تقرير حقوقي يشكك بقدرة دمشق على التحقيق في أحداث الساحل السوري
دمشق – نورث برس
شكك تقرير حقوقي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، الثلاثاء، بقدرة الحكومة الانتقالية في دمشق بالتحقيق في “أحداث الساحل”.
وتحدث التقرير عن ترافق أحداث الساحل مع خطاب كراهية ضد الطائفة العلوية، كما وقعت اعتقالات وإطلاق نار على ممتلكات المدنيين قبلها بيومين، كما تطرق للتوتر الأمني في جرمانا بريف دمشق والصنمين بريف درعا.
وكشف التقرير أن أحداث الساحل انطلقت عقب مقتل 15 عنصر من الأمن العام بكمائن منسقة، فيما شهد ريف اللاذقية حالة من الانفلات الأمني بالتزامن مع تشكيل المجلس العسكري بقيادة غياث دلّة.
وذكر أن اليوم الأول من الأحداث قُتل فيه 70 شخص من الأمن العام وعناصر تابعين للنظام السابق، وترافق ذلك مع شائعات وأخبار مظللة ساهمت في نشرها قناة تلفزيونية عربية.
فيما أدّت مجمل هذه الأخبار إلى احتقان شعبي وطائفي غير مسبوق، خاصة بين أبناء الطائفة السنّية، حيث رأى الكثيرون ما يحدث على أنه “محاولة انقلابية” و”محاولات تمرّد” على السلطات الجديدة بقيادة أحمد الشرع، من قبل أنصار الرئيس المخلوع بشار الأسد، بحسب التقرير.
وتزامن ذلك مع انتشار دعوات واسعة وغير مسبوقة إلى “النفير العام” في عدة مناطق من سوريا، وساد خطاب الكراهية والتحريض على القتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل واسع أيضاً وغير مسبوق.
وأشار التقرير إلى أنه رغم ذلك لم تقم السلطات السورية الانتقالية بأيّ مبادرة جدّية لمكافحة تلك الخطابات والسيطرة على تداعياتها، فيما ظهر الشرع في خطابه الأول مؤيداً لحالة “النفير العام”.
فيما انتشرت العشرات من مقاطع الفيديو التي قام بتصويرها المقاتلون التابعون لقوات الحكومة الانتقالية السورية نفسها أثناء قيامهم بارتكاب المجازر وعمليات تخريب مقامات دينية مقدسة لدى أبناء الطائفة العلوية في سوريا.
وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر يوم 11 آذار/مارس 2025، إلى أنها وثَّقت “مقتل ما لا يقل عن 803 أشخاص، وذلك في الفترة الممتدة من 6 إلى 10 آذار/مارس 2025”.
كما سجَّلت الشبكة “مقتل 172 عنصراً على الأقل من القوات الأمنية والشرطية والعسكرية على يد ما أسمتهم بـ”المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة المرتبطة بنظام الأسد”، إضافةً إلى مقتل ما لا يقل عن 211 مدنياً، نفَّذتها هذه المجموعات.
وقالت الشبكة بأنّها وثقت “مقتل ما لا يقل عن 420 شخصاً من المدنيين والمسلحين منزوعي السلاح، بينهم 39 طفلاً و 49 سيدة و 27 من الكوادر الطبية، وذلك على يد القوى المسلحة المشاركة في العمليات العسكرية”.
فيما طالبت منظمة العفو الدولية التحقيق فيما وصفته بـ”أعمال القتل المُروّعة بحق مدنيين في الساحل الشمالي الغربي”، جاء ذلك في معرض تعليق المنظمة الدولية على التقارير التي تحدثت عن مقتل مئات المدنيين، معظمهم من الأقلية العلوية، في المناطق الساحلية في سوريا.
وأقرّت السلطات الانتقالية السورية بوقوع انتهاكات خلال الحملة العسكرية؛ ففي 7 آذار الماضي، صرّح مصدر أمني بوقوع ما وصفها بـ ”بعض الانتهاكات الفردية“، لكنه عزاها إلى “حشود شعبية كبيرة غير منظمة توجهت إلى الساحل”.
في 7 آذار الماضي، أعلن الشرع تشكيل لجنة وطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري، مؤكداً أن أطرافاً عديدة دخلت الساحل السوري وحدثت “تجاوزات”.
وتعتقد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بأنّ الطريقة التي شُكّلت بها اللجنة من رئاسة الجمهورية إلى جانب آلية عملها، تثير شكوكاً حقيقة حول مدى جدّية التزام السلطات الانتقالية بتحقيق العدالة مع ضمان نزاهة وشفافية التحقيقات.
وترى المنظمة بأنّه كان من المفترض أن تتضمن عضوية اللجنة محققين/ات مستقلين/ات بشكل كامل، من مناطق سوريّة مختلفة (منهم الساحل السوري)، وعدم الاكتفاء بلون واحد وطائفة واحدة، حيث إن وجود عضو أو أكثر من المستقلين/ات من أبناء المنطقة التي شهدت الانتهاكات.
كما إن القرار الرئاسي المنشئ للجنة لم يحدد الأساس القانوني الذي يحكم عملها والذي يمكن أن تستند عليها اللجنة في وصف الأفعال المرتكبة وفي طريقة عملها بشكل عام.
ولم يتضمن قرار تشكيل اللجنة أي نصّ صريح يلزم اللجنة بنشر تقريرها على العلن، مما يفتح المجال أمام فرضية أن نتائجه قد تُستخدم لأغراض سياسية داخلية بدلاً من التركيز على تحقيق العدالة، أو ربّما تبقى النتائج الحقيقة حبيسة الأدراج.
وتعتقد “سوريون” بأنّ عقوداً من الفساد والمحسوبيات والتفكك القضائي وعدم قدرة القضاء السوري الحالي على التعامل مع جرائم الحرب، يقوّض من قدرة النظام القضائي السوري الفعلية على المضي قدماً في محاكمات عادلة ومستقلة وشفافة وعلنية.
ولدى المنظمة مخاوف حقيقية بأنّ تكون نتائج التقرير منقوصة أو مسيّسة، أو قدّ يتم إسناد الجرائم إلى “جهات مجهولة”، دون وجود إجراء قانوني يسمح للضحايا بالطعن في قراراتها أو المطالبة بإعادة فتح التحقيق في حالة ملاحظة عدم اكتماله أو شموليته.
وقالت: “يجب أن تلتزم الحكومة السورية الانتقالية بالسماح للجنة بإعلان نتائج تحقيقاتها بشفافية تامة، من خلال نشر تقرير مفصل يشمل الحقائق التي تم التوصل إليها، وأسماء الجهات والمسؤولين الذين ثبت تورطهم، إضافة إلى المحرضين، لتمكين الرأي العام من الاطلاع على مخرجات التحقيق ومنع أي محاولات لإخفاء الأدلة.