مصدر دبلوماسي مصري: يبرئ "كورونا" ويكشف الأسباب الحقيقية لتأجيل القمة العربية

 

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

كشف مصدر دبلوماسي مصري، الأحد، عن الأسباب الحقيقية لتأجيل انعقاد القمة العربية، نافياً أن يكون فيروس "كورونا" وراءها.

 

القمة التي جرت العادة -طبقاً لميثاق جامعة الدول العربية- أن تُعقد بنهاية شهر آذار/مارس كل عام، تم الحديث بشكل رسمي عن تأجيلها (سواء من قبل الجزائر التي تستضيف القمة هذا العام، أو من خلال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط)، وذلك بسبب تصاعد المخاوف الناجمة عن فيروس "كورونا"، طبقاً للتصريحات الرسمية.

 

ولكنّ مصدراً دبلوماسياً مصرياً قد كشف في تصريحات خاصة لـ"نورث برس" عمَّا أسمّاه "الأسباب الحقيقية للتأجيل"، مبرئاً أزمة "فيروس كورونا المستجد" من التسبب في التأجيل على ذلك النحو، على أساس أن "الأمور تسير بصورة طبيعية في العمل العربي، ومنذ أيام كان هناك اجتماع وزراء الخارجية العرب، ولم يتم تأجيله، علاوة على أن الجزائر، وهي الدولة التي تستضيف القمة هذا العام، لا يتفشى فيها فيروس كورونا المستجد كوباء، ولم تظهر بها حالات تستدعي القلق، ما يؤكد أن هناك أسباب أخرى وراء عملية التأجيل".

 

وحُدد موعد غايته "قبل شهر حزيران/يونيو المقبل" لانعقاد القمة، طبقاً لتصريحات الأمين العام للجامعة عقب لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والتي أكد خلالها على أن الرئيس الجزائري، عبّر عن استعداد الجزائر لاستضافة القمة قبل الثلاثين من حزيران/يونيو، إذا تحسنت الظروف العالمية المرتبطة بفيروس "كورونا".

 

وتحدث المصدر عن سببين رئيسيين بالأساس دفعا الجامعة العربية لاتخاذ "حجة كورونا" من أجل التأجيل كسبب ظاهري يتم الترويج إليه في وسائل الإعلام وأمام العالم، بينما السبب الحقيقي الأول فيتعلق بـ"مقعد سوريا"، على أساس أن الجزائر من الدول التي لها موقف ثابت وواضح بشأن "عودة مقعد سوريا بالجامعة".

 

وتابع المصدر: "الجزائر والعراق ولبنان لديهم موقف واضح، فهم ينادون بضرورة عودة مقعد سوريا، لتشغله الحكومة السورية بعد سنوات من التجميد، وقد أثير ذلك صراحة وبقوة شديدة العام الماضي 2019 في اجتماع القمة الاقتصادية العربية في لبنان".

 

وكشف المصدر عن معلومات تفيد بأن "الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عندما ذهب إلى الجزائر  في زيارته الأخيرة مطلع الشهر الجاري، والتقى الرئيس تبون، كرر الأخير (تبون) طلب بلاده بعودة مقعد سوريا؛ لأنه لم يعد هناك ما يمنع من أن يحدث ذلك في ضوء التطورات والتحولات الأخيرة، بعد أن تمكنت القوات السورية من فرض السيطرة على الأراضي السورية كاملة، باستثناء إدلب ومناطق بالشمال، علاوة على الاعتداءات الخارجية التي تتعرض لها سوريا من قوى إقليمية، لاسيما تركيا، وهي الاعتداءات التي تتطلب دوراً عربياً مسانداً لسوريا، إلى آخر تلك الأمور والتطورات".

 

واستطرد المصدر؛ "مع وجود دول عربية (تحديداً خليجية) تعارض عودة سوريا، يظل الملف ملفاً خلافياً، فاتفق أبو الغيط مع الرئيس تبون إلى تأجيل القمة لشهر يونيو، لمزيد من المشاورات؛ من أجل العمل على الحصول على نوع من التوافق في الرأي مع الدول التي تعارض ذلك التوجه".

 

وهناك نقطة قانونية في منتهى الأهمية، وهي أنه عندما تم تعليق مقعد سوريا بجامعة الدول العربية، لم يصدر القرار بالإجماع، وبالتالي عندما تعود لا يشترط أن تعود بالإجماع، وإلا كان التشبث بالإجماع في تلك الحالة نوعا من التشدد ضد الحكومة السورية، بحسب الدبلوماسي المصري.

 

وخص المصدر، "المملكة العربية السعودية" بكونها المعارض الأقوى لعودة مقعد سوريا، على أساس أن دولاً خليجية كانت تتخذ نفس الموقف، لكنها أبدت مواقفاً مرناً مؤخراً من بينها الإمارات والبحرين والكويت.

 

أما السبب الحقيقي -بخلاف سبب "كورونا" الظاهري- الذي دفع إلى تأجيل القمة العربية وتحديد موعد "مفتوح لم يحدد تحديداً" قبل الثلاثين من حزيران/ يونيو، فهو يتعلق بالخلاف في المواقف والآراء العربية إزاء الملف الليبي، ذلك أن الدول العربية في شمال أفريقيا (المغرب والجزائر وتونس) ترى أن الاتفاق الليبي "اتفاق الصخيرات" هو الأساس الذي يجب أن تبنى عليه جميع الحلول في ليبيا بمشاركة جميع الأطراف، بينما دول عربية ترى غير ذلك.

 

وبالتالي فإن قرار التأجيل الذي اتخذ فيروس "كورونا" كسبب ظاهري له، جاء من أجل إعطاء الفرصة للدول العربية لمزيد من التوافق حول الملفات الخلافية الرئيسية على الطاولة، قبيل انعقاد القمة. وهي القمة التي "تبدو ساخنة وحبلى بالملفات المشتعلة".

 

ولا يزال ملف "القمة العربية" المقبلة يحيطه الكثير من الغموض، سواء لناحية موعد انعقادها أو لناحية الملفات المطروحة على الطاولة قبيل انعقاد القمة، وأهمها ملف "عودة مقعد سوريا".