“نعيش تحت تهديد دائم”.. أزمة سكنية ومنازل مدمرة في دير الزور

علي البكيع – دير الزور

في ظل ظروف اقتصادية متدهورة وارتفاع كبير في أسعار الإيجارات، يواجه العديد من سكان مدينة دير الزور تحديات يومية في تأمين مسكن جيد وخاصة في الأحياء التي تعرضت للقصف والدمار.

وبعد سنوات من النزاع والدمار، بدأت الحياة تدريجياً تعود إلى مناطق غرب الفرات في دير الزور، شرقي سوريا، حيث بدأ السكان بالعودة إلى ديارهم بعد سقوط نظام الأسد وخروج الفصائل الإيرانية.

لكن فرحتهم بالعودة لم تكتمل، إذ وجدوا أنفسهم أمام تحديات جسيمة تتعلق بإعادة بناء حياتهم في ظل الدمار الذي خلفته الحرب. لا تزال الأنقاض تحيط بهم، حيث تملا المنازل المدمرة والشوارع.

“نعيش تحت تهديد دائم”

يقول محمود الشيخ حمود، من سكان حي العمال في دير الزور، لنورث برس: “بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات، اضطررت لترميم منزلي المتهالك”، مشيراً إلى أنه كان نازحاً في الرقة، وعندما عاد إلى مدينته لم يتمكن من استئجار شقة لارتفاع أسعارها.

ويضيف أن “الواقع صعب جداً، والناس لا تجد مكاناً يليق بالعيش، كما أن الأسعار لا تتناسب مع دخلنا، لذلك الترميم هو الخيار الوحيد بالنسبة لي في ظل هذه الظروف، لكننا نعيش تحت تهديد دائم من خطر آخر وهو ارتفاع الإيجارات”.

ويشير إلى أن دخله اليومي بالكاد يكفي لتوفير الأساسيات، قائلاً: “دخلي كسائق سيارة هو 50 ألف ليرة سورية في اليوم، وهو بالكاد يكفيني لشراء الطعام”.

فيما أسعار الإيجارات تتراوح بين مليون إلى مليون ونصف ليرة سورية، على حد قوله، مضيفاً: “لا أستطيع تحمّل هذه التكاليف، لذلك قمت بتسوير نوافذ وأبواب منزلي باستخدام البطانيات والجوادر”.

وتتفاقم معاناة السكان من أزمة الإيجارات في دير الزور يوماً بعد آخر، حيث يعجز الكثيرون عن تأمين مكان يقيهم برد الشتاء أو حرارة الصيف.

ويعاني الكثير من السكان العائدين من عدم القدرة على إزالة الأنقاض أو حتى تأمين سكن بديل في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات ورواتب معدومة.

وبعد سنوات من الحرب، أصبح السوريون يُشكلون أكبر عدد من اللاجئين في العالم، حيث “ينتشرون في أكثر من 127 دولة”، وفق منظمة “هيومن رايتس ووتش”.

منزلي متضرر وراتبي لا يكفي

يقول جاسم العبد الله، موظف متقاعد من دير الزور، لنورث برس: “منزلي متضرر بشكل كبير بسبب القصف، ولا أستطيع تحمّل تكاليف الإيجار، عائلتي تتكون من 12 فرداً، وراتبي التقاعدي لا يكفي حتى لشراء الخبز”.

ويضيف أنه اضطر لترميم منزله باستخدام البطانيات على النوافذ والأبواب، فيما يسكن مع عائلته في ظروف صعبة، في ظل غياب مورد آخر لتحسين وضعه، مشيراً إلى أن الأسعار مرتفعة جداً، والراتب التقاعدي الذي يتقاضاه لا يكفي حتى للاحتياجات الأساسية.

ويتابع بالقول: “نحن في المنزل لا نجد ما يكفي من الغذاء، وكثيراً ما أضطر لتسوية الأمور بما هو متاح، البطانيات على النوافذ لا تحمينا من البرد، وهذا أصبح أمراً عادياً بالنسبة لنا، لكن المشكلة أن الجميع يعاني نفس الشيء.”

فيما يقول أحمد جلاد، من سكان حي العمال، لنورث برس: “منزلي مدمر بالكامل والحارة التي أعيش فيها دمرت بشكل كبير ولا يوجد سوى أربعة منازل صالحة للسكن في منطقتنا”.

ويضيف: “أنا أستأجر غرفة واحدة بـ 200 ألف ليرة شهرياً، وراتبي لا يتجاوز 250 ألف ليرة. الأسعار في ارتفاع مستمر، مشيراً إلى أن “الناس في الحي الذي يقطنه لا يستطيعون دفع هذه الأسعار ولا حتى شراء ربطة خبز”، على حد وصفه.

وفي حديثه عن صعوبة الحياة اليومية، يشير إلى أنه يعيش على الخبز والزيت والزعتر، قائلاً: “إذا قررت دفع 200 ألف ليرة للإيجار، فإنني سأبقى بمبلغ 50 ألف ليرة فقط، ولا يمكنني شراء اللحم أو الدجاج، لذلك نعتمد على الخبز والزيت فقط، فالمعيشة أصبحت صراعاً يومياً للبقاء على قيد الحياة.”

ويطالب السكان العائدين الجهات المحلية والدولية والمنظمات بالالتفات إليهم، مشيراً إلى أن دير الزور هي من أكثر المناطق السورية تعرضاً للدمار.

ونهاية كانون الثاني / يناير من العام الحالي، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، المجتمع الدولي إلى دعم إعادة الإعمار في سوريا؛ لتسهيل عودة ملايين اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.

تحرير: خلف معو