سنوات من الغياب… نازحون بريف الحسكة يطالبون بعودة آمنة إلى قراهم

دلسوز يوسف – الحسكة

“الحياة فيها متعبة ولم تعد تطاق” بهذه الكلمات يصف النازح إسماعيل الحمدو الذي يقطن رفقة أسرته منذ 6 سنوات في مخيم “واشوكاني” للنازحين على أطراف مدينة الحسكة، شمالي سوريا، بعدما أضطر لمغادرة قريته “الشبلية” في ريف مدينة سري كانيه (رأس العين) عقب سيطرة القوات التركية وفصائل موالية لها أواخر عام 2019.

ويواصل آلاف النازحين من منطقة سري كانيه (رأس العين)، معاناتهم في العام السادس على التوالي بعد نزوحهم من منازلهم إثر العملية العسكرية التركية، وتوزعوا في مدن الجزيرة السورية أو في مخيمات النزوح، بينما يعيش عدد كبير منهم في ظروف إنسانية صعبة دون أي بوادر حقيقية لإعادتهم بعد سقوط النظام أواخر العام المنصرم.

“لن نرتاح إلا في منازلنا”

على بعد كيلومترات قليلة عن قريته المحرمة عليه، يعمل “الحمدو” موظفاً في بلدية تل تمر، شمالي الحسكة، قائلاً لنورث برس، “منزلي يقع على الطرف الآخر من الطريق العام M4، لكنني لا أستطيع الوصول إليه”.

ويضيف بنبرة تغلبها المرارة، “نعيش في خيام منذ ست سنوات، والحياة هنا أصبحت متعبة ولا تطاق، نحن لا نريد شيئاً سوى العودة إلى بيوتنا وضمانات تحمينا”.

ويشير النازح السوري الذي استولى على منزله وغالبية منازل المدينة عوائل مسلحين موالين لتركيا، إلى أن منزله سرق بالكامل بعد النزوح، وأن العودة في الظروف الراهنة تعني البدء من جديد.

ويقول: إن “المنطقة تحت سيطرة المسلحين الموالين لتركيا ولا نستطيع العودة لكي لا نتعرض للضرب والإهانة أثناء العودة”.

وخلال السنوات الماضية، وثقت تقارير حقوقية وإعلامية تعرض مدنيين ممن حاولوا العودة إلى بيوتهم في سري كانيه للاعتقال والضرب وحتى القتل.

وبعد سقوط النظام السابق في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عاد الكثير من السوريين في المخيمات داخل البلاد وخارجه إلى مناطقهم، فيما يتساءل النازحون في مناطق شمال شرقي سوريا عن مصيرهم في العودة.

ويقول الحمدو “اليوم لم يبق أحد في المخيمات ضمن سوريا ولم يعود إلى بيته، إلا نحن في مناطق شمال شرقي سوريا لا زلنا في المخيمات ولا يوجد بوادر للعودة، نحن تعبنا كثيراً ونريد العودة، لن نرتاح إلا في منازلنا”.

“نريد ضمانات العودة”

وسط لهفة الشوق في العودة إلى ديارهم يوماً ما، يقول الكثير من النازحين بأن عودتهم لا تختلف كثيراً عن نزوحهم نظراً لسرقة محتويات منزلهم أو تدميرها من قبل مسلحي الفصائل.

وتقول يسرى غضبان، وهي نازحة من قرية “تل المحمد” التابعة لبلدة زركان (أبو راسين)، بأنهم بدون ضمانات لعودة آمنة مع خروج الفصائل المسلحة منها، لن يعودوا إلى منازلهم خشية من الاعتقال او الضرب.

وتضيف: “تعبنا كثيراً من النزوح، كما أن بيوتنا تحولت إلى ركام ما عدا المنازل التي حولتها القوات التركية والمسلحين الموالين لها إلى مقرات لهم بحسب ما علمناه”.

بينما قسمت الاجتياح التركي المنطقة، يختلط شعور النازحين ولا سيما الذين يقيم بعضهم على مقربة من قراهم، لكن دون أن يتمكنوا من الوصول إليها.

تقول يسرى بأسى: “نرى منازلنا بأعيننا لكننا لا نجرؤ على الاقتراب منها، نشعر وكأننا خرجنا من البلاد كلها لا من القرية فقط”.

أما أحمد محمد، النازح من قرية “الشركة” بريف سري كانيه، فيؤكد على غرار سابقيه، أن غالبية منازل قريته تعرضت للنهب والتدمير عقب النزوح.

ويضيف “نريد أن نعود إلى أرضنا مثل باقي النازحين السوريين الذين عادوا من المخيمات إلى دمشق أو حلب وغيرها، لكن الطريق إلى مدينتنا ما زال مغلقاً أمامنا، هذه هي السنة السادسة لنزوحنا، وقد تفرقنا في مدن الجزيرة، وتركنا خلفنا كل شيء نملكه”.

ويتفق النازحون جميعاً وبينهم “محمد” أن العودة لا تتحقق إلا بخروج المسلحين من أرضهم وتوفير مناخ آمن يضمن لهم الاستقرار في بناء منازلهم وقراهم والبدء من جديد.

تحرير: خلف معو