فتاح عيسى – كوباني
حين زرع أحمد حنيفي (60 عاماً) أولى بذور الجبس في تراب قريته “مناز” الواقعة في ريف كوباني الغربي، قبل أعوام قليلة، لم يكن يتوقع أن يتحول هذا المحصول سريع الإنتاج إلى بديل رئيسي عن القمح.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت قرى كوباني الجنوبية والغربية، مثل “ميناس” و”قلعة حديد” و”صايكول”، إقبالاً لافتاً على زراعة الجبس، أو كما يُعرف بالبطيخ الأحمر، وسط تراجع جدوى المحاصيل التقليدية، وارتفاع تكاليف الزراعات الأخرى.
زراعة اقتصادية وقصيرة المدى
يقول “حنيفي” وهو مزارع من قرية مناز/ ميناس، بريف كوباني، شمالي سوريا، لنورث برس، إن سبب التوجه الكبير من قبل المزارعين خلال العام الحالي والسنوات الفائتة لزراعة البطيخ الأحمر (الجبس)، هي مدة الإنتاج التي تعتبر قصيرة، حيث يتم زراعة الجبس في شهر نيسان/ أبريل ويحصد في شهر تموز/ يوليو كحد أقصى.
ويضيف أن الأسباب الأخرى لزيادة هذا التوجه من قبل المزارعين، هي التكاليف المنخفضة للزراعة مقارنة بزراعات أخرى، وإنتاجها ومردودها الجيد الذي يعتبر أفضل من مردود زراعة القمح مثلاً، كما تساعد هذه الزراعة على خصوبة التربة وبالتالي يستفيد المزراع أكثر من زراعة الموسم الذي يلي زراعة الجبس.
ويشير “حنيفي” إلى أن الهكتار الواحد ينتج بين 15 و20 طناً من البطيخ الأحمر (الجبس) في قريته، بينما تكلفة الهكتار لا يتجاوز خمسمائة دولار، ومع بيع 15 طناً من البطيخ الأحمر فإن مردوه يصل إلى نحو ثلاثة آلاف دولار، على حد قوله.
ويقارن المزارع بين زراعته لمحصول القمح هذا العام حيث بلغ إنتاج هكتارين من الأرض 52 جوالاً، بوزن بلغ نحو خمسة أطنان، وبحساب سعر الطن الواحد بقيمة أربعمائة دولار، فإن خمسة أطنان تساوي نحو ألفي دولار، أي أن الهكتار ينتج ألف دولار، ولكن مع حساب تكلفة الأسمدة والبذار والحراثة والري، فإن نصف المبلغ للتكاليف وبالتالي فإن ربح زراعة هكتار القمح لا يتجاوز خمسمائة دولار، بحسب “حنيفي”.
بينما زراعة البطيخ الأحمر (الجبس)، وفق المزارع، فإنها “حتى إذا لم تنجح بشكل كامل فإن مردودها أفضل من القمح، والتربة ستصبح خصبة ومردوها جيد والجهد المبذول فيها قليل”.

أقل كلفة وبمردود أفضل
ورغم اختلاف طبيعة الأرض وحجم التكاليف، يرى يوسف محمد (33 عاماً) وهو مزارع بطيخ من قرية الكرادة بريف صرين الجنوبي، إن سبب توجه المزارعين لزراعة الجبس هي شهرة المنطقة بهذه الزراعة، إضافة إلى أن تكلفة زراعتها أقل من زراعة الخضار (البندورة مثلاً) ومردودها أفضل، حيث ينتج الهكتار بين خمسين وستين طناً.
ويضيف أن زراعة الهكتار الواحد يكلف المزارعين في ريف صرين نحو ثلاثة آلاف دولار، ولكن الإنتاج يباع بأكثر من خمسة آلاف دولار، مشيراً إلى أن مزارعي الجبس بحاجة إلى الدعم لتطوير المحصول وخاصة فيما يتعلق بشراء البذار والأسمدة والمبيدات.
ويقول “محمد” إن أعداد مزارعي الجبس يزداد عاماً بعد آخر بسبب مردودها وإنتاجها الجيد وخاصة العام الحالي، رغم أن أسعارها انخفضت مقارنة مع العام الفائت، كما أن مدة الزراعة والإنتاج والجني لا يتجاوز 75 يوماً.
فيما يشير إلى أن أسعار الجبس كانت أفضل بالنسبة للمزارعين في العام الماضي حيث كان الكيلو يباع بسعر يتراوح بين أربعة آلاف وخمسة ’آلاف ليرة، ولكن هذا العام يباع بنحو ألفي ليرة.
مطالب بالدعم والتصدير
رغم مدتها القصيرة ومردودها الأفضل، فيما يشير ياسر الفرحان (28 عاماً) وهو مزارع بطيخ من ريف صرين الجنوبي، إلى أن المزارعين يحتاجون إلى دعم فيما يخص البذور وشبكة التنقيط، والأسمدة ومادة المازوت.
ويقول لنورث برس، إنه رغم استخدام المزارعين لمنظومات الطاقة الشمسية إلا أن الجبس يحتاج إلى الري ليلاً.
ويطالب “الفرحان” بمزيد من الدعم من قبل الإدارة لتطوير هذه الزراعة وخاصة أن زراعة الجبس تعتبر ناجحة في تلك المنطقة (ريف صرين) وجودة الجبس تعتبر جيدة، ويمكن للمزارعين تصدير الإنتاج إلى الخارج، على حد قوله.
ويضيف أن إنتاج مدن ريف كوباني وريف بلدة صرين ومدينة الرقة يتم تصديره محلياً إلى مدن دير الزور والحسكة، مشيراً إلى أنه رغم تكاليف هذه الزراعة، لكن إذا ما تم دعم المحصول ستزداد الإنتاجية وتعود بالفائدة للمزارعين.
ويشير “الفرحان” إلى أن تكاليف زراعة الجبس تتضمن شراء البذور ومادة المازوت للري والأسمدة.
ويلفت إلى أن ما يهم المزارعين هي الجودة بالدرجة الأولى، فالإنتاج بجودة جيدة سيعود بالفائدة على المزارع والمستهلك، مشيراً إلى أن إنتاج الهكتار الواحد من زراعة الجبس يتراوح مابين 30 و100 طن بحسب طبيعة التربة، على حد وصفه.
وباتت اليوم زراعة الجبس أحد أبرز المحاصيل الواعدة في ريف كوباني، بفضل سرعة نموه، وقلة تكاليفه، وجودة إنتاجه. وعلى الرغم من تقلّبات الأسعار، يرى المزارعون فيه مشروعاً زراعياً يستحق الاهتمام والدعم.