عودة سوريا إلى نظام “سويفت”.. نافذة جديدة لـ “الانفتاح الاقتصادي” على البلاد

نورمان العباس – دمشق

في خطوة تعدُّ مؤشراً على مرحلة تحول اقتصادي قادمة، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، مؤخراً، أن سوريا أجرت أول معاملة مصرفية دولية عبر نظام “سويفت” منذ اندلاع الحرب التي استمرت 14 عاماً، في إطار جهود رسمية لربط النظام المصرفي السوري بالمنظومة المالية الدولية، بعد إعلان رفع العقوبات الغربية عن البلاد.

والخميس الفائت، قال حصرية، لـ”رويترز” إنه تم إجراء معاملة تجارية مباشرة من مصرف سوري إلى مصرف إيطالي يوم الأحد الماضي، وإن المعاملات مع البنوك الأميركية قد تبدأ في غضون أسابيع.

ماهو نظام سويفت؟

يُعرف نظام “سويفت” (SWIFT)، وهو اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، بأنه شبكة عالمية لتبادل الرسائل المالية بين البنوك والمؤسسات المالية بطريقة آمنة وسريعة.

ويعد العمود الفقري في عمليات تحويل الأموال عبر الحدود، لا يقوم النظام بتحويل الأموال فعلياً، وإنما يسهّل التواصل بين البنوك لإتمام المعاملات المالية الدولية، من خلال إرسال رسائل مشفرة توضح تفاصيل العملية.

ورغم عدم فرض حظر مباشر يمنع سوريا من استخدام نظام “سويفت”، إلا أن العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة خلال السنوات الماضية أثّرت بشكل كبير على قدرة البنوك السورية على التعامل معه.

ونتيجة لذلك، دخلت سوريا في عزلة مالية غير رسمية، جعلت من تنفيذ التحويلات الدولية عبر الشبكة أمراً بالغ الصعوبة.

“تسهيل التحويلات وجذب المستثمرين”

ترى نغم القدة، طالبة في كلية الاقتصاد في دمشق، أن إعادة تفعيل سويفت “سيُسهّل التحويلات المالية خاصة في مرحلة إعادة الإعمار، ويُشجّع المستثمرين على دخول السوق السورية بسبب التسهيلات الكبيرة في الحوالات”.

ويضيف أن “البنوك السورية كانت في عزلة تامة، والعودة إلى سويفت ستُعيد ربطها بالخارج”.

فيما يقول عبدالله صالح، طالب جامعي باختصاص إدارة الأعمال في دمشق، إن “نظام سويفت سيسهّل على التجار عمليات الاستيراد، بعدما كانت أكبر العقبات تتمثل في تحويل الأموال للموردين، ما اضطرنا سابقاً إلى اللجوء لمكاتب خارجية، مما زاد التكاليف”.

ويضيف أن الخطوة “مهمة لجذب شركات أجنبية ستشارك في إعادة الإعمار، ويُعد سويفت أداة أساسية في تعاملها المالي”.

من جانبه، يرى عمار خريساني، صحفي وأستاذ في اللغة الألمانية بدمشق، أن “أثر سويفت لا يقتصر على الاستثمار، بل يمتد إلى المواطن في الداخل، خاصة في موضوع الحوالات التي كانت تحتاج إلى وسيط، وتؤدي إلى خسارة في فرق التحويل”.

ويشير إلى أن “التحويل المباشر من بنك إلى بنك عبر سويفت سيجعل العملية أكثر أماناً ويحافظ على القيمة الحقيقية للأموال”.

الانفتاح مجدداً على الاقتصاد العالمي

يقول الدكتور علي كنعان، عميد كلية الاقتصاد، إن “العقوبات السابقة حرمت سوريا من التعامل مع شبكة سويفت”، مضيفاً أنها “شبكة اتصالات خاصة بالبنوك تُتيح التحويل بين أي مصرف وآخر حول العالم”.

ويبين أن عدم القدرة على استخدام سويفت جعل من البنوك السورية كيانات محلية بلا صلة بالخارج، أشبه بدوائر حكومية داخلية

ويشير “كنعان” إلى أن “رفع العقوبات يسمح الآن بإدخال سوريا من جديد إلى الشبكة العالمية، وهو ما سيساهم في إعادة العلاقات المصرفية مع الخارج، من خلال البنوك المراسلة في مختلف الدول”.

ويشدد إلى أن العودة إلى سويفت تخفف التكاليف على البنوك وتُسرّع عمليات الاستيراد والتصدير، ونقل الأموال، وكذلك تحويلات المغتربين، إلى جانب جذب أموال المستثمرين السوريين في الخارج.

ويرى عميد كلية الاقتصاد بدمشق، أن الميزة الأهم في سويفت هي عامل الأمان، “حيث تتم العمليات بدقة عالية من بنك إلى بنك، على عكس التحويل عبر شركات الصرافة أو الوسائل الملتوية، التي كثيراً ما تتسبب في خسائر للبنوك والمواطنين”.

ويشير إلى أن هذه الخطوة ستطلق حركة اقتصادية جديدة في البلاد، كانت غائبة، وستمهّد لانفتاح سوريا مجدداً على الاقتصاد العالمي وزيادة الإنتاج.

وتحتاج سوريا إلى إجراء تحويلات مالية عبر المؤسسات المالية الغربية لجلب مبالغ طائلة لإعادة الإعمار وإنعاش اقتصاد مزقته الحرب، وخلّف 9 من كل 10 أشخاص فقراء، وفقاً للأمم المتحدة.

تحرير: خلف معو