سوريون متأملون بنهضة اقتصادية في البلاد بعد الاتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية

نورمان العباس – دمشق

في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي تشهدها سوريا، يأتي توقيع الاتفاق التاريخي بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي في 10 مارس/ آذار 2025، ليمثل نقطة تحول فارقة في مسار البلاد.

وأبرز بنود الاتفاق تنص على اندماج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرقي سوريا بمؤسسات الدولة، بما في ذلك المعابر والمطارات وحقول النفط والغاز مع التأكيد على الاعتراف بالمجتمع الكردي كمكون أصيل من مكونات الشعب السوري.

نهضة اقتصادية

يرى سكان سوريون أن الاتفاق يفتح آفاقاً لإعادة بناء الاقتصاد السوري المنهك  في وقت تُعتبر فيه الموارد الطبيعية في المناطق الشمالية الشرقية من البلاد، النفط والغاز والأراضي الزراعية، عناصر حيوية لنهضة اقتصادية شاملة.

ويشير عطا الشاعر، من سكان العاصمة دمشق، لنورث برس، إلى أهمية الاتفاق في إطار الوحدة الوطنية والموارد الطبيعية من النفط والقمح، مضيفاً أن الثقافة الكردية جزءاً غنياً من التنوع الثقافي السوري، مما يعكس تميز المجتمع السوري.

فيما تعرب شذى محمد من سكان مدينة حمص، وسط سوريا، عن تفاؤلها بأن الاتفاق سيعود بالخير على الاقتصاد السوري وعلى جميع المكونات المجتمعية.

وتشدد على أهمية الوحدة الوطنية، مشيرة إلى أن الثقافة الكردية منفتحة وهي إضافة قوية للنسيج الاجتماعي السوري.

فيما يرى محمد خليفة، من سكان دمشق، أن الاتفاق إيجابي للجميع، متوقعاً أن يؤدي إلى انخفاض الأسعار وتحسين الوضع المعيشي، معتبراً أن الوحدة الوطنية هي الهدف الأهم.

توحيد موارد البلاد

في حين يرى الدكتور تيسير المصري، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أهمية الاتفاق في توحيد موارد البلاد تحت سلطة واحدة، مما يعزز القدرة على إطلاق مشاريع تنموية كبيرة.

يقول “المصري”، إن المناطق الشمالية الشرقية، التي كانت خارج سيطرة الحكومة، تحتوي على ثروات طبيعية مهمة مثل النفط والغاز والأراضي الزراعية الخصبة، مما يجعلها محوراً استراتيجياً للتنمية الاقتصادية.

ويضيف أن الاتفاق سيمكن سوريا من استغلال هذه الموارد بشكل أفضل، بدلًا من تصدير النفط الخام دون استفادة محلية.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن إدارة آبار النفط والموارد الطبيعية ستمكن سوريا من تعزيز إنتاجها المحلي ودعم الأسواق المحلية، مما سينعكس على القوة الشرائية لليرة السورية.

كما يشدد على أهمية إدارة هذه الموارد بشكل اقتصادي لتحقيق الاستفادة القصوى منها، مشيراً إلى أن الأداء الحكومي الجيد سيكون عاملاً حاسماً في تجنب الفوضى الاقتصادية التي عانت منها البلاد سابقًا

تجميد العقوبات

يرى خبراء اقتصاد أن الأثر الإيجابي لهذا الاتفاق سيكوم من خلال الاستفادة من الترخيص الخاص بالإدارة الذاتية من قانون قيصر، والإسهام في تجميد عقوبات الاتحاد الأوروبي بشكل فعال، وكذلك تجاوز مشكلة الإمدادات النفطية والكهرباء عبر استجرارها وجلبها من مناطق الإدارة الذاتية.

وفي الـ28 من شباط/ فبراير 2025 وصلت أول ناقلة محملة بالمازوت إلى مصب ‏بانياس في سوريا منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية، بأن الناقلة التي وصلت تحمل على متنها أكثر من 30 ألف طن من مادة المازوت وقد وصلت إلى مصب الشركة السورية للنفط في بانياس بريف محافظة طرطوس.

وحتى الآن، رفعت بروكسل بعض القيود، بما في ذلك تلك المفروضة على الخطوط الجوية السورية وعلى الاستثمارات في الطاقة والبنية التحتية.

لكن لا يزال من المستحيل على السوريين في أوروبا إرسال الأموال إلى أقاربهم في البلاد عبر البنوك العادية بسبب العقوبات. 

ويقر مسؤولو الاتحاد الأوروبي بأن تخفيف الاتحاد الأوروبي للعقوبات لم يُحدث تغييرات جوهرية على أرض الواقع بعد.

وهذا ما عبر عنه بوضوح زير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، قائلاً إنّ خطوات الاتحاد الأوروبي “لم ترق إلى مستوى التوقعات”، وحثّ على مزيد من التخفيف.

وحتى لو رفعت بروكسل كل القيود، فإن معظم العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا لا تزال سارية، وهذا يُحدث فرقا كبيرا. فخلافاً للاتحاد الأوروبي، تُطبق الولايات المتحدة عقوباتها خارج أراضيها.

وتقول مصادر في الاتحاد الأوروبي إن هناك محاولات لفهم نوايا واشنطن تجاه دمشق، حيث تركز الحملة الدبلوماسية لإدارة ترامب بشكل كبير على أوكرانيا وغزة حتى الآن. ولم تُفصح الولايات المتحدة عن الكثير في مؤتمر المانحين الاثنين الفائت في بروكسل.

تحرير: خلف معو