صحفي مختص بالشأن الأمريكي يرجح ارتباط استقالة مهندس صفقة القرن بمآلاتها
رام الله – NPA
أفاد الكاتب الصحافي المختص بشأن السياسة الأمريكية, داود كتاب, أنه علم من أحد مصادره السياسية المقيمة في واشنطن، بأنه كان لدى الأخير معرفة مسبقة بنية مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات بالاستقالة من منصبه قبل نحو شهرين من تقديمه اياها رسميا، والتي جرت فعليا أمس الخميس.
وينقل كتاب عن المصدر السياسي لـ"نورث برس" تقديره أنه لا يرى أن الاستقالة تعكس كثيرا تغييراً في السياسة الأمريكية بشأن صفقة القرن وسبل حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، غير أن كُتّاب يعتقد أنه لا يمكن أن تكون استقالة غرينبلات بلا معنى.
وتساءل كتاب: "هل استقالة جرينبلات ترمز الى فشل صفقة القرن؟".. ثم يجيب: "لا أعرف، لكن مستحيل أن تكون استقالة غرينبلات مجرد حالة شخصية غير مرتبطة بمآلات الصفقة بحد ذاتها".
والواقع أن جيسون غرينبلانت كان ضمن حلقة ضيقة في إدارة ترامب لم يسبق أن رَشَح أي معلومة حول ما يدور في كواليس صنع القرار بشأن صفقة القرن، ما جعل الأخيرة غامضة بنفس درجة الغموض التي أحاطت بوجهة نظر غرينبلات ومن معه ممن ساهم في صياغة بنود صفقة القرن.
وهذا الأمر جعل من الصعب على الإعلام الإسرائيلي نفسه ان يحلل ما وراء هذه الاستقالة، فبدأ مترددا في حسم الدافع بالشخصي كي يعود إلى عائلته التي غاب عنها طويلاً بحكم عمله، أم أنه تعبير عن الإقرار بانسداد أفق تمرير صفقة القرن وانعدام فرص نجاحها.
ويعد جيسون غرينبلات، الرجل الأول الذي كان وراء الإعداد لـصفقة القرن على مدار العامين ونصف العام الماضيين, وتم تعيين غرينبلات (52 عامًا)، في هذا المنصب في أعقاب انتخاب دونالد ترامب في عام 2016 رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. ووفقًا للبيت الأبيض، سيتم نشر الصفقة في الوقت المناسب، بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة الشهر الجاري.
وسيحل محل غرينبلات، آفي بيركوفيتش مستشار جارد كوشنير، وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن شكره لغرينبلات مثنيًا على الجهود الذي بدلها من أجل احراز تقدم في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
كما وابدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هو ايضا شكره العميق للمبعوث غرينبلات قائلا إنه شغل منصبه بإخلاص من أجل الأمن والسلام.
وتظهر ردود ترامب ونتنياهو أن خروج غرينبلات من المشهد السياسي، قد تم بدون ضجيج وبطريقة قللت من أي احتمال لإمكانية الكشف منه عن أسباب الاستقالة الحقيقية في وقت لاحق؛ ذلك ان ثمة موانع عقائدية مرتبطة بإيمانه بالدفاع
المُطلق عن إسرائيل ستحول دون بوحه بأسباب الاستقالة الموضوعية في وقت لاحق.
لكن ثمة مصادر سياسية رجحت لـ"نورث برس" أن استقالة غرينبلانت ربما تعود لخلافات مرتبطة بتوقيت الإعلان عن الشق السياسي من صفقة القرن والذي تم تأجيله اكثر من مرة، الأمر الذي مسّ بمصداقيته، حيث انه كانت لديه وجهة نظر بإعلانها قبل الانتخابات الاسرائيلية وهو ما رفضته أقطاب يمينية اخرى في إدارة ترامب.
وهناك من ربط دافع الإستقالة، وفق ما رصدت "نورث برس"، بإدراك غرينبلانت بأن الصفقة ليست مرفوضة فلسطينيا فقط بل واسرائيليا أيضا، وأن مفاوضات جرت بين طاقم صفقة القرن ونتنياهو وراء الكواليس حالت دون إقناعه ببعض البنود فيها، وهو السبب الحقيقي وراء إرجاء الإعلان عن صفقة القرن أكثر من مرة.
وربما يكون غرينبلانت قد أراد بذلك أن يتخلص من وزر المسؤولية عن الفشل الحتمي لصفقة القرن، فأراد أن يخرج من المشهد بالوقت المناسب.
من جهتها، تابعت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "مكان"، النبأ واعتبرت أن هذه الاستقالة تأتي في سياق تطور درامي على الساحة السياسية وذلك قبل أقل من أسبوعين على انتخابات الكنيست.
يذكر أن الولايات المتحدة أعلنت الشق الاقتصادي من صفقة القرن في مؤتمر نظمته في البحرين أواخر يونيو/حزيران الماضي، وسط مقاطعة فلسطينية، باعتبار أنها "تصفية للقضية الفلسطينية، وتسخيفها لها من خلال اختزال الحل وكأنه اقتصادي بحت، وليس بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام ١٩٦٧"، كما تنص الاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية.