الحسكة.. هل تعوض المحاصيل الصيفية خسائر المزارعين في موسم الجفاف؟

الحسكة – نورث برس

على امتداد مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في الجزيرة السورية، تسبب استمرار قلة الأمطار والجفاف في الأعوام الأخيرة في تضرر الآلاف الهكتارات المزروعة بالقمح والشعير مما انعكس سلباً على المزارعين وتهديداً للأمن الغذائي.

بعد خسائر كبيرة تعرض لها مزارعو القمح والمحاصيل الشتوية، اضطر أغلب المزارعين في الجزيرة السورية لتقليص مساحاتهم الزراعية ولجأ البعض مؤخراً إلى زراعات بديلة للقمح لتعويض خسائرهم.

فشل الموسم الشتوي

أمام حقله المزروع بالخيار داخل الأنفاق (البيوت اللاستيكية)، يشكو المزارع خلف محمد من فشل موسمه الزراعي الشتوي من القمح والكمون بسبب الجفاف وقلة تساقط الأمطار مما كبده خسائر مادية.

ويقول “محمد” وهو مزارع من قرية خربة اللبن شمالي الحسكة لـنورث برس، “لدي نحو 90 دونماً مزروع بالقمح لكنه فشل بسبب الظروف المناخية ولا سيما أن أراضينا بحاجة إلى كميات وفيرة من المياه”.

ويضيف أن “الموسم الشتوي يعتبر خسارة للمزارع والفلاح”.

وللتقليل من حجم خسائرهم، لجأ بعض المزارعين إلى المحاصيل الصيفية لتعويض جزء من خسائرهم بعدما أثقلت الديون كاهل الكثيرين جراء توالي خسائر الموسم الشتوي في ظل غياب الدعم الزراعي.

و داخل الانفاق، زرع “محمد” على غرار الكثيرين خضروات صيفية كالخيار والباذنجان على مساحة 20 دونماً.

ويقول: “قمت بتركيب ألواح الطاقة الشمسية لتقليل مصاريف المحروقات، لعل أن نعوض القليل من خسائرنا”.

ويضيف: أن “المساحات قليلة بسبب سوء الوضع المعيشي نحن بحاجة إلى دعم لتحفيزنا في زراعة مساحات أكبر للتطوير”.

التغير المناخي وغياب الدعم

بات التغير المناخي يهدد مصير الزراعة في منطقة الجزيرة التي تشكل “السلة الغذائية” للبلاد، خاصة أن الزراعة تؤمن مصدر دخل لشريحة واسعة من سكان مناطق شمال شرقي سوريا.

وتسببت الخسائر المتتالية في السنوات الأخيرة، في انحسار مساحات زراعية واسعة بسبب ارتفاع التكاليف وقلة الأمطار وانخفاض مياه الآبار، بحسب مزارعين.

وجراء خسارته لمحصول القمح الموسم الفائت، لم يزرع رمضان العيسى حقله الزراعي بريف الحسكة بمحصول القمح خلال الموسم الحالي بسبب ضعف القدرة المادية ليقتصر على زراعة مساحة صغيرة من القطن في الموسم الصيفي.

وبين أرضه التي جهزها لزراعة القطن هذا العام، يقول المزارع الخمسيني “عيسى” إنه نتيجة قلة المحروقات تكبد في خسارة محصوله من القمح على مساحة 15 دونماً العام الفائت.

ويضيف: “هذا العام ركبت ألواح الطاقة الشمسية بالتقسيط وهي بديل أفضل حالياً من المازوت، واتجهت لزراعة لقطن لعلها تعوض القليل من الخسائر، حيث زرعت 8 دونم فقط وهي مساحة قليلة بسبب ضعف الإمكانيات وقلة المياه وغياب الدعم”.

ويشير “العيسى” أن نجاح محصوله سيعوضه القليل من خسائره العام الفائت كونه تخلص من مصاريف المازوت والزيوت وأعطال المحركات.

بدوره يقول المزارع محمود المحيسن، الذي زرع بدوره القطن والخضروات بعدما تضرر موسمه من القمح والشعير.

ويشكو المحيسن وهو يقف بالقرب من حقله في قريته (المنتفعين) بريف الحسكة، من قلة الدعم المقدمة من الجهات المعنية في البذار والأسمدة والمحروقات التي تؤثر بشكل كبير في إنجاح مواسمهم الزراعية.

ويوضح المزارع أنه لجأ لزراعة المحاصيل الصيفية على أمل أن يعوض خسائره من المواسم الفائتة.

ويرى الكثيرون أن استمرار خسائر المزارعين عاماً بعد آخر جراء التغير المناخي دون وجود دعم للمزارعين، قد تواجه المنطقة في السنوات القادمة كارثة إنسانية بتأمين الغذاء.

تحرير: خلف معو