كوباني.. امتحانات حكومية تُجرى لأول مرة وترحيب محلي باتفاق الحكومة السورية والإدارة الذاتية

فتاح عيسى – كوباني

شكّل الاتفاق بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، حول إجراء امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في مناطق الإدارة، نقلة نوعية أثارت ارتياح السكان والطلاب على حد سواء، لما وفره من راحة نفسية وتخفيف للمصاريف الباهظة التي كانت تتكبدها العائلات سابقاً.

وفي الثامن من شهر حزيران/ يونيو الفائت، أعلنت هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، التوصل إلى اتفاق مشترك مع الحكومة السورية لتنظيم العملية الامتحانية لطلبة مناطق شمال وشرق سوريا.

توفير وتخفيف معاناة السفر

يقول شيخ أحمد العيداوي (50 عاماً) وهو من سكان بلدة صرين، جنوبي كوباني، لنورث برس، وهو والد طالبة تقدم امتحانات الإعدادية في بلدته صرين، جنوبي كوباني، إن إجراء الامتحانات في المنطقة ساهم بتخفيض المصاريف عليه لدرجة كبيرة، مستذكراً المصاريف المرتفعة “بحسب وصفه”، عندما أرسل ثلاثة من أبنائه لتقديم الامتحانات في مدينة حلب خلال السنوات الفائتة.

ويضيف “العبداوي” أن المصاريف كانت تتعلق بالانتقال والسفر وأجور المواصلات إضافة إلى استئجار سكن لمدة شهر لإجراء الامتحانات.

ويشير إلى أن الاتفاق الذي جرى بين الحكومة والإدارة الذاتية فيما يخص إجراء الامتحانات في المنطقة حقق الراحة النفسية والجسدية لذوي الطلاب والطلاب أنفسهم، حيث أن الطلاب يجهزون أنفسهم في منازلهم ويقدمون امتحاناتهم في مناطقهم.

ويلفت أن معظم ذوي الطلاب يقومون بإيصال أبنائهم للمراكز الامتحانية ثم يقومون بمتابعة أشغالهم أو انتظار أبنائهم لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات فقط حتى ينتهوا من إجراء الامتحانات.

ويبين أن هذه الأمور رغم بساطتها تسببت براحة نفسية للطلاب، وبتحقيق الاطمئنان لذويهم لأنهم يقدمون امتحاناتهم بالقرب منهم.

ويذكر “العيداوي” أنه عندما كان يرسل أبنائه إلى حلب لإجراء الامتحانات لمدة عشرين يوماً أو خمسة وعشرين يوماً كان يتواصل معهم عبر الهاتف ويبقى مشغول البال والفكر على أوضاعهم، أما الآن فالوضع أصبح أحسن بكثير، على حد تعبيره.

راحة واستقرار نفسي

بدوره يقول محمد الحسن ( 50 عاماً) وهو من سكان ريف صرين، أن الاتفاق بين الحكومة والإدارة الذاتية بخصوص الامتحانات أدخل السرور إلى نفوس الطلاب  وأراحهم، وساهمت في استقرارهم نفسياً من جهة، وساهمت بخفض المصاريف التي كان ذوي الطلاب يتكبدونها بسبب إجراء الامتحانات في مناطق بعيدة عن مناطقهم.

ويضيف “الحسن” أن مصاريف الامتحانات تقتصر حالياً على المواصلات وإيصال الطالب إلى المراكز الامتحانية وهي لا تشكل سوى مبلغاً رمزياً بالنسبة لذوي الطلاب.

كما يذكر أن الطالب في السابق كان يعاني من الضغوط بسبب الانتقال والسفر، وأن العائلة كانت تعاني مادياً بسبب المصاريف إضافة إلى المخاوف وخاصة إرسال الفتيات إلى مناطق بعيدة عن مناطقهم.

