بيومه العالمي.. الرقص في سوريا بين المخاوف ومساعي التطوير
أحمد كنعان – دمشق
سرت شائعات كثيرة بعد سقوط النظام السابق عن إغلاق قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، إلا أن الحقيقة هي أنه لم يصدر أي توجيه بذلك، كما احتفلت دمشق بيوم الرقص العالمي، الذي صادف 29 نيسان/ أبريل الفائت.
ويقول نورس عثمان، رئيس قسم الرقص بمعد الفنون المسرحية في دمشق، لنورث برس، إن قسم الرقص يشارك بالاحتفال بيوم الرقص العالمي الذي يصادف يوم 29 نيسان/ أبريل من كل عام حيث يحتفل العالم كله بهذا اليوم.
تحضيرات وسط مخاوف
يشير عثمان إلى أنهم توقفوا نحو أسبوع عندما سقط النظام كما كل الفعاليات الحياتية التي توقفت في سوريا، مضيفاً: “ثم عدنا لاستكمال مهامنا وقدمنا عرضاً راقصاً حمل اسم (ربما) قدمه طلاب السنة الثالثة في الشهر الأول من العام الجاري”.
وفي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حدثت تغييرات سياسية في سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد وفراره إلى روسيا.
وأثار سقوط النظام وسيطرة “هيئة تحرير الشام” التي أعلن قائدها أحمد الشرع حلها بعد توليه رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، نهاية كانون الثاني/يناير من العام الجاري، مخاوف لدى الأواسط الفنية.
ويعرب “عثمان” عن مخاوفه، قائلاً: “لدينا مخاوف من أقاويل كثيرة تدور حول عدم التقبل حالياً لفن الرقص، وذلك بعد سيطرة جماعات إسلامية على الحكم في سوريا”.

ويضيف: “لكننا حسمنا أمرنا وعملنا كما نعمل عادة من حيث الأداء الحركي أو الملابس أو المواضيع التي نقدمها لأن جمهورنا واحد بغض النظر عن طريقة النظام الحاكم”.
بينما يقول الفنان معتز ملاطية لي والذي يعتبر رائد الرقص المعاصر فهو أول من أقام عروض رقص معاصر في سوريا ويشرف حالياً على احتفالية يوم الرقص العالمي، لنورث برس، إن هذه الاحتفالية لم تنقطع منذ العام 2007، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك خصوصية لهذا اليوم هذه السنة.
ويضيف: “فقد لاحظت أن معهدنا فقط يحتفل بهذا اليوم مع أننا لسنا جهة إنتاجية ولكننا نحب أن نحتفل بهذا اليوم لأننا نقدم مع طلابنا تلخيصاً لكل ما درسوه وتدربوا عليه خلال عام كامل”
ويشير إلى أنهم يحرصون أن يكون هذا الاحتفال متنوعاً وجامعاً لكل أنواع الرقص وكل التقنيات العالمية من الباليه إلى الكلاسيك إلى المعاصر.
ويعمل في هذا العرض لهذا العمل 44 راقصاً وراقصة ” لتقديم عروض الاحتفال بيوم الرقص العالمي يومي 29 و30 نيسان/ أبريل الجاري في مسرح سعدالله ونوس في المعهد العالي، بحسب ملاطية لي.
تطوير موروث الرقص
يقول نورس عثمان رئيس قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، إنهم يعملون بذات المفاهيم التي كانوا يعملون عليها.
ويضيف: “نحن ندرك أن الرقص المعاصر هو دخيل على مجتمعنا ولذلك نراعي الموروث الجمعي للشعب السوري ونعمل منذ عدة سنوات على تطوير موروث الرقص الجمعي وندمجه مع الرقص المعاصر حتى يصبح بصورة تشبهنا وتتحدث عن قضايانا”.
ويلفت أن القسم يعاني من نقص بالكادر التدريسي، مبيناً أن المشكلة بدأت منذ العام 2014 ومستمرة حتى الآن.
ويعزو عثمان السبب وراء ذلك بأن أغلب الخريجين كانوا يسافرون خارج البلاد بسبب الخدمة الإلزامية أو لعدم توفر فرص عمل ذات مردود جيد إضافة إلى مخاطر الحرب التي منعت من استقطاب خبراء رقص من خارج سوريا، على حد قوله.
فيما يذكر رئيس قسم الرقص بمعهد الفنون المسرحية في دمشق، أنهم استطاعوا بعد سقوط النظام إقامة ورشات عمل للرقص المعاصر مع راقصين عدة.
ويضيف: “عملنا مع راقصة روسية والفنان أحمد شعبان وهو خريج معهدنا عام 2015 ثم درس اليوغا في هولندا وعمل مع طلابنا على تصميم الرقص واليوغا، كما عملنا لمدة تسعة أيام مع خبيرة يابانية وخبيرة أرجنتينية على الرقص المعاصر والكلاسيك”.
رسالة الرقص
يرى الفنان السوري معتز ملاطية لي، أنه من المفروض أن “الراقص يعبر ولكن ليس بالكلام والكلمة كانت معبرة وتتحدث عن مهمتنا كراقصين في توليد المشاعر الإيجابية عند الناس وتوجيههم نحو الخير خاصة أننا نعيش زمن حروب ومصائب وظلم”.
فيما تقول داليا ملاطية لي، وهي طالبة في السنة الثالثة بقسم الرقص، “بدأت بمدرسة البالية ولم أستطع ألا ألتحق بقسم الرقص لأن هذا المجال أعطاني كمية حب كبيرة”.
وتضيف أنه في حال أغلق المعهد كما كان يشاع، “لا أستطيع تخيل ذلك لأن كل حياتي متعلقة بقسم الرقص بالتأكيد سأعيش فراغاً كبيراً فأنا أعبر عن كل ما أعيشه من خلال فن الرقص فإذا توقف ماذا سأفعل كيف سأعبر عن نفسي؟”.
بينما يشير مهند شاويش، وهو طالب في السنة الرابعة بقسم الرقص، لنورث برس، إلى أنه اختار أن يكون محترفاً بمجال الرقص لأنه يراها طريقته بالتعبير عن نفسه وأن الرقص فضاء واسع يستطيع من خلاله طرح أفكار وقضايا كثيرة”.
وفيما إذا كان يعاني من الرفض المجتمعي لفن الرقص، يقول شاويش: “بصراحة في البداية شعرت بهذا الشيء ولكني أشعر أن الراقص عندما يصل لمستوى احترافي ويقدم عملاً متقناً فهو يستطيع أن يغير طريقة النظر إليه”.
ويعبر عن اعتقاده أن الراقصين يجب أن يعملوا بصدق لأن الصدق حسب رأيه قادر على جعل الجمهور يحترم الفني الراقص.
ويرى طلاب قسم الرقص بمعهد الفنون المسرحية في دمشق أنهم من خلال هذا الفن يعبرون عن أنفسهم وأفكارهم.