الحسكة – نورث برس
يتواجد في محافظة الحسكة بشمال وشرقي سوريا، الآلاف من المواقع الأثرية، الشاهدة على تعاقب حضارات غابرة كانت متواجدة في هذه البقعة الجغرافية.
ولعل أبرز هذه المواقع هي تل “سكر الأحيمر” الذي يعد من أقدم المواقع الأثرية ، إلا أنه مهمش وعرضة للاندثار. دون أن تتحرك الجهات المعنية في المنطقة ساكناً تجاه هذا الإرث التاريخي.
الموقع
ويقع تل “سكر الأحيمر” على بعد /7/ كم غربي ناحية تل تمر، في الريف الغربي لمدينة الحسكة، وهو ذو شكل بيضوي، ويعود تاريخه بحسب البعثة اليابانية التي قامت بالتنقيب في الموقع إلى /8/ آلاف عام قبل الميلاد، متفوقاً على موقع تل حلف الأثري الموجود في منطقة رأس العين/سري كانيه شمال غرب مدينة الحسكة، الذي يعود تاريخه لـ/ 7/ آلاف عام قبل الميلاد.
وتقول رنا الأسعد، الإدارية في مديرية حماية الآثار في مقاطعة الحسكة (تقسيم إداري يضم مدينة الحسكة وصولاً لمدينة رأس العين/ سري كانيه على الحدود التركية) في حديث لـ “نورث برس” بأنه يتواجد في الجزيرة السورية ما يقارب/ 1043/موقعاً أثرياً، تم التنقيب حتى الآن في/20/موقع منها فقط، لافتة إلى أنه من أهم تلك المواقع تل “سكر الأحيمر” الأقدم تاريخياً.
وتم الكشف عن تل “سكر الأحيمر” وتوثيقه في عام /1991/ من قبل بعثة فرنسية، قبل أن تبدأ أعمال التنقيب فيها عام /2000/ من قبل بعثة يابانية من جامعة طوكيو بريادة الباحث “يوشيهيرو نيشاكي”، واستمرت أعمال التنقيب إلى ما قبل اندلاع الأزمة السورية، لتعود البعثة إلى بلادها على إثرها لحين إرساء الاستقرار في المنطقة، وإيجاد حل سياسي في البلاد، على حد قول الأسعد

وتشير الأسعد إلى أن أهم الاكتشافات التي عثروا عليها هي “حبات القمح”، التي تؤكد أن الزراعة تم اكتشافها في هذه الجغرافية، كما عثروا على تمثال للمرأة وبئر.
فيما تشير الوثائق، أن البعثة اليابانية اكتشفت أيضاً، أبنية ذات أساسات حجرية مبنية من الطين، أرضياتها مطلية بالجص، عُثر في داخلها على لقى أثرية مصنوعة من الصوان والفخار، وتعود هذه المكتشفات إلى الألف السابع قبل الميلاد.
كما تم العثور على أدوات مثل (بلطات – فؤوس حجرية – نصال)، وكسر لأواني حجرية، بالإضافة إلى كسر فخارية من العصر الحجري النحاسي، تعود الى الفترة ما بين عامي /4500-3100 / قبل الميلاد.
وتقول الأسعد إن هذه الاكتشافات أثبتت بأن تاريخ الموقع يعود إلى “العصر الحجري الحديث”، مبينة أن البعثة اليابانية قامت بالتنقيب في /30/ بالمئة من التلة حتى الآن.
ويؤكد الباحث والاستاذ الجامعي يوسف كنجو في كتابه “من مئة موقع آثري في سوريا” أن ثقافة تل سكر الأحيمر مرتبط بثقافة جبال طوروس (أحد الجبال المعروفة في جغرافية كردستان الواقعة في الجزء الشمالي منها)، وذلك استناداً على نمط المنازل التي تم الكشف عنها.
وشهد الموقع إهمالاً مع اندلاع الأزمة السورية، ومع استحداث الإدارة الذاتية الديمقراطية التي تدير المناطق الشمالية والشرقية من سوريا، عملت هيئة السياحة والآثار التابعة لها، على وضع حراس لمنع حدوث حالات تنقيب بشكل سري في المواقع الأثرية، والحفاظ عليها من السرقة.
إلا أن عدم وجود آلية مناسبة لحماية الموقع من العوامل الجوية، وتهميشها من قبل الإدارة الذاتية، جعلت الموقع عرضة للإندثار مع غياب أعمال الترميم الموقع.
وأوضحت الإدارية في المديرية، “لدينا تواصل بين الفينة والأخرى مع البعثة اليابانية، حيث نقوم بالتقاط صور للموقع وأرسالها لهم لوضعهم في صورة ما حل بالموقع”.
مبينة أنه ليست لديهم آلية معينة للحفاظ على الشكل الخارجي للموقع، إلا أن أعمالهم تتركز حول منع التنقيب في الموقع بشكل سري.