ويعتبر “الحسن” إجراء الامتحانات في منطقتهم أأمن لطلابهم من الانتقال إلى محافظة حلب وإجراء الامتحانات فيها.

ويقول إن المراكز الامتحانية أصبحت أقرب بالنسبة لهم، وإن المصاريف انخفضت كثيراً ، كما أن الطلاب باتوا يشعرون بمعنويات مرتفعة عندما يقدمون الامتحانات في مناطقهم.

 بدورها تقول شفين أوسي وهي من سكان مدينة كوباني، إن الاتفاق بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية سهلت الأمور عليهم إلى درجة كبيرة، حيث كانوا يجهزون أنفسهم للسفر إلى مدينة حلب من أجل مرافقة أبنائهم أثناء تقديم امتحانات الشهادة الثانوية والإعدادية قبل إعلان الاتفاق.

وتضيف “أوسي” أن نقل الامتحانات إلى مناطقهم سهل أمورهم كثيراً، لأنهم كانوا سيضطرون لاستئجار منزل في حلب، بينما حالياً يأتون إلى بلدة صرين يوم الامتحان ويعودون بنفس اليوم إلى منازلهم.

وتشير إلى أن عودة الطلاب إلى منازلهم بعد إجراء الامتحان يشعرهم بالرحة أكثر وبالتالي يؤثر إيجاباً على التحضير للامتحان التالي.

وتذكر “أوسي” أنها كانت ستضطر لترك بعض أطفالها في كوباني والسفر إلى حلب ومرافقة عائلة أخرى من أجل تخفيض مصاريف الاستئجار، بينما حالياً أصبحت الأمور أسهل على العائلات.  

من جهته يقول شاهين خليل (60 عاماً) وهو من سكان قرية القنايا بريف كوباني الغربي، إن الامتحانات أصبحت أفضل وسهلت الوضع عليهم، فعندما كان أبناؤهم يقدمون الامتحانات في حلب كانت التكاليف أكبر والجهد والتعب على الطلاب وذويهم أكبر، بينما حالياً يتم إجراء الامتحانات في بلدة صرين القريبة على قريتهم.

ويتمنى خليل أن تكون هناك مراكز امتحانية في قرية القنايا خلال العام القادم لأن هناك أعداد كبيرة من الطلاب فيها.

ويشير إلى أن المصاريف والنفقات على إجراء الامتحانات انخفضت بنسبة 90 بالمائة على ذوي الطلاب، مضيفاً أنه “كان الطالب يحتاج إلى مرافق وسكن وتكاليف السكن والمواصلات، وانشغال الأب والأم وعدم مقدرتهم على مرافقة الطالب أحياناً، بينما حالياً يتم إيصال الطلاب من منازلهم بواسطة السيارات إلى المراكز الامتحانية وإعادتهم إلى منازلهم بعد انتهاء الامتحان”.

ويبين أن الموضوع أثر على الوضع النفسي للطلاب أيضاً، حيث أن تقديم الطلاب لامتحاناتهم في مناطقهم سهل عليهم الأمور، داعياً أن تكون الأعوام القادمة أفضل بحيث تتوزع مراكز الامتحانات في كوباني وقرى بلدة الشيوخ.

وانطلقت العملية الامتحانية للشهادة الإعدادية في مناطق شمال وشرق سوريا في 21 حزيران/يونيو الفائت، تقدم لها أكثر من 26 ألف طالباً وطالبة في 115 مركز امتحاني، حسبما أفاد خلف المطر، الرئيس المشارك لهيئة التربية في شمال وشرق سوريا في تصريح سابق لنورث برس.

وتجرى امتحانات المناهج الحكومية لأول مرة بالتنسيق مع الإدارة الذاتية في مناطقها، التي تتبنّى منهاجاً خاصاً بها منذ عام 2015، يشمل اللغات الكردية والعربية والسريانية، في مناطق شمال شرقي سوريا.

تحرير: خلف معو