"بيث كازو" كنز ألحانٍ مخبئ في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية

 

القامشلي- ريم شمعون / شربل حنو- نورث برس

 

يعود تاريخ الألحان الكنسيّة لدى السريان الأرثوذكس إلى بدايات اعتناقهم المسيحية في القرن الأول الميلادي، وفيما بعد جمع السريان تسابيحهم وأناشيدهم الدينية في كتاب ضخم أطلقوا عليه اسم " بيث كازو" والذي يعني مخزن الألحان باللغة السريانية.

 

في كنيسة السيدة العذراء وسط مدينة القامشلي يؤكد القس صليبا عبدالله لـ "نورث برس" أن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تأخذ جميع ألحان صلواتها اليومية وأيام الآحاد والأعياد من كتاب "بيث كازو".

 

وكان لمار أفرام السرياني (306-373 ميلادي) الدور الأكبر في تدوين هذا الكتاب، الذي يعتبر مخزناً ثميناً للألحان الكنسية يستخدمها السريان الأرثوذكس في صلواتهم حتى الآن، "فيما يستخدمها المغنون المحليون والأجانب في أغانيهم الخاصة".

 

وتعتبر كنيسة السريان الأرثوذكس أحد أكبر الكنائس في القامشلي وتضم ست كنائس  أخرى هي، الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية، الكنيسة الكلدانية، الكنيسة الآشورية المشرقية، الكنيسة الآشورية الشرقية، كنيسة السريان الكاثوليك، وكنيسة الأرمن الكاثوليك.

 

من "الإشحيم" إلى "الفنقيثو"

 

ويقول عبد الله إن الـ"بيث كازو" يحتوي ألحاناً يصل عددها إلى نحو /900/ لحن، منها الإشحيم والذي يعني قسم الألحان البسيطة وفق اللغة السريانية، وهو القسم الذي يُستخدم في صلوات الفرض الأسبوعي من يوم الأحد مساءً إلى السبت صباحاً، وهناك قسم "الفنقيثو" الذي يُستخدم السبت مساءً والأحد صباحاً، بالإضافة لأيام الأعياد الدينية وأعياد القديسين.

 

ويضيف في حديثه حول "كنز الألحان": كتاب الـ"بيث كازو" منوّع "كثيراً"، فهو يحوي أيضاً الـ"سيبيلوثو"(السبلات، مجموعة من السلالم الموسيقية الكنسية وعددها ثمانية)، والتي تستخدمها الكنيسة في صلواتها بشكل منسق، إذ أن أعياد السيدة مريم العذراء تأخذ اللحن الأول، فيما أعياد القديسين تستخدم اللحن الثامن، بينما تتناوب الكنائس على بقية الألحان من "السبلات" خلال الأسابيع المتعاقبة، بحيث يأخذ كل أسبوع لحناً مختلفاً عن الآخر، لتضفي شيئاً من التنويع على طقوس الألحان داخل الكنائس.

 

" تنويع اللحن و روحانية المناسبة "

 

ويذهب القس صليبا عبد الله إلى أن "لتنويع الألحان في صلوات الكنيسة السريانية دلالةً على روحانية المناسبة الدينية والطقس الإلهي المُقام".

 

وأضاف، "الشعب السرياني هو أول الشعوب التي اعتنقت الدين المسيحي، ليبدأوا بتلحين الترانيم و التسبيحات الكنسيّة منذ ذلك الوقت".

 

وبحسب الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ثمة تنسيقاً وتناغماً بين الألحان الثمانية، فاللحن الأول ينسجم معه اللحن الخامس، والثاني مع السادس، والثالث مع السابع، والرابع مع الثامن، بالإضافة إلى أن "الوزن الشرقي مأخوذ من ألحان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية"، على حد قول القس.

 

ويذكر عبد الله أن الحروب التي حدثت على مدى تاريخ المسيحيين "ولاسيما مجازر(السيفو) في أوائل القرن الماضي، تسببت في ضياع المئات من الألحان الكنسية السريانية"

 

"جوهرة خفيّة" 

 

ويصف عبود فؤاد، وهو فنان يغني باللهجة "الجزراوية"، ألحان "بيث كازو" بأنها "جوهرة ثمينة وخفيّة".

 

وقال إن هذه الألحان لا تزال "محصورة بحناجر المرددين والمرّتلين في الكنيسة السريانية، لكونها دقيقة في التفصيلات الموسيقية".

 

ويرى فؤاد أن "الموسيقى والسلالم الموسيقية الموجودة في بيث كازو، التي تربيّنا عليها كوننا أبناء منطقة واحدة، قليلة الاستخدام من قبل الفنانين والمطربين".

 

و يأمل المغني الشعبي الذي يستخدم ألحاناً كنسية في أغانيه، أن تهتم الكنسية والجهات المعنية بوضع كتاب الألحان السريانية في أكاديميات خاصة للموسيقى "ليتعلمها الجيل الجديد كونها من الجواهر الموسيقية الثمينة" على حد تعبيره.

ب