فيلم بيت النهرين… اللجوءُ العراقيّ بعدسةٍ سوريّة

بيروت – ليال خرّوبي- NPA
ضمنَ الحدث الثقافي والفني المتميّز "مهرجان كرامة بيروت السينمائي" الذي استضافته المدينة على مدى خمسة أيام بين الأول والخامس من الشهر الحالي، استعرضت المخرجة السورية مايا منير سردية متكاملة لحالةِ لجوءٍ في سوريا، عراقيّة الهويّة ومندائية الديانة، في فيلمها "بيت النهرين" الذي عرض خلال اليوم الختامي للمهرجان.
الفيلم الوثائقي الذي أنتجته مؤسسة سينمايا للإنتاج الفني عام 2018، يوثّق خلال دقائقه الثمانين لواقعْ وتاريخْ وآمالْ طائفة تكادُ تنقرضْ ضمنَ جغرافيا تكتنفها الحرب الدينية والمذهبية والعرقية، وذلك عبر متابعة بصرية لعائلةٍ مندائية مكونة من رجل الدين سلام الزهيري وزوجته هناء وأولادهما الثلاثة نورا وأنور ويوهان، لجأوا من الرمادي عام 2004 إلى دمشقْ بفعل العنف المتصاعد الذي لحق بأتباع الديانة المندائية، لكنَّ جحيمَ الحربِ واللجوءْ لم ينتهِ حينَ نقلت الأسرة متاعها إلى منطقة جرمايا، لأنَّ دائرة النارِ التهمت سوريا أيضاً بعد عدة سنوات، فتفاقمت دوافعُ سلام وعائلته إلى لجوءٍ آخر يهربون فيه من لجوئهم الحاليّ.
اللجوء السوريّ لم يغب عن رؤية الفيلم
حالةَ اللجوء السّوري كان لها حصةُ الأسد في صياغة رؤية ورسالة وهدف الفيلم، حيثُ تشيرالمخرجة مايا منيّر خلال حديثها لـ"نورث برس" إلى أنّ حالة اللجوء السوري "هي أكبر موجة من موجات اللجوء في العالم، ولهذا السبب اخترت شيئا معاكساً، أنْ نسلط الضوء على لاجئ آخر غير اللاجئ السوري، وفي سوريا تحديداً، وقد لفت نظري لاجئون عراقيون قدموا عام 2004 بالملايين تقريبا إلى سوريا، وأنا أحببت أن أصيغَ حالة غير حالة الميديا الحالية التي تحسسنا نحن كسوريين في الداخل باليأس الدائم."
أما عن الأسباب التي كمنت وراء اختيارها لهذه الطائفة تقول منير" المعلومات عن الطائفة المندائية لدى الناس قليلة جدا، وهي طائفة تحمل مكونات ليس فقط دينية بل تراثية حضارية في منطقة بلاد النهرين القديمة، وهي تستحق أن يتم تسليط الضوء عليها لأنها طائفة مسالمة جدا، فالقتلُ عندهم محرّم، حتى إذا تعرضوا لتهديد بالقتل ممنوع أن يردوا عليه بالعنف والقتل."
وحول جدليات الهويّة التي تمظهرت في الحالة المتفرّدة لنورا ابنة سلام البالغة ستة عشر عاماً وغير الملتزمة طائفياً ودينياً، تشرح منير "في الحقيقة الهوية هي حالة افتراضية، ونحن كبشر حيواتنا قد تنطفئ أحيانا بسبب الهوية أو أسبابٍ واهية، والرسالة التي تنطوي على تأملات نورا العميقة هي أنّ فتاةً عايشت لجوءاً استطاعت أن تصل لهذا المستوى الفكري، ففي النهاية لن ينقذنا سوى الفكر والعقل." 
وقد وصل فيلم بيت النهرين إلى مهرجانات الدرجة المتوسطة وأخد مجموعة جوائز، بينها تنويه من مهرجان مسقط السينمائي، جائزة الزيتونة الذهبية من مهرجان القدس السينمائي وأفضل عمل فني بمهرجان الاقصر السينمائي، ولم يعرض الفيلم حتى الساعة في سوريا بحسب ما تشير منيّر لـ"نورث برس"، لأنها تخطط " لعرضٍ منظم يستهدفُ فئة الشباب الجامعيين".
وخصّص مهرجان " كرامة بيروت لحقوق الانسان" دورته لهذه السنة للمرأة تحت عنوان " تكلم معها" حيثُ عرض 24 فيلماً من 15 دولة تركزت حول مواضيع المساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى موضوعات حقوق الإنسان الأخرى مثل حقوق اللاجئين والحرب والعنصريّة.
وإلى جانب منيّر شارك مخرجان سوريان في المهرجان هما الليث حجو الذي عرض فيلم " الحبل السري" حول حق المرأة بالإنجاب والمخرجة سؤدد كنعان التي شاركت بفيلمها " يوم أضعت ظلي" حول حق المرأة في العيش الآمن خلال الحرب.
وتأسس مهرجان "كرامة" في الأردن منذ تسع سنوات، قبل إنشاء النسخة اللبنانية منه عام 2016، وهو منصة " تسعى إلى الترويج لفنون الشاشة التي تنطوي على قضايا حقوق الإنسان" وفق موقع  جمعية "معمل 961 للأفكار" منظمة المهرجان.