية ستنعكس سلباً على حياة المواطن المعيشية خاصة في ظل أزمة "كورونا".

 

وسجل سعر صرف الدولار في تعاملات اليوم الاثنين /6.9380/ ليرة تركية للشراء و/6.9390/ للمبيع، واليورو /7.5270/ ليرة تركية للشراء، و/7.5280/ للمبيع، والجنيه الإسترليني /8.6220/ للشراء و/8.6650/ للمبيع، بحسب ما نشرت وكالة "الأناضول" التركية.

 

أسباب الانهيار

 

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور "محمد الحاج" الاثنين، لـ "نورث برس"، إن أهم الأسباب التي تقف وراء انهيار الليرة التركية ونزيفها الحاد هو "انخفاض سعر الفائدة في البنك المركزي، الأمر الذ يدفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو ملاذات أكثر عائدية وربح ومنها الدولار.

 

وأضاف أن التوترات السياسية التي تعيشها تركيا وخاصة العلاقة مع الولايات المتحدة والتدخل العسكري في سوريا وليبيا "يؤدي كل ذلك إلى اتجاه المستثمرين لاستثمارات أكثر استقراراً فيزداد ضغط الطلب على العملات الأجنبية، بالإضافة إلى أن المواطنين يسعون إلى تحول مدّخراتهم إلى العملة الأجنبية خوفاً من فقدان قيمتها".

 

أسباب سياسية

 

ومن الأسباب الأخرى من وجهة نظر الخبير الاقتصادي هي أن "الاستيراد في تركيا من العالم الخارجي أكبر من التصدير، وانخفاض الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، كما السياسة ترتبط بالاقتصاد وتركيا تعتمد على رأس مال أجنبي ورأس المال يبحث عن الاستقرار السياسي بهدف الأمان، وكان لأثر الانقلاب ونتائج الانتخابات الأبعاد التي لازالت سارية حتى تاريخه".

 

وأضاف الخبير الاقتصادي أن من أسباب تدهور الليرة التركية هو "معاناة البنوك التركية من ارتفاع نسبة الديون المعدومة، وارتفاع المديونية الخارجية مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالمقدرة على السداد ويخلق بيئة غير آمنة للاستثمار، إضافة إلى العجز في الميزانية".

 

ومن الأسباب أيضا حسب الخبير الاقتصادي "تخفيض المستوى الائتماني لتركيا من قبل مؤسسات دولية مختصة، والمضاربات الدولية، وإقدام شركات دولية على شراء الدولار من تركيا بكميات كبيرة وتحت أي سعر، إضافة للتهويل الإعلامي وارتفاع سعر الفائدة في أمريكا أدى إلى زيادة الطلب على الدولار قابله تخفيض سعر الفائدة في تركيا، وأيضا انتشار مرض كورونا وتأثيره على الاقتصاد كالسياحة وعملية الإنتاج".

 

ولم تحسن الخطوات التي اتخذتها السلطات التركية لمواجهة تطورات المرحلة من نزيف الليرة الحاد، بل على العكس واصلت انهيارها رغم ذلك.

 

وكان وزير المالية والخزينة التركي، براءت ألبيرق، قد قال في تصريحات صحفية في التاسع عشر من آذار/مارس الماضي، "نحن نتابع الأبعاد الصحية والاقتصادية في تركيا عن كثب، بالإضافة للتطورات في الاقتصاد العالمي، ونعمل على اتخاذ خطوات ديناميكية وفعالة وسريعة جدا مواكبة لتطورات المرحلة الحالية".

 

 

حلول مقترحة

 

وعن الحلول المقترحة للنهوض بالليرة التركية والواجب على الحكومة التركية اتباعها من وجهة نظر "الحاج"، هو "تخفيض النفقات العامة والقيام ببعض إجراءات التقشف الحكومي، والحد من استيراد السلع الكمالية، ورفع الضرائب على السلع الكمالية كالدخان مثلاً، وتقليص اعتماد الاقتصاد التركي على الخارج، واتّباع سياسة مالية ونقدية مرنة، وتشديد القيود على المضاربة في الليرة التركية ومراقبتها، والعمل على زيادة ثقة المواطن بالحكومة وسياساتها، وأخيرا ضبط تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج".

 

وفي 18 آذار/مارس الماضي أيضا، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال إن "تركيا ستطبق عددا من الإجراءات الاقتصادية، للحد من التأثيرات السلبية التي تسبب بها فيروس كورونا على اقتصاد البلاد، ومنها تفعيل حزمة  درع الاستقرار الاقتصادي المتضمنة تخصيص أموال بقيمة /100/ مليار ليرة للتخفيف من آثار كورونا، "إلا أن تلك الخطوات أيضا لم تساهم في وقف نزيف الليرة التركية أمام العملات الصعبة"، بحسب الخبير الاقتصادي.

 

صدمة من التدهور

 

وفي هذا الصدد أعرب الصراف "أبو عمار الحمصي" لاجئ سوري من محافظة حمص، والذي يعمل في إحدى شركات الصرافة بإسطنبول، عن صدمته من هذا التدهور وقال إن "من أسباب تدهور الليرة هو انخفاض الطلب عليها نتيجة إيقاف السياحة وإيقاف الطلب على الصادرات، وارتفاع أسعار الغذائيات وسط جمود واضح في حركة الأسواق وخاصة أسواق تصريف العملة".

 

وقال إنه إذا أرادت الحكومة التركية تحسين الليرة فعليها "تسهيل الإجراءات البنكية، وتسهيل دخول العرب لأنهم يملكون القطع الأجنبي، وإعفاء الشركات من الغرامات والضرائب".

 

ورأى أنه يجب أيضا إصدار عفو عام عن مخالفي الإقامات وبدلا من أن يضطروا لدفع المخالفة وتسوية أوضاعهم بالطرق الملتوية من الممكن أن يدفعوا المخالفة بالدولار لصالح خزينة الحكومة وتسوية أوضاعهم بشكل نظامي، إضافة لتصحيح أوضاع الشركات الأجنبية، ومنح إذونات عمل لمن تم رفضهم.

 

وطالب بإعطاء الحق للسوريين بالتملك وإصدار جنسية لهم بناء على العقار إسوة بباقي الجنسيات، وتخفيض قيمة المبلغ المشروط بـ /250/ ألف دولار، ليصبح /100/ ألف دولار للسوريين لتنشيط القطاع العقاري، وأيضا تخفيض المبلغ الاستثماري من /500/ ألف دولار إلى /250/ ألف دولار للحصول على جنسية المستثمر".

 

حالة ركود

 

وتشهد أسواق مدينة إسطنبول وغيرها من المدن التركية، حالة من الركود الاقتصادي الحاد منذ آذار/مارس الماضي، في ظل إغلاق كبرى الماركات العالمية ومولات التسوق أبوابها بسبب أزمة "كورونا"، إضافة للقرارات الحكومية التي انعكست سلبا على عمل المطاعم والشركات وغيرها من المرافق العامة، يضاف إلى ذلك إغلاق المنافذ البرية والجوية، وأيضا تقييد حركة التنقل بين المدن الداخلية.