مختصون بشؤون الإرهاب: تصعيد ميداني ومؤشرات عودة جديدة لتنظيم “داعش” في سوريا

القامشلي – نورث برس

يرى مختصون في شؤون الإرهاب أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يشهد عودة مقلقة في سوريا، وسط تصاعد لافت في نشاطه العسكري خلال الفترة الماضية، لا سيما في مناطق دير الزور وأطراف البادية السورية.

ويؤكدون أن هذا التصاعد جاء بعد انهيار النظام السوري السابق في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ما أتاح للتنظيم فرصة للاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، ومهّد له إعادة التموضع وشن هجمات.

ويحذّرون من أن هذا النشاط “لا يعد طارئًا أو مؤقتًا، بل مؤشرًا على مرحلة جديدة من عمليات التنظيم، تغذيها بيئة أمنية هشة، وأوضاع إنسانية متدهورة، وغياب مقومات الاستقرار”.

تصاعد لنشاط “داعش”

يقول زانا عمر، وهو صحفي من القامشلي بشمالي سوريا، ومختص في شؤون الإرهاب، إن انهيار النظام السوري السابق أتاح لتنظيم “داعش” الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

ويضيف في تصريح لنورث برس: “الساحة السورية تشهد مجددًا تصاعدًا في نشاط داعش، وهو ما يعكس عودة مقلقة للتنظيم في توقيت حساس تُسهم فيه عدة عوامل متداخلة، في مقدمتها الفراغ الأمني الكبير الذي تعيشه البلاد منذ بدء انهيار النظام السوري واستيلاء التنظيم على كميات كبيرة من الأسلحة”.

ويبين أن “الهجمات التركية على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ساهمت في تقليص الضغط الأمني على خلايا التنظيم، حيث استغل داعش انشغال قسد بالدفاع عن مناطقها ليعيد تموضعه وينقل عناصره من البادية إلى مناطق شرق الفرات”.

ويتابع عمر بأن: “تصاعد نشاط التنظيم المتطرف يتزامن مع أنباء إعادة تموضع أو انسحاب جزئي للقوات الأميركية في شمال شرقي سوريا، بما في ذلك إخلاء بعض القواعد في دير الزور، التي تشهد حاليًا أعنف هجمات يشنها التنظيم منذ سنوات”.

 وتشير المؤشرات إلى أن وتيرة هذه الهجمات ستتصاعد في المرحلة المقبلة، سواء من حيث طبيعة الأهداف أو الأساليب، مع تحوّل واضح من الهجمات الفردية إلى العمليات الجماعية”، بحسب عمر.

وقال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، في تصريح إبان سقوط نظام بشار الأسد، إن “خطر داعش في مراكز الاحتجاز والمخيمات يتزايد، وهناك زيادة في حركة التنظيم بشكل عام”.

وأضاف عبدي حينها: “هناك حاجة لتكثيف الجهود لمواصلة القتال ضد تنظيم داعش إذا كنا لا نريد أن نرى عودة ظهوره”، موضحًا أن هناك حاليًا نحو 10,000 عنصر من داعش في السجون، “على استعداد لإعادة إشعال الفوضى في الشرق الأوسط”.

الجوانب البشرية   

ويرى زانا عمر أن هناك مؤشرات على تنامي قدرة “داعش” في عمليات التجنيد، مستغلًا حدثين محوريين:

“أولهما حرب غزة، التي غذّت السردية الجهادية، وثانيهما تململ شريحة واسعة من الجهاديين من سياسات هيئة تحرير الشام، ما دفع البعض للانشقاق ومبايعة داعش”.

ويضيف أن أهداف “داعش” في المرحلة القادمة تتمحور حول السيطرة على السجون ومخيمي الهول وروج، من خلال تعزيز نفوذه في دير الزور تمهيدًا لتوسيع رقعة سيطرته.

كما يتوقع أن يحاول التنظيم تكرار سيناريو “سجن الصناعة” في الحسكة (عملية كسر الأسوار) عبر هجمات انتحارية وانغماسية.

ويرى عمر: “كل ما نشهده اليوم من تحركات للتنظيم قد لا يكون سوى بداية مرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة، فهناك خطر حقيقي بانفجار الوضع الأمني في سوريا والعراق، سواء عبر تصاعد هجمات داعش، أو بروز تنظيم جهادي جديد منشق عن هيئة تحرير الشام، نتيجة خلافات أيديولوجية وتنظيمية متجذرة ومتسقة مع فكر داعش”.

فرصة ذهبية

تقول لامار أركندي، وهي صحفية مختصة في شؤون الإرهاب، إن تنظيم “داعش” استعاد قوته بشكل كبير، وأظهر نشاطًا متجددًا وقدرة على استقطاب المزيد من المقاتلين الجدد.

وتضيف لنورث برس: “أسباب عودة داعش خلال الفترة الحالية تعود لعدة عوامل، منها الفراغ الأمني الناتج عن فرار الأسد، وكذلك القرار الأميركي بتقليص وجوده العسكري في دير الزور، وهي منطقة تعتبرها “داعش” عاصمتها وحدود دولتها التي انهارت عام 2019″.

وتتابع أركندي المقيمة في القامشلي: “وجد التنظيم فرصته الذهبية لإعادة ترتيب صفوفه وشنّ عمليات في مناطق جديدة، خاصة مع عودة العديد من النازحين إلى مناطقهم في أطراف البادية السورية، وهم يعيشون وضعًا اقتصاديًا منهارًا وانعدامًا في البنى التحتية، مما يسهل على داعش تجنيدهم”.

وتشير إلى أنه “بعد انهيار دولة الخلافة على يد قسد في الباغوز، انتقل المئات من عناصر “داعش” إلى إدلب والمناطق التي تحتلها تركيا، وانضموا إلى الفصائل المسلحة هناك”.

وتتابع: “التنظيم يطلق دعوات عبر وسائل التواصل ومن قياداته إلى مقاتليه المنضمين للفصائل بالانشقاق والعودة إلى صفوفه، كما يعمل على تحرير سجناء داعش من سجون قسد، مستعينًا بعناصر من الإيغور الذين شنوا هجمات في مناطق مثل الراعي وإدلب”.

ولا تستبعد الصحفية الكردية أن يستخدم التنظيم أسلحة متطورة في عملياته القادمة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة وأنواع من الصواريخ، حصل عليها من مخازن الميليشيات الإيرانية بعد انسحابها من سوريا. “وقد نشهد استخدامه لأسلحة أكثر فتكًا من تلك التي استخدمها سابقًا في عملياته داخل البادية السورية”.

إعداد وتحرير: عبدالسلام خوجة