قلة الوارد المائي من تركيا تنذر بتفاقم أزمة الزراعة والغذاء في الرقة

زانا العلي – الرقة

ينتظر أحمد الهلال أيامًا طويلة حتى يصله دور ليبدأ سقاية أرضه المزروعة بالقمح، وذلك نتيجةً لقلة الوارد المائي من قنوات الري القادمة من سد الفرات.

وفي ظل تراجع منسوب نهر الفرات القادم من تركيا وتزايد حدة الجفاف، يواجه مزارعو الرقة تحديات جسيمة تهدد محاصيلهم الزراعية، خاصة أولئك الذين يعتمدون بشكل رئيسي على مياه الري القادمة من سد الفرات.

الجفاف وقلة الوارد المائي من تركيا

يقول أحمد الهلال، ( 45 عامًا)، وهو مزارع من الرقة، لنورث برس، إنه عادةً ما يستغرق الأمر عشرة أيام حتى يصل دور المياه إلى القناة التي تغذي منطقتهم. وهم بدورهم ينتظرون حتى يصلهم الدور، نظرًا لقلة المياه المتوفرة.

ويضيف أنه “قبل عشرة أيام كانت نسبة المياه مقبولة، لأن الأجواء كانت تساعد، إذ كان الجو باردًا وكانت هناك رطوبة، أما الآن، ومع بداية فصل الصيف، فإن قلة المياه تُسبب مشكلة كبيرة للمحصول”.

ويشير إلى أنهم في الخط العاشر حسب خطوط الري شرقي مزرعة حطين شمالي الرقة، قائلاً: “عندما يحتاج المحصول إلى المياه، نرى أن المياه تنخفض ويتضرر الموسم.”

ومنذ شباط/ فبراير، من العام 2020، تواصل تركيا حبس مياه نهر الفرات، عن الأراضي السورية، ما يتسبب بانخفاض منسوب النهر في سوريا وبالتالي تنخفض مستويات الضخ عبر قنوات الري وسط توالي سنوات الجفاف.

بينما يقول محمد إبراهيم، وهو مزارع من منطقة الكسرات جنوبي الرقة، إن قلة المياه قد ضاعفت معاناتهم مع الزراعة وسط موجة الجفاف التي تضرب المنطقة.

ويضيف “إبراهيم” لنورث برس: “أن هناك مشاكل في تنظيم وتوزيع الري من قبل المشرفين، وذلك بسبب الأعطال في محطات ضخ المياه بالإضافة إلى انخفاض منسوب المياه.

ويشير إلى أنه بسبب قلة المياه، تحدث بين فترة وأخرى مشاكل بين المزارعين بسبب تجاوز أحدهم على حصة الآخر من المياه أو بسبب تأخر المدة الزمنية لترك المياه بعد استخدامها.

وحسب المعلومات التي حصلت عليها نورث برس من مكتب الري في مجلس الرقة المدني، هناك في الرقة 25 محطة ضخ تحتوي على 102 مجموعة ضخ، منها 9 مجموعات خارج الخدمة، وتحتاج إلى ميزانية طائلة تفوق قدرة مكتب الري، وتتطلب دعمًا من المنظمات لإصلاحها.

وتشير إحصائيات مكتب الري إلى أن الرقة تضم 96 ألف هكتار من الأراضي الزراعية المروية، منها 43 ألف هكتار تعتمد على محطات الضخ، والتي تنقل المياه عبر قنوات رئيسية مثل قناة البليخ المرتبطة بمحطة تل السمن بطول 155 كم، وتروي 43 ألف هكتار. إضافة إلى قناة السلحبية السفلى بطول 60 كم وتخدم 20 ألف هكتار، والسلحبية العليا بطول 25 كم لري 3 آلاف هكتار، فضلاً عن قناة بئر الهشم التي يبلغ طولها 20 كم وتروي 10 آلاف هكتار. معظم هذه القنوات تتطلب أعمال صيانة عاجلة.

تحذيرات من تفاقم أزمة المياه والغذاء  

يقول شيخ نبي خليل، رئيس قسم التشغيل في مكتب الري في الرقة، إن السبب الرئيسي وراء قلة مياه الري هو انخفاض مستوى بحيرة سد الفرات نتيجة قلة الوارد المائي من تركيا.

ويضيف “خليل” لنورث برس: “نحن نعمل حاليًا على خطط لمنع هدر المياه ونوجه هذا النداء للمزارعين بالانتباه من هدر المياه أثناء ري محاصيلهم. وعلى المزارعين التقليل من الزراعة التكثيفية مثل السمسم، وذرة الصفراء، وبذور الجبس.”

ويوجه “خليل” نداء إلى الأمم المتحدة والجهات الدولية، محذراً من أن استمرار حبس المياه من قبل تركيا سيؤدي إلى أزمة غذائية تهدد المنطقة التي تعتمد الزراعة فيها كمصدر أساسي للحياة.


ونهاية نيسان/ أبريل الفائت، حذرت الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا من خروج سد الفرات عن الخدمة خلال أقل من شهر نتيجة الجفاف وضعف الوارد المائي من تركيا.

وذكرت الإدارة في بيان أن سد تشرين خرج عن الخدمة خلال الأشهر الماضية نتيجة الأعمال القتالية، فيما تدخل إلى الأراضي السورية نحو 250 مترًا مكعبًا من المياه كحصة لسوريا والعراق، وهي نصف الكمية المتفق عليها سابقاً عبر اتفاقات رسمية.

كما نبهت الإدارة إلى أن الجفاف وزيادة التبخر في البحيرات أدى إلى انخفاض مستوى بحيرة الفرات إلى 298 مترًا فوق سطح البحر، مقارنة بالمستوى الطبيعي البالغ 304 أمتار، مطالبةً بتدخل رسمي من الحكومة السورية للضغط على الجانب التركي لضمان تدفق الكميات المتفق عليها وفق البروتوكولات المبرمة سابقاً.

ووسط هذه المعطيات، تبدو أزمة المياه في الرقة مرشحة للتفاقم، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة على المستويين المحلي والدولي لضمان استمرار النشاط الزراعي والحفاظ على الأمن الغذائي في المنطقة.

تحرير: خلف معو