غرفة الأخبار – نورث برس
يرى محللون سياسيون عراقيون أن إعادة العلاقات بين بغداد ودمشق ستُسهم في تحسين العلاقات من كافة الجوانب بين البلدين، رغم “تحفظات” بغداد على الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
والأربعاء الفائت، أعلن رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، توجيه دعوة رسمية لأحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية التي ستُعقد في بغداد في أيار/ مايو المقبل.
بينما كشفت وسائل إعلام عراقية، الخميس الفائت، عن لقاء جمع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، برئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أثناء زيارته الدوحة قبل يومين، وذلك بحضور أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وتناول الاجتماع الثلاثي عدة ملفات، أبرزها الملف الأمني، وأن هذا اللقاء يُعد الأول من نوعه الذي جمع بين السوداني والشرع، بعد أن كان الأخير قد التقى عدداً من القيادات العراقية خلال الفترة الماضية.
دعوة مستعجلة
وتتعامل بغداد بحذر مع دمشق منذ سقوط النظام السوري الذي كان حليفًا وثيقًا للحكومة في بغداد، وفضلت عدم إصدار مواقف واضحة تجاه الوضع الجديد في سوريا، وسط تباينات داخلية ومخاوف من تداعيات الانفتاح السريع على الملف السوري.
وفي العشرين من الشهر الجاري، قالت عدة مصادر أمنية عراقية إن هناك مذكرة توقيف قديمة بحق الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع في العراق.
وفي بيان صدر عن حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي، أحد أبرز قيادات الائتلاف الحاكم، إلى “مراعاة خلو السجل القضائي العراقي أو الدولي من التهم أو الجنايات لمن يشترك في أعمال القمة العربية على أي مستوى من مستوياتها”.
يقول إبراهيم السراج، وهو محلل سياسي عراقي، إن ضغوطاً خارجية وداخلية مورست على رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لإرسال دعوة للرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لحضور القمة العربية.
وتابع السراج: “قضية تحسين العلاقات وتفعيلها بين بغداد ودمشق متوقفة على مدى جدية الحكومة المؤقتة في سوريا، هذه الحكومة تحتاج إلى شرعية أكبر ويجب أن تبدأ بعملية سياسية شاملة تضم كل المكونات”.
ويضيف السراج لنورث برس: “إعادة العلاقات بين بغداد ودمشق يتوقف على سلوك الإدارة المؤقتة في سوريا وتعاطيها مع ملف الجماعات الإرهابية، وكذلك مع الملف الأمني في المنطقة، ومدى جديتها في رسم علاقات اقتصادية مع محيطها العربي والإسلامي والدولي”.
وقال: “هناك ضغوط مورست على السوداني لتقديم الدعوة إلى الشرع لحضور قمة بغداد، وهذه الضغوط ربما تكون خارجية أو داخلية، وربما استعجل السوداني في توجيه الدعوة، خاصة أن كثيراً من دول العالم ما زالت تنظر بريبة وقلق إلى ما يجري في سوريا”.
دعوة مشروطة
وفي آذار/مارس الفائت، توجه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في زيارة رسمية إلى العراق، كانت الأولى منذ سقوط النظام السوري السابق. وخلال الزيارة، قال الشيباني إن دمشق “مستعدة للتعاون مع بغداد” في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، مضيفاً أن “الأمن في سوريا جزء لا يتجزأ من أمن العراق”.
ونشرت جريدة “الشرق الأوسط”، أول أمس الاثنين، أن أوساط سياسية شيعية في العراق، اعترضت على اللقاء الذي جمع السوداني والشرع، بينما أعلن عدد من النواب الشيعة داخل البرلمان أنهم تمكنوا من جمع نحو 50 توقيعاً برلمانياً بشأن «سرية» زيارة السوداني إلى قطر ولقائه الشرع، فضلاً عن دعوتهم لاستحصال قرار برلماني يمنع حضور الشرع إلى القمة.
يقول أثير الشرع، وهو محلل سياسي عراقي، لنورث برس، إن الحكومة العراقية تواجه ضغوطاً كبيرة للاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة، مضيفاً: “لقاء السوداني بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تمخض عنه اتفاق أولي للبدء بصفحة جديدة.
ويعتقد، أن السوداني اشترط، مقابل دعوة الشرع إلى مؤتمر القمة العربية، “ضبط إيقاع الفصائل المؤيدة للحكومة السورية الحالية”.
ويرى أن العراق سيقدم الدعم اللازم لسوريا، خصوصاً في مجالات الأمن وضبط الحدود والتبادل التجاري، وأن بغداد تسعى لكسب دول الخليج والدول المؤيدة للمتغيرات في سوريا من خلال الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة.
دفن الماضي
في المقابل، يرى المحلل السياسي العراقي، عبدالله الكناني، أن دعوة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لحضور القمة العربية في بغداد، أمر طبيعي، قائلاً: “الشرع الآن رئيس سوريا شئنا أم أبينا، وعلاقة العراق بسوريا قديمة، ولدينا حدود مشتركة بطول 600 كيلومتر”.
وأشار الكناني، المقيم في بغداد، لنورث برس: “الآن الأوضاع تغيرت، والسوداني هو من يحدد سياسة العراق لتحسين العلاقة مع سوريا وتطويرها، بحكم المصالح المشتركة. وحضور الشرع للقمة هو حضور لسوريا كدولة وليس كشخص أحمد الشرع”، وفق تعبيره.
ويُشير إلى أن إعادة العلاقات بين البلدين ستُسهم دون شك في تحسين العلاقات نحو الأفضل، و”دفن الماضي، لأن واقع الحال قد تغير”.